وقبل ان يهاجر الشاعر الشاب عاطف خيرى نعى البلاد وهى بعد لم تتدحرج إلى قاعها السحيق الذى هى فيه اليوم بقوله :(الرجال على وشك ان يبيعوا شيئاً عزيزاً فأحترس) ولا ادرى بماذا كانت ستجود قريحة شاعرنا من قريض المراثى والبلاد تبيع كل ما هو عزيز ورخيص وكل شىء بإمكانه جلب المال, وما فاحت به صحافة الخرطوم اليوم من خبر الفضيحة الكبرى الذى يؤكد بدفن الصين عدد (60 )حاوية مواد خطرة بالبلاد كفيل بزعزعة الطمانينة فى نفوس المواطنين وفقدان الثقة فى السلطات فيا ترى (السطة دى دافنة لينا شنو تانى)؟ وفق نهج مراسم الدفن السرية التى تتبعها, وفى متن الخبر : كشف مسؤول سابق فى هيئة الطاقة الذرية عن تخلص دولة الصين من 60 حاوية محملة بمواد خطرة فى السودان إبان عمليات تشييد سد مروى , وأكد المسؤول السابق بالطاقة الذرية محمد صديق انه تم دفن 40 من هذه الحاويات فيما تبقت 20 حاوية تركت فى العراء دون ان يحدد مكان وجودها أو المكان الذى دفنت فيه هذه المواد الخطرة وقال صديق فى مداخلته بورشة عمل حول رفع الوعى بالمخاطر الكيميائية نظمتها الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس ان عدد من الدول الاسيوية الصناعية تستهدف دول افريقيا للتخلص من نفاياتها الخطرة .إنتهى الخبر وبنهايته يمكن القول كذلك إنتهى السودان الذى تقايض سلطاته ارواح الناس بحفنة دولارات, ويبدو ان البلاد قد اضحت ملجة للنفايات الخطرة فبالأمس فاحت فضيحة الأربع حاويات المحملة بالنفايات الإلكترونية التى ثار الجدل حول المورٌد والجهة التى أرسلتها ولا ندرى إلى أى شى بلغ الجدال! وهل من امة فى الارض تنتاشها الرزايا والبلايا بفضل سلطاتها إلانا وتخيلوا معى لو ان الأمر قد حدث بأية دولة أخرى تحترم مواطنيها وحقوقهم, فان أقل التوقعات تقول بأن حكومة تلك الدولة كانت ستبدأ تحقيقا فوريا مع جهات الصلة بالحادثة وبعد ان توقع على المتورطين العقاب المناسب مع حجم الجرم فى حق المواطنين والبلاد كانت حكومة الدولة تلك ستتقدم بإستقالتها وتذهب معززة مكرمة لأنها ثأرت لمواطنيها من المتلاعبين بأرواحهم ,فلماذا يرتضى لنا ساستنا بأن تصبح بلادنا مكباً للنفايات الخطرة علماً بًن نفاياتنا التقليدية قد هزمتنا وتكومت بميادين الأحياء والأسواق لتظل نهباً للقطط والكلاب والباحثين عن الخردة والباقى تتولى أمره الرياح فتزروها يمنة ويسرة لتغطى مساحات واسعة من الخرطوم العاصمة و(مكان الرئيس بينوم والطيارة بتقوم) , لماذا تغامر حكومتنا بدفن هذه المواد الخطرة فى أراضينا! فالأمر جد خطير ولا يمكن السكوت عليه, وإلا فلتستعد البلاد لمجابهة المزيد من السرطانات وكل الأمراض التى ستمرح وترتع فى أجساد مواطنى البلاد دون توفير لعلاج سوى الكيماوى الذى يعمل على إبطاء الخلايا السرطانية وعلى إطالة أمد العذاب مع المرض إلى ان يقضى الله أمراً كان مفعولا! وعليه ولمواجهة هذه الكارثة الصحية والبيئية على الجميع التحرك وبأسرع مايمكن ,منظمات مجتمع مدنى ,والمنظمات الحقوقية ,وذوى الشأن فى الحقل الصحى ,وخبراء الذرة ,وذلك بالضغط على السلطات للكشف عن مكان دفن الحاويات الخطرة هذه لتلافى ما يمكن تلافيه وان كان بالوسع إعادتها لجهة المنشأ وإلزامها بذلك قانونياً,واللهم قد بلغنا اللهم فاشهد ونسال الله السلامة.