عند انفصال جنوب السودان تنبأ الجميع للدولة الوليدة بمستقبل واعد ومزدهر علي الرغم من عدم وجود بنية تحتية تسهل من عملية التنمية المتوازنة في كل ولايات الجنوب ، ومصدر التفاؤل يتمثل في أمكانية استفادة جنوب السودان من دروس التجارب الفاشلة للدولة إلام منذ الاستقلال وحتى تاريخ الانفصال ، والعمل من خلال رؤية السودان الجديد في تأسيس دولة قادرة علي أدارة التنوع وصهر كل القبائل في بوتقة المواطنة ،وإدارة الخلافات السياسية بمزيد من الديمقراطية والشفافية ،واستقلال موارد البلاد في التنمية و توفير الحياة الكريمة للمواطن الجنوبي الذي افتقدها في ظل السودان الموحد . ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن فسرعان ما نشبت حرب لا تبقي ولا تذر بين الرفقاء من اجل السلطة ولم يعو الدرس بعد ، في أن الأزمة الحقيقة التي اقعد بالسودان عن اللحاق بركب الدول المتقدمة اعتماد الحرب كمدخل لحل الاختلافات السياسية بين أبناء الوطن الواحد ،ودفع تكلفة الحرب علي حساب الصحة والتعليم والخدمات الأساسية واستيراد الأسلحة القاتلة بدل من الأدوية المنقذة للحياة ، ولان السلطة فاسدة ومفسدة تمادي الرئيس ونائبه في حرب عبثية ضحيتها المواطن الجنوبي الصابر علي لهيب النيران أكثر من نصف قرن ، والذي فتح نوافذ الأمنيات العريضة بعد استقلال جنوب السودان مودعا الدماء والدموع وحياة الفقر والقهر والعنصرية والكراهية والتمييز ولكن جرثومة الفشل والتخبط وإعلاء المصلحة الذاتية أصابت الجميع في مقتل،وأحالت الأحلام الجميلة إلي كابوس مفزع ،وهزمت دولة المواطنة لصالح الاستقطاب القبلي الحاد وباءت حاضنة القبلية الملاذ الأكثر أمانا . اتفاقية السلام بين الرئيس سلفاكير ونائبه رياك مشار ولدت ميتة ووقع الطرفين عليها علي مضض ولم يكونوا مقتنعين بها لان كليهما رافع شعار أقصي الأخر، ونتيجة لذلك دخلت الاتفاقية في نفق مظلم وتحتاج إلي مصابيح وحكمة وضغوط إقليمية ودولية لتدب فيها الحياة لتمشي بين الناس وتقنع الطرفين أن الشراكة الوطنية تعطي كل طرف حق تحديد سياسته وفقا لبرنامجه الذي يراه مناسب لإدارة الدولة مع ضرورة التنسيق علي حد ادني لتسير دولاب العمل في الدولة تجنبا للفوضى . انفجار الأوضاع في الجنوب وتجديد الحرب بعد سلام هش لم يقوى علي الصمود كثيرا، والأسوأ عدم سيطرت الطرفين علي قواتهم التي أصبحت خارج السيطرة وفي حالة انفلات تام والخطر يلتف حول الأعناق ، والموت في الطرقات والساحات