في بحر عام واحد اعتقل النظام السوداني نفسه عدة اعتقالات وغرق في خضم حرب كلامية داخلية ودولية لا نهاية لها ولا يرجى توقفها ما لم تع القيادة السياسية للنظام الحاكم خطورة ما تقدم عليه من انتهاكات لحقوق الإنسان، والشيء المدهش أن آخر عملية انتهاك كانت متزامنة مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان التي يقبع على إثرها رجلين ممن ناهضوا استبدادها وآخرون لا يقلون عنهما قدرا السيد فاروق أبو عيسى والسيد أمين مكي مدني المحاميين. استعدت الحكومة السودانية كل السودانيين من زراع مشروع الجزيرة إلى قادة الرأي الإعلامي والقانونيين وقادة المؤسسات السياسية بل حتى المراكز الحقوقية المستقلة. منذ أن أعلن عن خطاب الوثبة الرئاسي أمسك ممسكون بعصم الأمر الحكومي راحلة الحوار الوطني ولم يدعوها تتخذ لها موضعا يبنى عليه السودان الذي تسوده الديمقراطية والسلام وحقوق الإنسان، وهؤلاء المعرقلون لمسيرة الحوار الوطني أوعزوا للحكومة اعتقال الإمام الصادق المهدي إمام الأنصار و رئيس حزب الأمة القوي على خلفية اتهامه لقوى مليشوية بارتكاب فظائع تستوجب التحقيق ومن بعده الأستاذ إبراهيم الشيخ رئيس حزب المؤتمر السوداني في أشد الظروف الوطنية ضيقا وترديا اقتصاديا وسياسيا وحقوقيا وأمنيا، فسول هؤلاء المسولون لأنفسهم اعتقال النظام بحصاره بين جدران حقوقية وإنسانية وديبلوماسية جعلت من كل عاقل عدوا له. استمرت حملة الإساءة بموجة سبتمرية عقب ذكرى سبتمبر التي نالت حظا وافرا من التضييق والاعتقال بلغت ذروتها باعتقال نائبة رئيس حزب الامة القومي الدكتورة مريم المهدي وعجت زنازين النظام في سجن كوبر ومعتقلات موقف شندي وقصر أم درمان جوار الجوازات ببانت بما لا حصر له ولا عد من معتقلي الكلمة والسلمية، بل كسرت أقلام وحوصرت اعتقالا وتشريدا وترويعا أشهرها قلم الصحفي النور أحمد النور الذي اعتقل وثلة من صحفيي الصحف السودانية اضطر بعضهم لاختيار المنفى الاختياري واللجوء في إحدى الدول التي تراعي فيهم إلا وذمة. أغلق النظام كل الأبواب الداخلية التي تقود لحوار وطني داخلي جاد بما أقدم علي من خطوات وإجراءات تعسفية لا يقدم عليها عاقل أو رشيد، مما حدا بالحادبين على الوصول العاجل لتسوية سياسية شاملة وتحقيق سلام عادل شامل وانهاء حقبة الاستبداد والفساد بالسفر للقاء إخوتهم في الوطنية حركات مسلحة أو أحزابا سياسية في حراك مراثوني ابتدأ من كمبالا وباريس ودار السلام وأنجمينا وغيرها انتهاء بأديس أبابا التي وقع فيها الفرقاء السودانيون على وثيقة (نداء السودان) الذي يعد اجتهادا بشريا يحتمل التصويب أو التعديل أو الحزف والإضافة أو القبول به في حال لبى تطلعات القابضين على الجمر، فكان قادة النظام أيأس الناس من إخوته في الوطن وزج بهم في الزنازين والإخفاء القسري دون أن يراعي إلا ولا ذمة وتمادى بإغلاق الأفوله التي طالبت بفك سراحهم وصعد من حدة النبرة الحربية التي ناشد السودانيون والأسرة الدولية بخفض وتيرتها في جنوب