[email protected] بالأمس توافد المئات من الشباب من الجنسين نحو مكتب والي الخرطوم استجابة للدعوة التي أطلقها ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي وذلك رداُ علي دعوة الوالي لكل عاطل بالحضور إليه مباشرة لتشغيله بقوله( أي زول ما لقي شغل يجيني مباشرة) ولا ندري لماذا أطلق الوالي هذا النداء؟ماذا يقصد من وراء دعوته ؟ أهو جاد في أن يجد عملاً لكل عاطل في ولايته ،أم انه يتحدي الجميع بعدم وجود عاطل واحد عن العمل في ولايته ، لا احد في هذه البلاد يستغرب من مثل هذه الهرطقات فقد تعودنا علي سماع العجب العجاب من أهل السلطة زمانا طويلا ربع قرن ونحن صابرون محتسبون!! فهم يطلقون القول علي عواهنه لا يبالون ولا يستحون والحياء من الايمان ولا يخافون أن يحاسبهم أحد لا الحزب الذي ينتمون اليه ولا من أنتخبهم من الجماهير ولا المجلس التشريعي المختص, ولكن هذه المرة وقع الوالي في شر أعماله بسبب فلتان لسانه فالقمه الشباب حجراً ضخماً في فمه فهل يصوم عن الكلام المرسل بعد اليوم؟ أم أن الطبع سوف يغلب التطبع ، فقد توافد الشباب زرافات ووحدانا صوب قصر الوالي يرفعون شعارات جمعت بين الجدية والسخرية وهم يدركون ويعلمون علم اليقين عدم جدية الوالي في دعوته وقد تبين لهم ذلك بالبيان الذي أصدره مكتبه يصحح ما صدر من الوالي ويشرح ما يقصده الوالي مع أن الكلام كان واضحاً لا يحتاج إلي شرح وحواشي ولكنهم ارادوا أختباره هذه المرة فسقط الرجل كما سقط مرات عديدة أخرها فضيحة مكتبه التي سار بهاالعالمين ، فليدرك المسئولون بعد هذه التجربة الفريدة أن هنالك وسائل مبتكرة لمحاصرتهم وكشف زيفهم . أن طق الحنك علي الهواء مباشرة يجلب لهم السخط والحرج والسقوط ، ماذا يفعل الوالي الآن بمئات الشباب الذين لبوا دعوتهم وبعشرات الآلاف من العاطلين الذي لم يكلفوا أنفسهم عناء الحضور إلي مكتبه وهم علي يقين أن لا شئ سوى خسرانهم تكلفة الحضور إلي مكتبه وعناء الوقوف في الشمس الحارقة هذه الأيام , كلنا يعلم أن البطالة مشكلة خطيرة علي اي مجتمع لأنها أهدار للقدرات البشرية عندما لا تتوفر فرص للعمل للباحثين عنها ومن أسباب هذه المشكلة أخفاق خطط التنمية الاقتصادية وفشل برامج التخطيط الاقتصادي والتوجيه غير السليم للموارد المالية والفساد وفي حالة السودان لم تبذل أصلاً جهوداً حقيقية للتصدي للمشكلة ، بل سعت الحكومة بتدبير منها أو بسوء أدارة إلي تجفيف مؤسسات كانت يمكن أن تستوعب الآلاف من الخريجين مثل مشروع الجزيرة الذي أصبح أثرا بعد عين، وكذلك الصناعات التي توقفت تماما فأغلب المصانع في ولاية الخرطوم لا تعمل وهذه المصانع يمكن أن تستوعب أعدادا مقدرة من الشباب وبالتالي فأن الولاية لم تبذل جهوداً لتشغيل العاطلين وهم بمئات الآلاف في الولاية ومع ذلك يتحدي سعادته العاطلين بعدم وجود عاطل عن العمل في الولاية والا فليأتني مباشرة فقد أتوه مهرولين فماذافاعلا يا والينا الهمام ( شغلنا واتحلل) ، اننا لم نطلب من الوالي المحترم إلاّ ما تعهد به أبان حملته الانتخابية قبل أربع سنوات ، كما وإننا لم نطلب منه بطبيعة الحال ان ينفق علي الشباب العاطل من ميزانية ولايته كإعانات مع أن هذا من أولويات ولاة الأمور فهذا عمر بن الخطاب يقول لأحد ولاته (ان الله استعملنا علي الناس لنوفر حرفتهم ونستر عورتهم) هذا منهج الإسلام فأين انتم ياأصحاب المشروع الحضاري !! ، كم هي المدارس التي شيدتها الولاية لتدريب الشباب وتأهيلهم في مختلف المجالات مثل النجارة والحدادة والزراعة وغيرها من الحرف التقليدية والحديثة، فان الحرفة أمان من الفقر ، غياب الدولة عن معالجة هذه المشكلة سوف يودي إلي انتشار الإحباط المعنوي والقنوط لدى فئات واسعة من الشباب مما تدفعهم إلي ما لا تحمد عقباه ! والي اللجوء إلي أساليب غير شرعية للحصول علي المال، ومن مخاطرها أيضابروز ظاهرة الفقر والحاجة التي تؤدي إلي تخلف الأوضاع الصحية وتراجع الاهتمام بتعليم الاولاد وانتشار الكسب غير المشروع والمتابع للأوضاع في البلاد يجد أنها قد وصلت الي درجة خطيرة من التردي, ومن مخاطرها أيضا انتشار التفكير في الهجرة إلي الدول الأوربية ليقع شبابنا فيما لا تحمد عقباه ، من الموت في عرض البحر أو الوقوع في قبضة شبكات الأجرام العالمية ، المسألة ليست بالبساطة التي ينظر إليها المسئولون ربما لأنهم لا يعايشون المشكلة ولا يحسون بها فهم وأهليهم وأصحابهم ومريديهم في نعيم لا ينقطع ، هل فكر الوالي يوماً بان يقوم بدراسة حال الاسر في ولايته ؟ فاغلب الأسر يعيشون علي حد الكفاف ولا يجدون اي عون من الحكومة أين تذهب اموال الزكاة واموال صناديق وجمعيات ما انزال الله بها من سلطان نسمع عنها ولا نراها ، ماذا لو أقدم الوالي والمسئولين في ولايته علي التنازل عن بعض مخصصاتهم لصالح الشباب , فليكتفي الوالي والوزراء والمعتمدين والمديرين بعربة واحدة لكل منهم لاستخدامه واسرته هذا الامر يوفر مبلغ محترم , وفوق هذا فأن الحد من الفساد المستشري في الولاية … بتطبيق قانون من أين لك هذا يوفر مبالغ ضخمة تكفي للحد من ظاهرة البطالة هذه الأجراءات ليست مستحيلة ولكنها تحتاج إلي أولي عزم يستوعبون المشكلة بكل أبعادها وبسعون الي الحلول بالتخطيط السليم والتنفيذ المحكم مستصحبين مسئولياتهم الدينية والوطنية , أما ما نراه من تردي وقصور إلي درجة ان يتظاهر الناس احتجاجاً علي عدم توفر مياه الشرب في ولاية تقع بين نهرين من أنهار الجنة فهو أمر محزن ومبكى وشر البلية ماتضحك , مالكم كيف تحكمون؟