علّمتنا التجارب فى دولة الإنقاذ أن العداء المستحكم و الحرب الضروس على المنظمات الإنسانية و الإساءة لها و التشكيك فى مقدراتها ظلّت هى النغمة المفضّلة لدى الدولة البوليسية للتغطية على عجزها و فشلها التام فى القيام بمهامها ومسئولياتها تجاه المواطنين .فالمنظمات ( أجنبية و وطنية ) هى الشماعة التى تعلّق عليها الدولة ” شينتها المنكورة ” . فبدلاً عن تكبّد مشاق البحث الحقيقى و الجاد فى الأسباب الحقيقية لهذا الفشل المريع فى إدارة الأزمات ، تواصل الدولة الهروب من مواجهة الواقع ، لتضع ” أوزارها ” فى ” حيطة ” المنظمات القصيرة . بعيداً عن السعى الحميد لحلّها لمصلحة الشعب و الوطن . فالغارة الإسرائيلية على العربة ” السوناتا ” على مشارف بورتسودان، هى بالضرورة نتاج طبيعى ، لقيام المنظمات بتزويد العدو بالمعلومات !. و الحل السحرى هنا ، يكمن فى التضييق على المنظمات و طردها بعد تجريمها ” إعلامياً ” و مواصلة مسلسل ” تلطيخ ” سمعتها و ضربها ” تحت الحزام ” !. و الأزمة المستدامة فى دارفور – بلا شك – سببها الرئيسى و الأساسى و الأوحد هو وجود المنظمات . و هاهى ذات النغمة المحفوظة و ” الأسطوانة المشروخة ” تعود لترديد ” جلالات “ تورط المنظمات الإنسانية فى ” شتل ” و نقل معلومات ” كاذبة ” و ” مضللة ” عن حالة إنتهاكات حقوق الإنسان فى دارفور . و لا ينسى المسئول ( المتذاكى ) و هو ” يشر ” غسيل المنظمات على حبال الأعلام و الصحافة،أن يؤكد – كما فى كل مرّة – أن هذه المعلومات تجانب الحقيقة . و هى معلومات مغرضة و مفبركة و مختلقة . و لأنّ الموسم – هذه الأيام – هو موسم الحديث عن الفساد ” و ما أدراكما الفساد ” ، فلا مانع من أن تتبرع علينا الدولة هذه المرّة بالحديث الفطير و” الجديد لنج ” عن ( فساد المنظمات) فيحدّثنا المسئول عن ” كشف ” و ” ضبط ” ” حالات ” فساد فى المنظمات العاملة بدارفور، من شاكلة ” بيع كوتة الوقود ” و تعطيل طلمبات المياه ” . و هى حالات إن صحّت ، لا تحتاج معالجتها و التصدّى لها إلى إنتظار موسم الحديث عن الفساد للإعلان عنها بهذه الصورة العبثية . الحديث السخيف عن المنظمات يعيد إلى الأذهان القصة المعروفة و الشهيرة التى قرأناها فى كتب المطالعة المدرسية . و هى قصّة ( محمود الكذّاب) . فقد كان محمود يكثر من ترديد عبارة ” هجمنى النمر ” كذباً، فيهرع سكّان القرية لنجدته ، ليكتشفوا أنه ” يكذب ” . فقرروا بعد تكراره صيحاته الكاذبة لطلب النجدة ، عدم الإستجابة لصيحاته ، إلى أن جاء اليوم الذى هجمه فيه النمر بحق و حقيقة . ليواجه مصيره المشئوم . تبقّى أن تخرج علينا الدولة يوماً ما ببيان ترمى فيه فشلها الذريع فى إدارة عملية الحج و العمرة على المنظمات . فكل شىء جائز فى دولة الإنقاذ . و شمّاعة المنظمات موجودة ، حتّى إشعار آخر ! .