يجيىء اليوم الثامن من مارس ( يوم المرأة العالمى ) هذا العام ، وبلادنا تمر بمنعطف خطير و” جديد ” ، فى مستنقع حزمة إنتهاكات حقوق الإنسان بصورة عامة ، وبخاصة الإنتهاكات الموجّهة ضد النساء. وحقّهن فى الكرامة والحياة. حيث أدخل جهاز الأمن سلاح (الإغتصاب) فى ظاهرة عنف الدولة ومؤسساتها القمعية ضد النساء. وضد تطلعاتهن المشروعة فى التغيير نحو الأفضل والغد الجديد. وفى سبيل تمكين النساء من القيام بدورهن فى التنمية وفى رخاء المجتمعات والشعوب والأمم . وحقّهن فى المساواة وكافة الحقوق السياسة والإقتصادية والإجتماعية. ولن نمل التكرار فى ذكرى الإحتفاء بهذه الذكرى العزيزة على قلوب النساء وأفئدة مناصرى قضايا المرأة من الرجال، إعادة التذكير ببعض من قصص نضالات المرأة وبطولاتها الآسرة فى كافة العصور والأزمنة البعيدة والقريبة. وسنذكر بالعرفان و التقدير- على سبيل الذكر، لا الحصر – معارك و نضالات وبطولات وإنتصارات المرأة، منذ أن خرجت جماهير النساء فى نيويورك عام 1857 فى التظاهرات السلمية الإحتجاجية على أوضاع العمل المزرية للنساء. والتى دفعت – وقتها – بأجندة قضايا المرأة العاملة فى الساحة السياسية اليومية. فكانت واحدة من نتائجها ( بعد عامين ) تكوين اوّل نقابة نسائية لعاملات النسيج فى أمريكا. وجاءت بعدها مسيرات الثامن من ماس 1908، التى خرجت فيها آلاف عاملات النسيج، تحت شعار ( خبز و وردة ) حيث كانت النساء المتظاهرات يحملن قطعاً من الخبز اليابس وباقات من الورد. كأروع تعبير وإستخدام خلّاق لجدلية الرمز و الدلالة. وكانت – يومها – المطالبة بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الإقتراع. ولن نعبر دون أن نذكر بالفخر ذكريات عقد أوّل مؤتمر للإتحاد النسائى الديمقراطى العالمى – باريس – عام 1954، حيث كان اوّل إحتفال عالمى باليوم العالمى للمرأة. وجاء ميلاد الإتحاد النسائى السودانى 1952 تتويجاً لكل هذا الأرث الإنسانى المجيد. ولنضال المرأة السودانية فى العصر الحديث. لكل هذا وذاك، لم تكن محض صدفة أن تخرج الناشطة السودانية صفية إسحاق، وهى الفنانة التشكيلية اليافعة، ضمن المئات من النساء والرجال، فى تظاهرة سلمية، من أجل التغيير. كما لم تكن صدفة – أيضاً – أن رصدت حركتها الأجهزة الأمنية، و قرّرت إعتقالها، وإقتيادها لواحد من الأقبية الأمنية بل والإنتقام منها بواحدة من أحطّ وأخسّ آليات العنف ضد المرأة والإنسانية جمعاء (الإغتصاب) بقصد إذلالها وتحطيمها نفسياً ومعنوياً وجسدياً، ولكن هيهات. فقد قالت الناشطة صفية كلمتها ” عشان الحاجات تبقى كويسة ” !…وكسرت بصمودها وشجاعتها وجرأتها الفائقة “حائط الصمت ” . وأصرّت على مواصلة تحدّى ومقاومة دولة الفساد والظلم وقهر وإغتصاب النساء، بأسلحة الفرشاة واللون واللوحة التشكيلية. وظلّ منفذوا جرائم إغتصاب النساء محل إحتقار الشعب، يحصدون الخزى والعار والخذلان . وحتماً ، فإنّ يوم الحساب لآت و هو قريب !. التحية لنضال النساء السودانيات عبر كافة تنظيماتهن وجمعياتهن الديمقراطية المعبرة عن إرادتهن الحقّة. وفى قلب هذه الحركة الجسورة التنظيم الرائد (الإتحاد النسائى السودانى) صاحب التأريخ المشرّف والإرث الخالد والحاضر المجيد والمستقبل الواعد. وفى مراكز دراسات وأبحاث وبث وعى وعدالة وحساسية النوع (الجندر) فى الجامعات وكافة منظمات المجتمع المدنى. التحية لنضال النساء السودانيات فى الوطن (فى ” البلدين ” بإعتبار ما يكون بعد 9 يوليو 2011 ” )، و فى كل المنافى والمهاجر القريبة والبعيدة، وهنّ يواصلن مشاوير مسيرة العطاء والبذل والتضحيات الجسام، فى سبيل تحقيق تطلعاتهن المشروعة. وتطلعات شعبنا فى العيش بكرامة وحرية وسلام مستدام ومستقبل أخضر للأجيال القادمة. ولتتواصل جهود العمل المشترك والتنسيق المطلوب. وفق جدلية (تعدد المنابر، وحدة الهدف). فقد أصبحت القضية والمعركة أكبر وأهمّ – الآن – من أى وقت مضى، من أن تخوضها تنظيمات النساء منفردة أو متناحرة . وقد ” بلغ السيل الزبى ” أى ” جاوز الحد وزاد عن المعقول أو خرج عن المألوف ” كما ورد فى الأثر الخالد !… وقديماً قال الشاعر الحكيم ” تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً …وإذا افترقن تكسرت آحادا ” … فما العمل ؟ !.