لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تهافت الدكتور محمد وقيع الله: ليس فى الفكرة الجمهورية نظرية لتطور الاله!!!
نشر في حريات يوم 29 - 01 - 2016

فى مقال جديد للدكتور محمد وقيع الله بعنوان "نظرية تطور الاله فى الفكرة الجمهورى"، تحدث الدكتور عن ما أسماه تظرية تطور الاله فى الفكرة الجمهورية استند فيها على نص اورده مبتورا فى مقال سابق، وحتى يخرج من تهمة بتر النص، أورد النص المبتور الذى ينسف حجته التى تزعم أن الأستاذ محمود قال انه الله، وهو زعم لا يورد له معارضوه نصا واضحا يقول فيه الاستاذ محمود "انا الله"، وأقام على هذا النص المبتور نظريته المذكورة. ولكن الجديد فى المقالة الأخيرة أنها قللت كثيرا من سيل السباب الذى كان يكيله لنا الدكتور كيلا، وخفت فيها حدته وغلوائه كثيرا، وهذه واحدة من ثمرات النقاش مع الجمهوريين، التى اعترف بها مؤخرا كثير من الأخوان المسلمين، والتى يجب على الدكتور ان يحمد الله عليها، والعافية درجات. كما أن الرجل توقف عن التصحيح الاملائي لانه عرف انه يمكن ان يخطئ فيالاملاءوالنحوايضا،ولعل هذا يورثه بعض التواضع ايضا. أو لعله سمع نصحيتى بالرفق بنفسه من العنت الذى يحمله لها.ولكنه عاد مرة اخرى فى مقالات اكثر توترا واقل موضوعية كعادته، وذلك فى سلسلة مقالات وصف فيها الفكرة الجمهورية بأنها الوجه الاخر للدواعش. وبما أن هذا الاتهام لا يمكن أن يصدقه أحد فى وصف الجمهوريين فاننى سأركز على نظريته حول تطور الاله فى الفكرة الجمهورية. وسيكون هذا الرد اخر كتاباتى له لأننى لا أملك من الوقت ما يمكننى من متابعة تهافته وترهاته، وكفى بالقراء حكما بيننا.
لقد اورد د. محمد وقيع الله فى مقال سابق نصا من كتاب الرسالة الثانية من الاسلام وبتره حتى يستطيع ان يثبت ان الاستاذ محمود يقول عن نفسه أنه الله، وان ذاته انطبقت مع ذات الله، ثم لما اوردت له تكملة النص التى تدحض حجته استعمل النص المبنور ليخرجه بنفس الصورة المغرضة مع كثير من التهافت، ويزعم أن لدينا نظرية لتطور الاله. وقبل أن ارد على هذا الزعم الجديد احب ان الفت نظره الى تساؤلى فى المقال الساابق،والذى تغافل عنه متعمدا، ومطالبتى له "اين يوجد زعمه ان الاستاذ قال بانطباق "ذاته فى ذات الله فى النص الذى اورده". ربما يكون تغافله لضرورة "تحريرية عملية" اخرى. وحتى اكون واضحا ارجو ان أعيد عليه ما قاله هو بالنص فى مقاله. اورد الدكتور النص التالى مبتورا من كتاب الرسالة الثانية من الاسلام وفهم منه ان الاستاذ محمود يزعم أن ذاته انطبقت مع ذات الله (" ههنا يسجد القلب، وإلى الأبد، بوصيد أول منازل العبودية، فيومئذ لا يكون العبد مسيرا، وإنما هو مخير، ذلك بأن التسيير قد بلغ به منازل التشريف، فأسلمه إلى حرية الاختيار، فهو قد أطاع الله، معاوضة لفعله، فيكون حيا حياة الله، وعالما علم الله، ومريدا إرادة الله، وقادرا قدرة الله، ويكون الله ".وقد اتهمته انا بأنه تعمد بتر النص حتى تصح له النتيجة التى يريدها واوردت له بقية النص المبتور وهو (وليس لله تعالى صورة فيكونها، ولا نهاية فيبلغها، وانما يصبح حظه من ذلك ان يكون مستمر التكوين، مجددا حياة شعوره وحياة فكره فى كل لحظة، تخلقا بقوله تعالى عن نفسه "كل يوم هو فى شأن" والى ذلك تهدف العبادة …). وسألته (اولا يا دكتور-وأنت العالم المدقق- اين زعم الأستاذ محمود فى هذا النص أن ذاته انطبقت فى ذات الله، وأين جاءت كلمة "انطباق"؟، ام أن قولك مجرد استنتاج لدعم خلاصاتك المسبقة؟)، واتهمته بوضوح قائلا له (ثم ان الغرض اعماك – والغرض مرض- فلم تلحظ عبارة (منازل العبودية) وعبارة (لا يكون العبد مسيرا) فى النص، وهى كانت كافية لنسف زعمك نسفا من أساسه، فالأستاذ يتكلم عن العبودية وليس عن الألوهية).
