كمال كرار الدهنسة التقليدية لم تكن أكثر من تقديم الشكر لمن لا يستحقه،وإطلاق الأوصاف علي عواهنها علي ناس قريعتي راحت .ففي المناسبات المختلفة التي تضم العمد والمشايخ ، يتباري المتدهنسون بتوصيفهم بمختلف الصفات ، تارة شيخ العرب أو الأرباب، أو عشا الضيفان أو خلافه فينالون مقابل ذلك الهبات والأموال، وربما ركب أحدهم حمارة جديدة أو عجلة رالي. وجاء زمن آخر صار المتدهنسون فيه حكاماً ووزراء ومدراء شركات أو سفراء،تجدهم ينتهزون فرصة تعيين السدنة في مواقع إتخاذ القرار، فيملأون الصحف بالإعلانات الملونة وتدبيج الشكر للتنابلة بالقول أنهم أهل لثقة رئيس الجمهورية، أو أنه وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ومغزي هذه الإعلانات لفت نظر هؤلاء ، من أجل أن يكون للمتدهنسين نصيب في كيكة العطاءات والمشتروات الحكومية . أما الدهنسة آخر موديل فيعبر عنها الإعلان التالي : (السيد والي الخرطوم ،التحية والتجلة من كل الذين يقفون من خلفك بإنجازاتك الكبيرة في هذه الولاية التي لا تخفي علي أحد .هكذا يكون العظماء من الناس، فقط إمضي إلي الأمام بخطوات ثابتة في التنمية .حقاً هم هكذا، يتركون جبال الإيجابيات لديك ويبحثون عن أدق سلبياتك،سحقاً لعقول هكذا) والإعلان الملون المدفوع الأجر المذيل باسم شركة مشهورة، يزيد علي الكلمات بصورة كاريكاتيرية فيها جبال الإيجابيات وواحد مغلوب علي امره يفتش بعدسة مكبرة عن السلبيات . كدة الدهنسة ولا بلاش . أما إنجازات الولاية ولا نقول الوالي التي لا تخفي علي احد، فهي تجفيف المستشفيات وتحطيمها، وترك الأطفال المرضي يموتون لأن المستشفي الحكومي الوحيد يراد له أن يكون مرجعياً، ومن إنجازات الولاية الأخري طرد السكان من أراضيهم بحجة تخطيط الخرطوم، ومطاردة الغلابة عن طريق الكشات، وبيع الميادين العامة والمدارس لمنسوبي النظام . وجبال الإيجابيات التي نعرفها هي ملايين الفقراء والمتسولين الذين يملأون شوارع الخرطوم ، والمجاري الطافحة، والبيئة المتردية،وأزمة المواصلات المستفحلة والفساد الذي يزكم الأنوف . عرفنا فيما مضي وظائف وحاشية ترتبط بالوالي ومنها نائب الوالي، ومدير مكتب الوالي، وسواق الوالي، وزوجة الوالي( نمرة كم ؟)، ثم الوظيفة العجيبة حرس الوالي، والفكرة العجيبة التحلل من الثراء الحرام ، ويمكن أن نضيف لهذه الدرجات الوظيفية مسمي جديد هو ( كسّار تلج الوالي) ، والتلج أنواع ألواح ومكعبات وبلوري وما خفي أعظم . وستغني المغنية في ليلة زفاف ابنة الوالي ( من عيونك يا غزالي ، يا كسّار تلج الوالي)، فتنطرب أحزاب التوالي،والنقطة بالدولار الغالي، وفي ركن قصي من المدينة يطردون بائعات التسالي، وتتجه الكشات نحو أصحاب الطبالي،ويهمس السادن في أذن أحد المتدهنسين ( دايماً علي بالي)