ماتيلد دوجيت – غرو هل ولَّد التّدخل الغربي في الربيع العربي مزيداً من الرِّيبة والشّكّ لدى دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط؟ وما الأثر الذي خلّفَه الربيع العربي على النظرة إلى الغرب؟ تقارِن هذه الدراسة موقف الرأي العام إزاء النفوذ الأجنبي في خمسٍ من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: العراق، ليبيا، مصر، اليمن، وتونس، كعينةٍ تمثل أنماط متباينة إلى حدٍ كبير من الحراك الشعبيّ في السنوات الأخيرة. وتبحث الدراسة، مستخدمةً بيانات الرأي العام من دورتي البارومتر العربي الثانية والثالثة، في النظرات المتغيرة تجاه الجهات الفاعلة الخارجية قبل وبعد 2011، وتكشف تأثير مستويات النفوذ الأجنبي المختلفة في المنطقة على التطلّعات والتوقعات الشعبية إزاء الغرب. وتخلص الدراسة إلى أنّ الربيع العربي قد ساهم بإعادة ترتيب الأهداف: فبدلاً من القتال ضد التّدخل الخارجي، يأتي تركيز الرأي العام على التّحديات الداخلية مثل النموّ الاقتصادي والاستقرار والإصلاح. مع ذلك، فقد أضحت معظم الدول التي شملها الاستطلاع أكثر توجّساً من آثار النفوذ الأجنبي على مسارات الإصلاح أو التّطور الديمقراطي، وطبيعة النّوايا الغربية. فقط ليبيا، وبدرجةٍ ما، اليمن، تشهدان تزايد النظرة الإيجابية للسلوك الأجنبي على التّنمية الديمقراطية. ورغم تلاشي الثّقة بالنّوايا الحميدة للجهات الخارجية بعد الربيع العربي، فقد تراجع دعم الجمهور لأعمال العنف ضد الغرب بشكل بارز. أمّا ما يخصّ العلاقات المستقبلية مع الولاياتالمتحدة على وجه التحديد، تتطلّع معظم الدول التي تمت دراستها هنا إلى توثيق العلاقات الاقتصادية. مع ذلك، فوفق مصطلحات السياسة الخارجية، يفَضِل الجمهور عدم تدخّل الولاياتالمتحدة بدلاً عن سياسةٍ خارجية قائمة على تعزيز الديمقراطية أو حقوق المرأة. إنّ نصف السكان في الدول التي تم استقصاؤها يفضلون انسحاب الولاياتالمتحدة من المنطقة، رغم أنّ جزءاً صغيراً لا يزال يرغب برؤية تّدخل أمريكي أكبر لحل النزاع العربي-الإسرائيلي أو احتواء إيران. الكاتبة ماتيلد دوجيت-غرو طالبة ماجستير في معهد العلوم السياسية في باريس وباحثة في المبادرة.