وبدلامن ان يدفعالدكتور التهمة عنه "بزوغانات" أو تبريرات مقنعة جديدة، او يعترف بأنه فعلا تعمد بتر النص ليصل للنتيجة الى يريدها ابتداء، برر فعله فى بتر النص وحذفه قائلا (ولداع تحريري عملي يتصل بطول المقال رأيت حذفه).ضرورة تحريرية عملية .. يا راجل!!؟ اتقى الله يا دكتور، انت تملأ مقالك بفيض من السباب والشتائم والاشعار بصورة استعراضية، وهى ليست بمهة لموضوع مقالك فهلا، حذفت ذلك الكم الهائل من الابيات الشعرية والسباب حتى توفر لنفسك المساحة التى تورد فيها النص المبتور. ان هذا النوع من خداع النفس ان جاز على الاخرين فيجب الا يجوز عليك انت لانك اعرف بها منهم، ثم ماذا عن الله الذى يعرف خائنة الأعين وما تخفى الصدور؟ ولم تخبرنا يا دكتور كيف يستقيم المعنى الاول المتعلق بانطباق ذات الأستاذ محمود مع ذات الله حتى مع ايراد النص المبتور وفيه يتحدث الاستاذ عن العبودية وليس الألوهية، ويقول ان ليس لله صورة فيكونها او غاية فيبلغها وانما حظ العبد ان يظل مستمر التجديد لحياة فكره وحياة شعوره؟ ثم انسل الدكتور من هذا المأزق الذى وجد نفسه فيه ليتبرع علينا باكتشافه المذهل عن نظرية تطور الاله فى الفكر الجمهورى. يقول الدكتور فى نظريته العجيبة (وواضح أن هذا الكلام (يعنى النص المبتور) رغم أنه جاء في صيغة الاستدراك، إلا أنه لا ينفي معنى الجزء الأول منه. ويتضح عند مزيد (يقصد مزيد من) التدقيق أنه لا يُثبِت معنى الجزء الأول وحسب، بل يؤكده ويصعد به إلى أفق أعلى من آفاق التجديف. حيث اجترح صاحبه دعوى أكبر تقول بأن الإله نفسه يكون (يقصد يكون فى) حالة تطور مستمر!وإذن فإن نظرية التطور لا تنطبق على البشر وحدهم، وإنما تنطبق على الإله كذلك! ) لماذا كل هذا التهافت يا دكتور وكان فى امكانك فقط انت تقول انا اخطأت هكذا ببساطة. وانا اريد ان ارد على هذه النظرية المزعومة بكلمات الأستاذ محمود فى مقدمة الطبعة الثامنة من كتاب"طريق محمد". ومن حسن التوفيق ان هذه الكلمات تفصل ايضا فى موضوع سير الانسان فى مراقى الكمال المعبر عنها فى النص المثبت والنص المبتور. يقول الأستاذ وهو يرد على الملحدين الذين ينكرون وجود الله:-
(وقد يرد إعتراض وجيه على ما سقنا من حجج لإثبات وجود الله وهي حجج تقوم أساسا على ما تعطيه البداهة المعاشة .. هذا الاعتراض يقول : إذا كانت البداهة المعاشة تقرر : أن لكل مصنوع صانعا ، ولكل موجود خالقا ، فمن الذي خلق الله ؟؟ هذا اعتراض قد يبدو وجيها ، لدى النظرة العجلى ، ولكنه غير وجيه ، على التحقيق ، لدى النظرة المستأنية .. ومعلوم أن الماديين يبنون على هذا الاعتراض حجتهم بأن المادة غير مخلوقة ، ولا هي تحتاج لقوة خارجها .. إنهم هم يقولون لنا : إذا كنتم ، في آخر السلسلة ، ستصلون بنا إلى موجود لا موجد له ، ثم تطلبون إلينا أن نعقل هذا ، فمن الآن ، فدعونا نقرر : أن المادة موجود لا موجد له ، ولا هو يحتاج إلى موجد .. واضح عندنا أن هذا منطق غير مستقيم .. ذلك بأن الأمور لا تقرر بهذه البساطة .. هي لا تقرر اعتباطاً ، ولا هي تقرر خبطاً عشوائياً .. الصورة هكذا : هناك ، في الوجود ، الناقص .. وهناك الكامل .. والعقل يستطيع أن يدرك الناقص ، وأن يحدده .. وهو يستطيع ، بالمقارنة ، أن يدرك ما هو أكمل منه ، وهو أيضاً يستطيع أن يلاحظ أن الناقص يتطور نحو الكامل – العقل يستطيع أن يدرك الناقص ، وهو يستطيع أن يدرك الكامل ، نسبي الكمال .. وهو أيضاً يستطيع أن يتصور الكامل ، مطلق الكمال .. إننا نحن ، إذن ، كما قررنا ، نعرف الناقص ، ونشاهده يتطور في مراقي الكمال النسبي .. وواضح عندنا أن كل كمال فوقه كمال أكمل منه .. ونستطيع ، من ثم ، أن يمتد بنا الخيال في متابعة الكمال إلى غير نهاية .. فهناك إذن كمال غير متناه .. هذا الكمال غير المتناهي نستطيع أن نتصور وجوده ، وإن عجزنا عن الإحاطة بكيفية وجوده .. ونستطيع أن نسميه : (( الكمال المطلق )) ذلك بأنا إنما عجزت عقولنا عن الإحاطة بكيفية كماله لأنعقولنا (( معقولة )) بمعطيات الحواس ، والمطلق غير معقول ( غير مقيد ) . (( فالمعقول )) هنا إنما هو من العقال .. ومن العلم أعني من علمية المنهج ألا ننكر (( المطلق )) لأننا نجهل كيفية إطلاقه .. وإنما يجب أن نقره ، وأن نؤمن به ، وأن نصبر عليه ، ريثما نعلمه .. ولن يجئ يوم يكون علمنا بالمطلق علم إحاطة .. وإلا لماكان (( مطلقاً )) ..ووجود (( المطلق )) هو أس الرجاء في نظرة التطور ، ذلك بأن حياتنا إنما تتطور من (( الناقص )) إلى الكمال النسبي ، وهي تطلب الكمال (( المطلق )) .. وهذا يعني أن ليس هناك حد لكمال حياتنا ..المادة غير العضوية ناقصة ، والمادة العضوية – الخلايا الحية – أكمل منها – فالنملة أكمل من الشمس .. والمادة العضوية ، في الحيوات الدنيا ، في مرتبة النمل والذر ، ناقصة ، وحياة الحيوان الثديي ، مثلاً ، أكمل منها .. وحياة الحيوان الثديي ناقصة ، وحياة الإنسان أكمل منها .. وحياة الإنسان (( الجاهل )) ناقصة ، وحياة الإنسان ((العالم )) أكمل منها .. وكل من كان (( أعلم )) فهو (( أكمل )) ممن هو دونه (( وفوق كل ذي علم عليم )) .. وحياة أعلم عالم تقصر دون العلم (( المطلق )) .. وهي ، من ثم ، نسبية الكمال لنسبية علمها ، وهي تتطور في المراقي تطلب (( العلم المطلق )).. والعلم المطلق علم يدرك العقل وجوده ، ويستطيع أن يتصوره ، وأن يؤمن به ، وأن يسعى في تحصيله .. هذا العلم المطلق هو علم الله .. وهو الله .. فللناقص خالق ، ومن ههنا جاء نقصه ، لأنه محتاج لغيره .. وللكامل ، نسبي الكمال ، خالق ، ومن ههنا جاء نقص كماله ، لأنه محتاج لغيره أيضا .. وليس للكامل ، مطلق الكمال خالق لأنه ، لإطلاق كماله ، لم يكن مسبوقاً بعدم ، ولا هو ملحوق بعدم ، ولا هو محتاج لغيره .. ولإنهاض هذه الحجة يرد في القرآن : (( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله.. والله هو الغني الحميد )) .. فنحن ، حين نقرر ، في آخر السلسلة ، أن هناك موجوداً لا يحتاج إلى خالق ، إنما نقرره على صورة يقبلها العقل ، بل يستحيل عليه أن يقبل غيرها .. ومن ههنا فإن ما تعطيه البداهة هو ، في حقيقته ، أمر يبلغ من الدقة مبلغاً عظيماً .. هذا ، وغني عن القول أن الخالق واحد ، للناقص وللكامل نسبي الكمال .. وإنما تقرر وحدة الخالق وحدة الوجود ..). انتهى النص وانا ارجو ان يقرأه الدكتور ويخرج لنا بنظرية جديدة!!
