استحضرت قول شقيقتى الكبرى و أنا اشاهد تسارع الاحداث فى وطنى، و حملات العصيان المدنى تتزايد،تتسع و تنتظم بشكل كمى و نوعى.ذكرت لى انها قد التقت مع السفير السوفيتى فى احدى الاحتفالات فى الخرطوم بعد ثورة اكتوبر مباشرة، و كانت تربطها به معرفة سابقة.ذكر لها ان حكومته لم تكن تتوقع فى ذلك الوقت قيام ثورة فى السودان تسقط نظام عبود، بالرغم من أن الاتحاد السوفيتى بجيشه و مخابراته و قوته و علاقاته فى المنطقة يمثل القوة العظمى الثانية فى العالم! اضاف، أنه و بتجربة عمله فى السودان،فان هذا الشعب عندما يرفض بقاء سلطة صادرت حريته و أذلته ثم ثارعليها مصمما على اسقاطها،فمن الصعب قراءة ما سوف يقوم بفعله فى خطواته التاليةمستخدما و اضيف لقوله ان هذا الشعب يعى و يعرف تماما ما يريد.Unpredictableكلمة ذلك ما حدث و تكرر ايضا فى انتفاضة مارس – ابريل 1985 التى فاجأت العالم باسقاط الديكتاتور الحاقد جعفر نميرى. ان ما يحدث الآن فى السودان و امام أعين جميع العالم العالم متمثلاً فى العصيان المدنى الذى أشعلت شرارتهو تقوده فئات من الشباب الجاسر، يعبرو يعكس عن حقيقة معدن هذا الشعب الأبى الذى يرفض الظلم بكافةاشكاله و يتطلع دوما للحرية و قممها العالية. هذا الزخم الثوري المندفع للامام و المتلفح بالتجربه ،العزيمة و قوة الارادة، هو نتيجة لنضال استمر منذ بدايات سطو الجبهة القوميه " الانقاذ " على السلطة الديمقراطية بانقلاب، و امتداداً شرعياً له. ذلك النضال الذى شاركت فيه كافة الأحزاب السياسية،منظمات العمل المدنى و الطوعى،المجموعات التى تحمل السلاح دفاعا عن الحرية و حقها فى الحياة الكريمة،قوى الهامش و كل فئات الشعب المستنيرة. جرت من خلال تلك المقاومة أنهر من الدماء لم تستثنى احداً.ناس دارفور،ناس بورتسودان،ضحايا كجبار،جبال النوبه والنيل الأزرق و شهداء انتفاضة سبتمبر و الدكتور على فضل….الخ أقول هذه السلطة المترنحة فقدت كل مقومات بقاءها، فهى فى مسيرتها البائسة قد حطمت السودان بحقد لايقدرعليه الا هؤلاء المرضى المتأسلمين.ان اللجؤء لسلاح العصيان المدنى لاسقاط هذه السلطة ليس مرده فقط تخفيض سعر الجنيه،انفلات السوق و انعدام الضروريات و استحالة فرص الحياة، و لكنه تراكم لمظالم كثيرة و جرائم بشعة ارتكبتها السلطة فى حق هذا الشعب. هذه السلطة الفاشيةقتلت الأبرياء،نهبت واستباحت اموال الدولة،استولت على الأراضى ووزعتها على مريديها ثم باعت اراضى السودان الشاسعة بثمن بخس لكل المشترين،افسدت اجهزة الدولة و نشرت بين الناس قيم الدجل و الكذب و النفاق.عملت بقصد و اصرار على ممارسةالقبلية و العنصرية فسادت التفرقه فى المجتمع، و تكدست جيوب و بؤرفى أرجاء من الوطن فى حالة كمون تؤسس لخطر قادم. ليس ذلك فحسب فهى قد أدارت حرب عنصرية فى دارفور،جبال النوبة و النيل الأزرق. قتلت و شردت أهلها و هدمت نسيجها الاجتماعى،باختصار لم ينجى أحد فى السودان من شرورها و كوارثها المتتالية،مباشرة أو عبر منسوبيها و المنتفعين من فسادها.بالاضافة الىكل ذلك فقد شردت اربعة مليون سودانى خارج الوطن يتنقلون فى المنافى. نتناول الآن للحديث " المشاتر " و الهابط الذى أطلقه عمر البشير فى لقائه فى كسلا و الاحاديث الهستيريهوالمراوغة التى أدلىو يدلى بها بعض ابواق المؤتمر الوطنى فى الخرطوم .هذا الضجيج عالى الصوت و المفتعل " جقلبه ساكت "،وهى احاديث تطلق فى هذا الوقت لمداراة الخوف و الفزع الذى يتملكهم و هم يعلمون فى قرارة أنفسهم أن الشعب قد صمم على استعادة حريته و محاسبة كل من نكل به و استباح الوطن و مواطنيه. التاريخ القريب، يتحدث و يقول أن هنالك ثورة أطاحت بشاه أيران عن طريق شرائط " الكاست " التى كان يرسلها " الخمينى " من باريس الى ايران وهى قد ساهمت فى توحد الناس و اتضاح الرؤية امامهم. اليوم و بعد ثلاث عقود ابتدع الشعب السودانى شكلا آخراً وهواستخدام التكنلوجيا المتطورة " الواتساب " لتوحيد كلمة الجماهير و تنسيق خطاها.سيصل هذا الشعب العملاق ايضا، و يبتدعمستفيدا من تراث الثورة السودانية للطرق المثلى لتنظيم الجماهير فى المدن،الأحياء و الفرقان و توحيدهم لاسقاط هذه السلطة. من طينة هذه الجماهير سوف يخرج قادة يمتلكون التصميم،الجسارة و اتساع الأفق و قادرين على هزيمة سلطة الفساد المتسربله بالاسلام.لا شئ و لا أحد يستطيع أن يقف أمام هذه المسيرة، فهى قد بدأت تقود خطواتها تجارب و ذكرى نضالات ابطال الثورة السودانية و شهداءها عبر التاريخ !