شكا عدد من مواطني محلية دنقلا بالولاية الشمالية من اختلاط مياه الشرب بالصرف الصحي. وقال أحد مواطني المنطقة ويدعي احمد الصديق لصحيفة (آخر لحظة) إن بعض خطوط مياه الشرب تنبعث منها رائحة، بجانب تغير لون المياه، الأمر الذي دعا البعض للإمتناع عن شربها، خاصة حي السوق الكبير، وطالب الصديق حكومة الولاية بتغيير شبكة المياه، لجهة أنها أصبحت قديمة جداً مما تسبب في اختلاطها بمياه الصرف الصحي، مشدداً على أن القضية أصبحت تشكل هاجساً لمواطني الولاية عامة ودنقلا على وجه الخصوص. وتشير (حريات) الى ان وزير البيئة والتنمية العمرانية حسن عبد القادر هلال سبق وأقر بإن مياه الصرف الصحي تختلط بمياه الشرب التي أصبحت ملوثة . وأضاف هلال امام المجلس الوطنى 12 يناير 2016 (مياه الصرف تذهب إلى باطن الأرض وللمياه الجوفية والسطحية، ويشربها الناس) . وقال إن معظم الأمراض التي يعاني منها المواطنون الآن هي أمراض نتيجة تلوث المياه . وأوضح أن شبكة الصرف الصحي تغطى مدينة الخرطوم بنسبة (10%) فقط فيما تغطي الشبكة مدينة بحري بنسبة (7%) أما أم درمان فأقر الوزير إنها بلا شبكة صرف صحي . وفى تأكيد قاطع بان مياه الشرب الصحية ليست من اولويات سلطة المؤتمر الوطنى ، اضاف وزير البيئة انه قام بتسليم مشروع للصرف الصحي في عام 2013 لوزارة المالية الاتحادية ، وجرت المصادقة عليه ، ولكن المشروع منذ تلك السنوات لا يزال قابعا في إدارة المشروعات بوزارة المالية ، وأضاف (سئمت من كثرة التردد على ادارة المشروعات بوزارة المالية وهي لاتسمع ولاتجيب). وأكد المدير السابق لهيئة مياه ولاية الخرطوم المهندس مختار عبد الرازق ان مياه ولاية الخرطوم ملوثة بنسبة تتراوح ما بين 42 – 58 % ، وأرجع السبب إلى شركات المسؤولين والحفر التقليدي للآبار عبر التصديقات العشوائية ، واصفاً الجهات المختصة بالمياه والصرف الصحي بالطرشاء ، وذلك فى في المنبر الدوري لملتقى حماية المستهلك 20 ابريل 2013 . وكشف المستشار البيئي بمجلس الوزراء بروفيسور تاج السر عبد الله في تصريحات صحفية مارس 2011 عن مهددات لصحة الإنسان حددها في التغيير النوعي لمياه الشرب بسبب الصرف الصحي غير الآمن، واعترض على اتباع نظام (السبتنق تانك) ووصفه بالأسوأ في العالم ، وأبان أنّ إحدى الدراسات أثبتت وصول الملوثات لعمق (220) متراً في مياه الشرب وأشار إلى وجود الكثير من المناطق السكنية التي تتحصل على مياه الشرب من آبار لا توجد عليها رقابة إضافة إلى إصابة (20) طفل يومياً في أعمار ما بين (12 14) عاما بالفشل الكلوي ، بجانب زيادة ملحوظة في الإصابة بمرض (الزرقة) لدى الأطفال نتيجة لفقد ثاني أكسيد الكربون بما يسبب الموت الفجائي. وكشفت مجلة ( افريقيا في حقائق) Africa In Fact يوليو 2013 ، بان السودان من أسوأ الدول الافريقية من حيث الحصول على مياه شرب محسنة ، حيث أوردت نقلاً عن إحصاءات منظمة الصحة العالمية WHO واليونسيف UNICEF ، ان 55% فقط من السودانيين