إدعاء الدكتور، وإدعاءغيره، سرقة الأستاذ من ابن عربى، لا دليل له عليها والا فليثبت لنا أن ابن عربى قال بالرسالة الثانية، او تطوير التشريع، او الأمة المؤمنة والامة المسلمة، او الاسلام اسلامان، هذا ولا انفى ورود بعض معارف الصوفية فى الفكرة اللجمهورية لانها معارف لدنية يحصلونها فى سيرهم خلف النبى، دون ان يكون أخذها صوفى من اخر، فاذا ورد قول لصوفى فى كتابات الاستاذ فلا يعنى هذا ان الاستاذ سرقه منه، الا اذا كان من الممكن ان نقول ان اينشتائن سرق من نظرية نيوتن حينما استخدم بعض مقولاتها فى نظرية النسبية. العلم الروحى والعلم التجريبى الحديث يبنى على بعضه يا دكتور وهذا ما يجب ان تعرفه انت بالضرورة. أما تفسير الايات التى ذكرتها صحيح ومناسب لمن قيلت لهم فى وقتها،ولكنها لا تحجنا لانها لا تناسب وقتنا. ولذلكاحب لك ان تعرف – وانت اكيد لا تعرف كما هو ظاهر من ايراد هذه التفسيرات- ان القران يحوى علم الله المطلق ولا يمكن ان تحويه اللغة العربية التى هى مجال التفسير، فهى لا تمثل الامدخلا عليه، وقد ضاقت مواعين اللغة بكثير من معاني القران فأصبحت اشارات فى شكل حروف التهجئ التى أفتتحت بها بعض السور المكية. فالقرانلذلك لا يستقصى بفهم اللغة العربية واساليبها وحدها، والا كان المستشرقون محيطين بعلم الله المطلق، وفيهم من اجاد فهم اللغة العربية وتفسير القران اكثر من بعض اهله،ولكن معانى القران تفهم بالتوحيد – وهو صفة الموحد بكسر الحاء وليس بفتحها- فتفسير النبى عليه الصلاة والسلام للقران لأصحابه كان فى مستوى فهمهم ومقدرتهم وثقافة عصرهم، اليس هو القائل "نحن معاشر الانبياء امرنا ان نخاطب الناس على قدر عقولهم". ولكى أسوق لك دليلا لذلك من تفاسير اصحاب رسول الله، عليهم رضوان الله، فقد فسر ابن عباس اية "والنجم اذا هوى" بقوله "ذهب نورها وسقطت فى البحر"، ونحن نعلم الان أن اصغر نجم اكبر من كوكب الأرض. ولا تثريب على ابن عباس فى تفسيره للاية فقد اجتهد فى اطار علوم عصره، ولكن التثريب لمن يقول بصحة ذلك التفسير لاية و"النجم اذا هوى" الان.
