في اجتماعه مع "الجالية السودانية" في مدينة نواكشوط العاصمة الموريتانية، يوم الأثنين الماضي كرر الرئيس عمر البشير كلمات "انتهاء وعصابات وعملاء"، في وصف قوي المقاومة الثورية في دارفور وقوي المعارضة، أربع عشرة مرة وهذا يدل علي كم أنه يحاول إقناع نفسه بهذه "الكذبة" التي اخترعتها أجهزته الأمنية أكثر من إقناع الذين يحاولون إيجاد حل سياسي لهذه الأزمة التي عُدت شائكة ومعقدة وعلي لم أنه أيضا يحاول إيجاد مبررات مقنعة لارتكابه كل هذه الجرائم التي ارتكبها والتي يرتكبها ضد شعب له مطالب إصلاحية محقة من المفترض أنه شعبه. عندما يكون جيش تحرير السودان، الذي كل ضباطه علي مختلف رتبهم وكل ثواره وكل جنوده من المنشقين عن الجيش النظامي "العقائدي"!!، مجموعات وشراذم وعصابات مسلحة وعندما تكون قوي المقاومة الثورية وقوي المعارضة، التي كل قياداتها معروفة وبالأسماء الثلاثية والرباعية، مجموعات من القتلة والمأجورين وعملاء لدول أجنبية فلماذا إذن يطرح عمر البشير مشروع الحوار الوطني "وثبة البشير" ولمن يطرحه ثم ما معني أن يقول: إنه لا ينبغي أن يكون هذا الحوار المفتوح بين مجموعات حصرية بل جميع السودانيين وعلي كل المستويات لأنه يدور حول مستقبل السودان.. نحن ما يزيد عن سبعة وثلاثون مليون سوداني ولنا الحق جميعا في المشاركة في صياغة مستقبل البلاد..؟!. قال عمر البشير في حديثه ل"الجالية السودانية" بأن التمرد في دارفور انتهي إلا مجموعة صغيرة لعبد الواحد حصرت نفسها في مدخل جبل مرة، وأردف قائلا: يمكننا الانخراط في حوار مع المعارضة لكن لا يمكننا الانخراط مع هؤلاء العملاء قبل أن يسلموا أسلحتهم.."!! وهذا يعني أنه لا ضرورة لكل هذه الوساطات الإقليمية والدولية ولكل الجهود التي لا تزال تبذل علي هذا الصعيد والتي كانت بذلت علي مدي الخمسة عشر عاما من مشروع الحل الأفريقي الذي أفشله هذا النظام قبل أن يري أي مبادرة النور إلي مبادرة ثابو أمبيكي ذات نقاط جديدة إلي بيان أديس أبابا إلي اجتماعات مجلس الأمن الدولي التي تصدي لها الروس والصينيون والأفارقة وحاولوا دون اتخاذها أي قرار- حقن دماء أبناء الشعب السوداني ويضع حدّا لهذه المأساة السودانية المتصاعدة. إنه لم يعد هناك أي أمل بأي حل سياسي يوقف شلالات الدماء ويضع حدا لهذه المأساة التي يعيشه السودان ويعيشه السودانيون ما دام أن عمر البشير قد قال هذا قاله وما دام أنه يعتبر أن هدف الحوار الذي دعا إليه هو: "فتح الباب للمسلحين لتسليم أسلحتهم" وأيضا ما دام أنه يعتبر أن التدخل الإيراني والقطري والتشادي والروسي والصيني وتدخل ميليشيات مرتزقة وجماعات إرهابية في الشؤون السودانية الداخلية دعما للشعب السوداني في حربه ضد المارقين والعملاء والمأجورين ولذلك فإنه لم يعد هناك أي مجال للحديث عن أي حلول سياسية. وأي مفاوضات ما لم توفر للقوي المقاومة الثورية وللمعارضة عامة الدعم الكفيل يإيجاد تغيير حقيقي في موازين القوي علي الأرض يُلزم المجموعة الحاكمة في الخرطوم بالتخلي عن تعنتها والقبول بالتنحي السلمي عن السلطة كما فعل الرئيس المصري السابق حسني مبارك وا]ضا كما فعل علي عبدالله صالح وعلي بن زين العابدين. إن الأزمة السودانية، هناك ثلاث دوائر للحل باتت عاجزة وغير قادرة أن تفعل أي شئ' فالنظام, يعتبر أن كل هذا الذي يجري عبارة عن مؤامرة دولية ضده وأنه في كل ما يقوم إنما يحارب العملاء الذي يستهدف السودان كدولة "الإسلام والمقاومة" ومعروف شتائم الكيزان!! وذلك في حين أن المعارضة تعتبر أن هناك ثورة شعبية ضد نظام فقد شرعيته وكل هذا بينما من هم في الدائرة الخارجية منقسمون علي أنفسهم فبعض الدول لها رأي تتمسك به وتعتبره خشبة الخلاص الوحيد بينما الأخري لها رأي أخر وهكذا فقد نص الاتحاد الأفريقي من الناحية الفعلية معطلا وهو سيبقي معطلا ما لم تطرأ معجزة حقيقية في زمن ليس فيه معجزات. وبهذا فإنه لم يعد هناك أي خيار إلا خيار الحل العسكري فعمر البشير، وفقا لما قاله ل"الجالية السودانية" في موريتانيا، مصر علي حلول العنف والقوة ومصمم علي الذهاب بهذا الشوط حتي النهاية وهذا يعني أنه علي المجتمع الدولي، التي تعرف تمام المعرفة أن ما يجري في السودان هو صراع إقليمي يشكل امتدادا لصراع دولي أوسع هي رقم رئيسي في معادلته، أن تحسم أمرها نهائيا وأن تتخلي عن مواقفها المانعة، الذي ساهم مساهمة رئيسية في وصول الأوضاع إلي ما وصلت إليه، وأن توفر للشعب السوداني ما يجعله قادر أولا علي الحد من نفوذ التنظيمات الإرهابية والميليشات الأجنبية وتحجيم أدوارها وثانيا إلزام النظام السوداني بالاستجابة لدعوات تنحي رئيسه والانخراط في أقرب وقت ممكن في مرحلة انتقالية تشرف عليها حكومة وطنية وبصلاحيات كاملة.