لديهم إمكانية الحصول على مياه شرب من مصادر محسنة ( أي أن حوالي نصف السكان لا يحصلون على مياه محسنة). مع ملاحظة ان المياه من المصادر المحسنة في السودان هي نفسها مياه ملوثة !. وكشف المراجع العام لولاية الخرطوم فى تقريره البيئى للعام (2011) عن استخدام هيئة مياه الخرطوم لمواد ضارة ومسرطنة . وأبان تقرير المراجعة ان المواد غير المطابقة للمواصفات التى استخدمتها هيئة مياه الخرطوم لتنقية المياه تشمل الحديد، الزنك، النحاس، الرصاص، الكروم،والمانجنيز. واقرت الدكتور سمية ادريس مديرة الطوارئ والعمل الانسانى بوزارة الصحة بتدني كبير في نسبة الكلور بالمياه في البلاد . وقالت في مؤتمر صحفي مشترك بين وزارتها وإدارة الدفاع المدنى يونيو 2013 ، ان المياه غير نظيفة ، واصفة الوضع بأنه غير مطمئن ، مضيفة ( ان (الكلورة) وصلت الى اقل من 50% فى بعض الولايات، خاصة في ولايات الشمالية ، نهر النيل وولايات دارفور وجنوب كردفان. وأقر مدير هيئة المياه جودة الله عثمان فى تصريح للجزيرة نت يوليو 2014 بشح المبالغ المخصصة لمياه الشرب قائلاً ان حكومته رصدت ثلاثمائة ألف جنيه (نحو خمسين ألف دولار أميركي) لمشروعات (الحلول الجذرية) لمياه الشرب بالعاصمة السودانية. هذا بينما خصصت ميزانية حكومة المؤتمر الوطنى لنفس العام ، 8.59 مليار جنيه (جديد) لقطاع الأمن والدفاع والشرطة ، وللقطاع السيادي ( القصر وملحقاته ) 1.55 مليار جنيه ، وللقطاع المتنوع ( سفر الوفود والمؤتمرات والاحتياطي لتمويل نفقات البطانة الفاسدة ) 11 مليار جنيه ، وخصصت لجهاز الأمن 1.45 مليار جنيه . وبحسب الارقام المعلنة فان ميزانية جهاز الأمن تساوى حوالى (4590) مرة ميزانية (الحلول الجذرية) لمشكلة المياه ! وتساوى ميزانية القطاع السيادى – القصر الجمهورى وملحقاته – (4620) مرة ميزانية حل مشكلة المياه !! . وسبق وعلق المحلل السياسي ل (حريات) قائلاً ان منطلقات وممارسة إسلامويي المؤتمر الوطني تتلخص و وتتوج في دفعهم المواطنين لشرب المياه المختلطة بالبراز ، حيث تتجسد إدعاءات (الطهارة) عملياً في (عفونة) مادية ومعنوية ، عفونة تتسبب في تفشي أمراض الفشل الكلوي والإلتهابات المعوية والسرطانات، وكذلك عفونة معنوية تجعل مياه شرب عاصمة المشروع الحضاري مما ينقض الوضوء ! وقال ان (العفونة) الآيديولوجية تتصل بالمنطلقات الأصولية التي إستهانت بالتجربة الإنسانية المتراكمة ، وصورت نفسها بدء جديداً للتاريخ ، فحاولت (تأصيل) نظامها السياسي بتفادي الديمقراطية ومؤسساتها وآلياتها التي تضمن مساءلة ومراقبة الحكام ، فإنتهت إلى نظام يرى شرعيته في تطبيق (الشريعة) – المفهومة كعقوبات حدية ، مما يعني ان شرعيته ليست في خدمة المحكومين وإنما في معاقبتهم ، وإنتهى هذا النظام القائم على شرعية السماء الزائفة ليس فقط إلى تجاهل إحتياجات أرض المحكومين ومطالبهم ، وإنما كذلك إلى الفتك بهم بالمياه الملوثة والأطعمة المسرطنة ولحوم الكلاب والأدوية الفاسدة !