[email protected] بعد غياب طويل من البلاد وانا استمتع باجازة العيد مع الوالد والوالدة فى أُمْ دُرْ العريقة، وبحضرة جل احفادهم، اتفقنا على معاودة متابعة المسرح وما يجري فيه. الاهتمام بالمسرح كانت ثقافة سايدة فى بيت الاسرة منذ القدم، غرسها فينا الوالد الاستاذ عبدالمعروف جادالله، اطال الله في عمره ومتعه بوافر الصحة والعافية. شخصياً، اعتبر نفسى مدمن للمسرح بحكم المتابعة المبكرة. وبالطبع، حينما يذكر المسرح في السودان فأول ما يتبادر الى ذهنك، هو مسرح امدرمان القومي – شيخ المسارح والعروض الاشهر. توجهنا من دارنا الى المسرح بصورة اعتيادية جداً، رغم طول فترة الانقطاع، ووصلنا الى الحوش الملحق بالمسرح، اكثر ما ادهشني عند دخولي؛ انني لم اجد او احس بأي تغيير يذكر مقارنة بحال المسرح في المرات السابقة خصوصاً من ناحية المبنى والخدمات وكذا. وحينما اقول المرات السابقة قد تكون هذه المرات قبل عشرة سنوات على الاقل. عند دخولنا لحوش المسرح قبل بداية العرض؛ وجدنا مجموعات، من السادة الحضور المشاهدين، والممثلين، يتجاذبون اطراف الحديث في مجموعات صغيرة هنا وهناك. لفت انتباهنا وسط الموجودين؛ الفنانين القديرين، الاستاذ محمد المهدى والاستاذ الشعراني. هرع ابناء اختى نحوهم كي يطلبوا اخذ صور تزكارية معهم، ولم يتوانى الاستاذان فى تلبية رغبة الاطفال. لاحظت ان الاستاذين محمد المهدي والشعراني كانا يسترقان النظر تجاه الوالد الاستاذ عبدالمعروف اثناء اخذ الصور. وفور الانتهاء من الصور اسرعوا نحوه لمعانقته بكل حرارة وبشاشة، وفي اعينهم تقرأ قصص شوق وذكريات باتعة ربطتهم بهذا الهرم العجوز. انه استاذهم الذى عاش معهم اجمل ايام فترة الشباب فى مدارس كررى بامدرمان. اكرم الاستاذان استاذهم بالحفاوة على افضل ما يكون، كما اكرمونا نحن افراد اسرته قمة الكرم، وظلوا بجوار استاذهم حتى أطمأنوا على جلوسه داخل المسرح بالشكل المطلوب، وهو من جانبه بادلهم حلو المشاعر مجتراً معهم الذكريات الجزلة والمواقف العالقة.. مقابلة الاستاذين العملاقين محمد المهدى والشعرانى لمعلمهم بتلك الاحتفاءية كانت لفته لافتة تحمل فى طياتها الكثير من المعانى العظيمة التى لا استطيع التعبير عنها كما ينبغي. وهي معانى تُحَسْ باكثر مما تُرَىْ بالعين المجردة لَتُروى.. هذه المقدمة والتى احسست فى الوهلة الاولى بانها شخصية ولايجب ان اشغل القارىء بها. لكنني بعد مشاهدتي لمسرحية (كتمت)؛ التى حضرنا بالطبع خصيصاً لمشاهدتها، وجدت ان ما بادلنا به الاستاذين القديرين خارج المسرح من رسائل حب وشكر وعرفان ووفاء هي ذات القيم والانفعالات الانسانية النبيلة عبارة عن خير مقدمة لمسرحيتهم الهادفة كتمت؛ التى خاض تجربتها مجموعة من الشباب بنص قوي وبجرأة مطلوبة غير خادشة، وديكور مبسط جميل، وموسيقى مصاحبة رائعة متسقة مع المشاهد كما يجب ان يكون، مع ضبط جيد للإضاءة والوان الخلفيات. توفر كل هذا رغم شح الامكانيات. قدمت هذه المجموعة الشابة عمل متكامل من كل الجوانب، فكانت المسرحية عبارة عن وجبة دسمة مركزة جدا، حققت لنا سهرة ممتعة أنستنا عامل الزمان والمكان ورهق سنين الغربة ؛ سوف افرد مقال كامل يحكى المسرحية القيمة والتى فعلا تجسد حال البلاد والعباد… 14/09/2017 ام درمان http://waleedmarouf.weebly.com/