أما قول الدكتور بما سماه مغالطة فيما يتعلق بامر التسيير والتخيبر فاحب ان اهديه هذه الاية الكريمة (والله خلقكم وما تعملون) وتفسير احد اساتذته من السلفيين(الشيخ محمد بن صالح العثيمين) لها،فى اجابة لمن سأل عن الاية هكذا: (فضيلة الشيخ: خلقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ [الصافات:96] هل أفعال العباد من سيئات وحسنات مخلوقة، بارك الله فيكم؟) فكانت اجابة الشيخ (قال تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ [الصافات:96] هذه فيها قولان للعلماء: قول أن (ما) مصدرية، والمعنى: خلقكم وخلق عملكم، وعليه يجري سؤالك: هل عمل الإنسان مخلوق أم لا؟ و أنه مخلوق لله لا شك، عملك من صفاتك، أليس كذلك؟ عمل الإنسان من صفاته الحركات .. السكنات .. ذهاب .. مجيء من صفاته، والإنسان نفسه مخلوق وصفات المخلوق مخلوقة لأنها تابعة له، فالله سبحانه وتعالى خلقك، وأفعالك من صفاتك؛ فتكون صفاتك مخلوقة لله كما أن ذاتك مخلوقة لله. الوجه الثاني أو القول الثاني في الآية: أن (ما) هنا اسم منصوب، أي: خلقكم وخلق الذي تعملونه، والذي يعملونه ما هو؟ أصنام ينحتونها، كما في الآية التي قبلها: قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ [الصافات:95-96] يعني: والذي تعملونه، وهي هذه الأصنام التي ينحتونها بأنفسهم، فإذا كانت هذه الأصنام مخلوقة فكيف يصح أن تكون معبودة؟!) (المصدر: موقع الاسلام العتيق http://islamancient.com/play.php?catsmktba=21322). والقول بأن الانسان مخير بمعنى ان له ارادة مستقلة من ارادة الله، هو من الشرك الغليظ. فاذا كانت ارادتك تنفذ احيانا ضد ارادة الله تكون قد وضعت ارادتك بازاء ارادة الله. زاذا كانت ارادة الله تنفذ دائما ، وهذا هو الحق، فانت مسير. يقول تعالى (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ۚ فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ). يعنى لو كان فيها ارادات نافذة عديدة غير ارادة الله لفسدت السماوات والارض. وهذا موضوع طويل ارجو ان ترجع فيه لكتاب الرسالة الثانية لتجد فيه التوضيح المؤثق الذى ظهر مشوشا فى اجابة الشيخ. واخيرا فان استاذية د. الامين داؤود ظاهرة فى براعتك فى السباب الذى كدت ان تتفوق فيه على استاذك.
ارجو ان اعلمك بأننى لن ارد على أى شئ تكتبه بعد الان، فقد قلت انت كلما تريد قوله وفهمتك، وقلت انا كلما اردت قوله لك وارجو ان تكون قد فهمته، ولنترك الحكم الاخير للقراء الذين هم السبب الأساسى فى ردى على مقالاتك.وبما أن الموضوع انزلق الى جدال عقيم كما لاحظ بعض القراء، وتعاف نفسى مثل هذا الجدال، فقد رجانى هذا البعض من القراء ان اتوقف عن هذا الجدال العقيم وابدأ فى شرح الفكرة الجمهورية لمصلحة الشباب الحائر الذى أضحت تتلقفه الجماعات المتطرفة باسم "الاسلام" الذى يدعو له د. محمد وقيع الله واشباهه. وأخيرا ارجو ان اقرر فى خاتمة هذا المقال ان الفكرة الجمهورية هى دعوة لطريق محمد صلى الله عليه وسلم وتقليده تقليدا واعيا فيما يطيق السالك من عبادته واسلوب حياته، فاذ فعل ووفقه الله فىى ذلك، فان المعارف التى تشكل على عقل الدكتور ستتفجر فى قلبه شلالا مصداقا لقوله تعالى.ولذا فالمعارف التى وردت كتب الاستاذ محمود وغيره من الصوفية انما هى ثمرة هذا التقليد الواعى، ولن يفهمها الا من كانت له قدم فى التقليد النبوى او كان صافى النية مفتوح القلب مشروح الصدر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.