[email protected] اذا كانت سنوات عملي في الوسط الاعلامي بدولة الامارات العربية المتحدة قرابة الأعوام التسعة قد شكّلت إضافة حقيقية لي ومنعطفا أعتز به في حياتي المهنية , فإنها أيضا فتحت أمامي آفاقاً رحبة وجمعتني بالعديد من رموز الصحافة والأدب والفكر والثقافة والفن سواء من السودانيين أو سائر بلداننا العربية الأخرى , منهم من لايزال على قيد الحياة ومنهم من إنتقل الى جوار ربه , وهم عدد كبير ليس هنا مقام الحديث عنهم , ولكني سأفرد لذلك مقالا لاحقا باذن الله تعالى لاسيما نجوم السودان الكبار منهم على وجه الخصوص ( مقيمين وزائرين). قامات خليجية إكتسبت شهرة واسعة في مختلف ضروب الفنون تعرّفت اليها خلال تلك السنوات العامرات في عروسة الخليج الأنيقة (أبوظبي) وفي عهد باني نهضتها وصانع وحدتها الراحل / المقيم (الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان) طيب الله ثراه . ومن تلك القامات السامقة في مجال الشعر والتي تشرّفت بلقائها والتعرُف إليها عن قُرب شاعر البحرين العظيم (عبد الرحمن الرفيع) الذي رحل عن دنيانا يوم الحادي عشرمن مارس هذا العام . وقد أكرمني هذا الشاعر العظيم بإهدائي أربعة من دواوينه الشعرية وقد مهرها بتوقيعه الأنيق حيث صدرت له لاحقا خمسة دواوين أخرى لم أتشرّف بقراءاتها نسبة لانتقالي من الخليج الى أوروبا والتي سافرت اليها لاجئاً سياسياً دون إرادة مني .. وتلك قصة أخرى ليس هنا مجال للحديث عن تفاصيلها وقد نشرتها في وقتها بصحيفة (الخليج ) الإماراتية ثم لاحقاًلآ بالعديد من المواقع الاليكترونية . الشاهد أن (عبد الرحمن الرفيع) المولود بالمنامة عام 1936 كان شاعراً خليجياً فحلاً ومحبوباً يمتاز بخفة الدم وروح الدعابة والعبارة الجزلى/ الرنانة والإلقاء المميز .. كان صاحب مفردة شعرية لاذعة في هجائه ورومانسية في عشقه وغرامه وصانع لوحات تصويرية بديعة خاصة تلك القصيدة التي تعد واحدة من أشهرقصائده لدى أبناء الخليج , وهي القصيدة التي تصورسيدة أجنبية (خواجية) كانت تقود كلباً تتجوّل به على كورنيش المنامة , فرآها شاعرنا وتمنى لو أنه كان هو ذلك ( الكلب المحظوظ) مما أدى الى انفجار الحضور ضحكاً وتصفيقاً تفاعلاً مع هذه اللوحة الرائعة التي رسمها شعراً وكأنها فيلم يشاهدونه أمامهم على الشاشة .. ومثلها قصائد كثر مثل : ( الله يجازيك يازمان) و( البنات) و ( أمي العوْدة ) وغيرها.. وغيرها . وان كان تقدٌم العمر – لدى البعض – كثيراً ما يكون خصما على عطائهم وإبداعهم , فان شاعرنا الراحل كان يزداد تألقاً كالذهب وسط لهيب النار كلما إشتعلت إزداد توهجاَ ولمعاناَ . حصل (عبد الرحمن الرفيع) على العديد من جوائز الإبداع الشعري والأدبي أيضاً منها الجائزة الأولى للمسابقة المحلية ( هنا البحرين) , فضلا عن العديد من المقابلات التلفزيونية والإذاعية واللقاءات الصحفية , كما تقلد العديد من المناصب منذ تخرجه من كلية الحقوق بالقاهرة , حيث بدأ حياته العملية معلماً ثم انتقل للعمل بوزارة الدولة للشؤون القانونية قبل تقلده منصب مراقب للشؤون الثقافية بوزارة الإعلام البحرينية حتى أقعده المرض اللعين . ألا رحم الله شاعر البحرين العظيم (عبدالرحمن محمد رفيع) بقدرحروف شعره ونثره رحمة واسعة .. والعزاء موصول للأحبة من أبنائه الأفاضل : (فهد) و(فيصل) و(خالد) وعموم أهلنا الكرام في (البحرين) لاسيما قبيلة الشعراء منهم .