مع تداعيات الثورات الشعبية التي انطلقت من تونس ومصر ومازالت تتفاعل في اليمن وسوريا وليبيا وغيرها من بلدان العالم تحت النمو نكون قد دخلنا بقوة في عصر الشعوب. نعلم إن عملية الانتقال من الأنظمة الشمولية والإستبدادية إلى الأنظمة الديمقراطية صعبة ومعقدة تحتاج إلى صبر وحكمة وحذر لحماية عملية التغيير وحفظها من النكوص والإنحراف. إن التغيير الذي بدأ يتبلورفي مصر يكتسب أهمية كبري لبلادنا خاصة ولإفريقيا والعالم العربي والإسلامي للدور المتعاظم لمصر وشعبها الذي نعول عليه كثيراً لاسترداد العافية السياسية في مصر وفي كل المنطقة المحيطة. لهذا تكتسب زيارة الوفد الشعبي المصري الذي يمثل بعض الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني إلى بلادنا أهمية خاصة، وهي زيارة مفتاحية نحو تمتين العلاقات التي كانت بالفعل بين الفعاليات الشعبية في البلدين الشقيقين. إن اللقاءات التي تمت بين الوفد الشعبي المصري والفعاليات السودانية خطوة مهمة نحو الحراك الشعبي الأهم لتأمين الثورات الشعبية ودفعها إيجابياً لتعزيز خطوات التحول الديمقراطي السلمي والتعاون الاقتصادي والثقافي بين الشعوب. كلمة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني التي إلقاها إنابة عنه في الاحتفال الذي أقيم للوفد الشعبي المصري بجنينة السيد علي الميرغني بالخرطوم الخليفة صلاح سر الختم أشارت لنقطة مهمة عبرت عن رأي قطاعات عريضة من المواطنين الذين ظلوا “يتحسرون على إنحسار دور مصر الرسمي في ريادة الأمة العربية والإسلامية وتصديها الإيجابي للتحديات والقضايا المصيرية التي تجابه إستقرارها”. مضي مولانا السيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي راعي الختمية في التدليل على هذا الغياب وهو يقول بوضوح: كان لمصر أن تلعب دوراً فاعلاً يُعلي من خيار وحدة السودان إذا قامت بدورها في تنفيذ إتفاقية القاهرة بين الحكومة والتجمع الوطني الديمقراطي التي كان من الممكن أن يتم عبرها الحفاظ على وحدة السودان تراباً وشعباً. إن مثل هذه الروح الوطنية لا نحتاجها فقط للتحسر على ما مضى ولكن لبناء علاقات إيجابية في الحاضر والمستقبل وهذا ما أكده أيضاً في قوله “إن الحزب الاتحادي الديمقراطي مازال متمسكاً بوحدة وادي النيل من الاسكندرية إلى نمولي”. يبدو مثل هذا الكلام وكأنه ضرب من الأحلام السياسة ولكن متي كان الواقع بعيداً عن الأحلام على شرط توافر الإرادة الشعبية والعزيمة التي لا تلين فكل الاحتمالات واردة على الأقل لاستعادة وحدة السودان. إننا نرحب بالوفد الشعبي المصري ونعتبر إن كل اللقاءات التي تمت مع الفعاليات السياسية والمجتمعية السودانية ظاهرة صحية نحو بناء العلاقات الشعبية الأبقي بين بلدينا على مر العهود والحقب والأنظمة السياسية.