كشف تقرير لمجموعة الأزمات الدولية عن نظرة الدول الغربية الجديدة تجاه النظام الحاكم فى السودان . ومجموعة الأزمات (International Crisis Group ICG) من أهم مراكز التفكير الدولية وعادة ما تعكس توصياتها توجهات متخذى القرار فى الغرب . ونشرت المجموعة تقريراً 21 مارس 2016 بعنوان (اسلاميو السودان : من الانقاذ الى البقاء). ويورد التقرير ان هناك فراغاً آيديولوجياً فى حزب المؤتمر الوطنى الحاكم ، حيث لم تعد قيادته مهتمة باى مشروع اسلامى – سواء راديكالياً أو اصلاحياً – وانما مهتمة ببقائها فى السلطة . واضاف ان انتخابات 2015 أدت لتقوية موقع عمر البشير فى السلطة وتحييد المعارضة ولفرض عملية (حوار وطنى) فارغة ومن غير المتوقع ان تفضى لنتائج ذات بال. وأضاف التقرير ان وفاة حسن الترابى مارس 2016 المصمم الأصلى لمشروع الانقاذ الاسلامى اشارت لغياب قيادات اسلامية ذات مصداقية أصغر عمراً وقادرة على تجديد المشروع الذى ظل فى انحدار منذ ترك الترابى للسلطة فى التسعينيات . واورد ان تركيز السلطات فى يدى عمر البشير مع مجموعة ضيقة من السياسيين والأمن والجيش ترافق مع تطور سياسات خارجية أكثر براجماتية تركز على بقاء النظام . وأشار التقرير الى فض تحالف النظام مع ايران والتحاقه بتحالف السعودية فى حرب اليمن واصفاً سياسات النظام الخارجية بالايجابية ، ليخلص الى ان هذا التحول (يجب ان يشجع الغرب لاستكشاف السبل لاغراء النظام بانهاء حروباته الداخلية التى تعوق التطبيع مع لاعب متزايد النشاط فى الشرق الاوسط المضطرب). واللافت ان هذه الخلاصة ترافقت مع طرح خريطة طريق امبيكى بأديس ابابا 21 مارس التى هدفت لالحاق القوى السياسية الرئيسية بعملية حوار الوثبة التى وصفها التقرير بالفارغة ! وعلق المحلل السياسى ل(حريات) قائلاً ان التقرير تبسيطى ، يوصف نزعات غير مكتملة وكأنها تغييرات جذرية ، كما لا يستوعب بصورة دقيقة سياسات الاسلاميين فى المنطقة ، ذلك ان التحالف مع السعودية فى اليمن وسوريا لا يعبر عن قطيعة ما وانما عن ملابسات محددة وجد فيها الاسلاميون ان من مصلحتهم التحالف تاكتيكياً مع دول الخليج ، وذلك لا يخص النظام السودانى وحده وانما الاسلاميين عموماً وخصوصاً التنظيم الدولى للاخوان ، اضافة الى ان التقرير يفصل بصورة متعسفة ما بين استراتيجية الحفاظ على النظام والايديولوجية المتأسلمة ، فنظام الانقاذ الاستبدادى الفاسد والعاجز عن تلبية احتياجات شعبه الاساسية لا يستطيع ان يشرعن سلطته إلا على اساس السماء ، بل وكلما تآكلت شرعيته الارضية كلما زايد أكثر بشرعية السماء ، وهذا ماتؤكده مجمل ممارسات النظام مؤخراً والتى اتسمت بتفاقم انغلاقه الايديولوجى وانتهاكاته لحقوق الانسان . وأضاف المحلل السياسى ان التقرير رغم تبسيطيته الا انه يكتسب أهمية بالغة من كونه يحاول تبرير سياسة متخذة اصلاً ، وهى سياسة لا تتعلق بالاساس بتحولات فى النظام الحاكم ، وانما بناء على تقديرات مصالح – من بينها توطين اللاجئين السوريين فى السودان والتعاون الاستخبارى ومنح قواعد تنصت والتعهدات بايقاف شحن الصواريخ الايرانية وغيرها . واذ قدم النظام تنازلات محددة فى السياسة الخارجية فانها لا تعبر عن تغيير فى طبيعته وانما من باب احناء الرأس للعاصفة ، وبالتالى فهى قابلة للارتداد بتغير البيئة التى يعمل فى اطارها . ودعا المحلل السياسى القوى الديمقراطية السودانية الى تيقن ان الدول الغربية شرعت فعلاً فى مقايضة مطالب الشعب السودانى ، ورغم ضرورة مواصلة النقاش معها ، ومحاولة كسب القوى التقدمية فى الغرب ، الا ان القوى الديمقراطية لا تستطيع فى المدى المنظور التعويل الا على الشعب السودانى وقواه الحية ، وفى النهاية سيكتشف الغرب انه لا يمكن حلب الشطور (الأثداء) الميتة !. http://www.crisisgroup.org/~/media/Files/africa/horn-of-africa/sudan/b119-sudan-s-islamists-from-salvation-to-survival.pdf