كردفان والنيل الأورق ودارفور بتصعيد شهدته العاصمة بعروض بزخية مستفزة لا معنى لها في العاصمة قبل الولايات تمتص قوتها من زاد الشعب المغرق بالفقر. جهر ضد هذا التوجه شجعان من قادة الحق والحقيقة بل تداعوا في مكاتب ومنظمات والاسافير المختلفة تلبية لنداء الحقوق منهم صحفيون وإعلاميون بقامة الأستاذ محمد لطيف الذي بلغ من الجراءة مبلغا تحريضا عظيما في عموده الراتب سارت بمقالته النقالات وضجت بها الأسافير ولم تك تلك المرة الأولى إذ ظل لطيف قلما قويا صادقا صادحا بالحق في كل الملمات كتابة وقولا في الاستضافات المتعددة التي يحلل فيها أقوال الصحف بقناة النيل الأزرق، كما نشطت جمهرة القوى السياسية وتنادت لدور بعضها لاتخاذ ما يلزم من تدابير تخرج البلاد قبل المعتقلين مما هي فيه، آخذين في الاعتبار أن الحكومة تسعى لإيهامهم وصرف أبصارهم عن فظائع عظمى ستقدم عليها وتشغلهم بالمطالبة بحقوق أساسية لا تحتاج لاحتجاج أو تصعيد وأجمل ما قابلت به القوى السياسية هذه الحملة الشعواء ضد الحريات تلبيتها لدعوة مقدمة من حزب الأمة القومي لمناقشة مذكرة مقدمة من مؤسسات الحزب لمجلس الأمن ناقشتها تلك القوى وتعمل لإشراك أهل السودان حولها للحؤول دون ارتكاب مزيد من الفظاعات وانتهاكات حقوق الإنسان في المناطق الثلاث، الحصار الدولي بلغ ذروته بما نشرته الصجف العالمية حول تقارير الشفافية والدول الفاشلة التي تقدم السودان الصفوف كالعادة فيها وغيرها مة تقارير حقوق الإنسان وقرارات البرلمان الأوروبي، هذا السعي الحثيث لانتهاك حقوق الإنسان من الحكومة السودانية جعل منها حكومة معاقة لا تستطيع تلبية أدنى تطلعات شعبها الصحية والخدمية والإيوائية لمن شردتهم زخات الرصاص. سيدفع الثمن معارضون أمثال الأستاذ فاروق أبو عيسى و الأستاذ أمين مكي مدني والدود وغيرهم وستنهب ممتلكات وتصادر أدوات وأجهزة الكثير من المراكز الحقوقية وستضج الزنازين بالنشطاء وستمتليء أرض السودان بالدماء والجماجم ولكن سيتسع الخرق على الراتق الدولي قبل المحلي وسيحصد الإنقاذيون ما زرعوا وسيأكلون بعضهم البعض لأن الحصار المضروب على الدولة سيقلل من ريع بعضهم وستتناقص جعولهم التي ينهبونها من الدولة وفق ما ورد في تقرير المراجع العام للعام 2014 وكل هذه الأسباب ستكون كفيلة لضرب حصار واعتقال للنظام يصعب الفكاك منه ولو أتى بروفيسور مختار الأصم بعصاه الإنتخابية السحرية التي لن تخرج النظام من عزلته وحصاره الديبلوماسي السياسي الاقتصادي بل سيجمع الأصم تلك القصاصات الورقية التي يظن أنها ستحقق تحولا ديمقراطية ويكتب على ظهرها سفرا يسطر فيه حسرته على أكبر جريمة ترتكب في حق شعب دفع له من حر ماله ليدرس مجانا وليبتعث خارجيا فيكون ذلكم البروفيسور. إلى أن تنطق الأفواه بالحق ويرجح ميزان العدل سنظل نسطر أقوالنا ونبني آمالنا ونربط على قلوبنا وآلامنا وندق الباب حتى تكل المتون ويتحقق حسن الظنون بهذا الشعب وإرادة الله التي تؤتي وتنزع وتعز وتذل وتنصر المستيئسين.