٭ كنت أقول دائماً ان في السودان كل شيء فريد ومتميز.. الصواب والخطأ.. الصواب متميز وله طابعه ونكهته الخاصة والفريدة.. والخطأ أيضاً له لونيته المتفردة وشكله الفريد.. وحتى التكهنات والتحليلات في أمور الشأن العام وفي بعض المرات الشأن الخاص تأتي على كيفها لدرجة ان في الدنيا كلها واحد زايد واحد يساوي اثنين إلا في السودان فمرة يساوي صفراً ومرة اخيرى يساوي مليوناً. ٭ في الايام الفائتة غطت اخبار الغارة الجوية الغاشمة التي قامت بها دولة اسرائيل على شرق السودان.. غطت على كل شيء على ما يدور في مصر وليبيا وسوريا واليمن وتونس.. وكثر الحديث وعلامات الاستفهام لما ورد من احاديث سواء اكان في المجلس الوطني الذي اشار على الرد بأحسن منها. ٭ ولكن وقفت مع ما جاء في زاوية آخر الليل للزميل اسحق احمد فضل الله بشأن الطائرة ورأيت ان يقرأوه معي قراء صدى.. والنميري في تجربة شهيرة للمعارضة والنقد الصريح.. كان يجمع قادة الجيش والساسة في قاعة الصداقة في غرفة مغلقة.. مغلقة تماماً ليقولوا كل شيء ودون حضوره وعلى راحتهم تماماً. وصدقوا واخرجوا مافي بطونهم مطمئنين ليتفاجأوا بأن النميري كان في غرفة اخرى يتابع كل شيء من شاشة داخلية.. وما حدث.. حدث والقول والانفراد والجماعة والنصيحة كلها أشياء يستعيد الاسلاميون اجواءها هذه الايام.. ايام شورى عنيفة. والبيان الذي تصدره البحرية للاطفاء يشعل كل شيء والناس يقولون ليت ان الجيش ما دام لا يعرف كيف يقول كان يعرف كيف يسكت فالبيان كان كارثة كاملة. ٭ والسلطة تسمع اسئلة الناس التي تضج منذ اسبوع عن كيف تدخل طائرة هيلوكبتر او طائرتان وتقصف.. ثم تفلت بينما الهيلوكبتر شيء تستطيع التقاطه ببندقية خفيفة.. والرادار الكثيف الذي يغطي المنطقة كلها اين كان طاقمه يومئذ وطواقمه في الخرطوم وبورتسودان واماكن اخرى.. والحديث كان اكثره عن الاعذار التي اوردها الجيش والتي تثير القلق وليس الاطمئنان والحديث عن ضابط الرادار يأتي بحكاية الطائرة الكورية الشهيرة ايام الاتحاد السوفيتي.. فالمخابرات الامريكية التي كانت تتحرق للحصول على صور لمواقع عسكرية مهمة على الحدود السوفيتية كانت تجعل احدى الطائرات الكورية تحمل نوعاً خاصاً من الكاميرات ثم الطائرة تنحرف امتاراً قليلة داخل الحدود السوفيتية والسوفيت حين اقاموا المنشئات تلك يتحسبون لمثل التصوير هذا بحيث يستحيل على الطائرات القيام به إلا اذا انحرفت الى الداخل. ٭ والطائرة الكورية تنحرف.. وضابط الرادار يسقطها بعد ثانيتين من الاقتراب وحين يسألونه يجيب كنت احرس حياة مئات الملايين داخل الاتحاد السوفيتي. ٭ والجيش في الدنيا كلها هو هذا.. كفاءة وحسم لأنه يحرس حياة الملايين. ٭ والحكاية مشهورة بأن السوفيت سقطت امبراطوريتهم حين ابعدت الكفاءات هذه.. ويزعمون ان اعظم عملاء المخابرات الامريكية داخل الاتحاد السوفيتي كانت مهمته الصغيرة.. هى.. ان يجعل غير المؤهلين يحتلون مفاصل الدولة. ٭ والحكايات التي تسوق المجالس الآن تصبح تنويعات نغمية لاغنية واحدة اغنية تتحدث عن الفساد والاصلاح وعن ضرورة الاقالة والاستقالة.. اكتفي بهذا الجزء من آخر الليل الذي جاء في الانتباهة 31/4/1102. هذا مع تحياتي وشكري