شَرِيْفَةْ شَرَفُ الْدِّيْن بمثل ما فرح رأس النظام بقميصٍ كَذِبٍ لمسي و بمثل ما فتح بوابات قصره لفنانين مصريين من الدرجة الرابعة يستقبلهم .. بمثل ذلك يهزج الكيزان هذه الأيام برفع العقوبات الأميركية عن حكومتهم بعد عقدين و لكن من يرجع البصر كرتين يقف على جملة من الأمور أكثر من مجرد نص برفع العقوبات و ما ستليها من إلتزامات من قبل النظام و متابعة و تحقيق من قبل الإدارة الأميركية. توقيت القرار الأميركي أتى قبل سويعات ذوات العدد لنهاية رئاسة أوباما و بداية تسلم ترمب و الرئيسان لا يتفقان على سماوية السماء ناهيك عن قرار رفع العقوبات التي قطعا سيكنسها ترمب إن لم يكن للصالح الأميركي فكعمل غير صالح و نكاية بغريمه و خصمه أوباما الذي انتظر ثمانية سنوات ليجيئ بعدها مبيضا وجهه كآخر تفضلاته للقارة السمراء ممثلة في السودان برفع عقوباتها. إن قرأت الدبلوماسية السودانية التي ما نشطت هي الأخرى إلا في أيامها الأخيرة لوقفت على أن القرار في عمقه يمثل ورقة لعب تراشقية بين قطبي الحكم الأميركي. ضخمت الدبلوماسية السودانية القرار حتى بلا تبعيض و لا تشريط و لا فترة تجريب و ما كانت لأميركا أن تعطيك نعجتها إن لم تكن ترجو منك ثورك فما فوق. لم يكن قرار الرفع شاملا كاملا و لا هو مطلقا بغير قيود و لا أمديا بغير فترة إنقضاء و الأهم ما يترتب عليه في حال عدم الإيفاء بتلك الشروط المذكورة عن موافقة الجانب السوداني على كل الشروط الأميركية الممثلة في التعاون على الإرهاب و رعاته، و معروف عن أميركا أنها تعطيك بملعقتها و بينما أنت متلهيا تلوك حلواك تتمدد هي طمعا في قاعدة عسكرية غير مكترثة بصدى مهددات و أهازيج الكيزان بدنو عذابها و النذر بضرابها. إلى أي درجة يمكن للسلطة في السودان أن تستفيد من القرار على علاته؟ و لنفترض جدلا أن الحكومة الأميركية جادة و صادقة في رفع العقوبات التجارية عن السودان .. ما الذي يملكه السودان لتصديره؟ كل الذي ترونه سواء كان في الاتصالات، الطرق، النقل، الدواء، مواد البناء، الأجهزة الكهربية، السيارات، العقارات، التصاديق الخالية من الضرائب، إنشاء الشركات، محطات الوقود، انتاج البيض، الدجاج و حتى المخدرات… كل هذا و ما فاتنا حصره عبارة عن نشاط مملوك و محتكر لرموز الإنقاذ الذين باتوا يعلنونها بلا حياء و إلا فكيف أن طلابا يفترشون الأرضو ولايات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة و هم يتطاولون بالبنيان و يركبون فاره السيارات و يجوبون مطارات العالم جيئة و ذهابا؟ و الأسوأ على الإطلاق أن لا شيئ تقريبا من ذلك النشاط يصب في بيت المال السوداني و بدلا عن ذلك يطاردون بائعات الشاي و ماسحي الأحذية. لا يقولن أحد بأننا نبالغ لأن الدليل القائم و الشاهد بالكاد هناك زراعة كما كانت .. هجر الناس مزارعهم و باتوا بين خياري التكدس في المدن الكبيرة أو الهجرة إلى الخارج و في كلٍ هدر و انتهى الشعب السوداني إلى غير منتج و حتى الوظيفة العجفاء باتت محتكرة و مخصصة للمرْضِيِّ عنهم خلا تلك التي فيها عنت و مشقة. إن السلطة التي لعبت بغير دبلوماسية في ورقة بترولها الذي أضاعته مع دولة جنوب السودان و إن النظام الذي فرق بين بني الوطن الواحد فأدخلهم في صراع و احتراب دائمين و إن الجماعة التي جففت مشروع الجزيرة أكبر مشاريع الزراعة في افريقيا و إن النظام الذي يرتضي رئيسا مجرما ملاحقا غير جدير بالإضطلاع و القيام بأي تقدم حتى و لو تم رفع كافة العقوبات كما ستبينها الأيام. [email protected]