الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    طائرات مسيرة تستهدف مقرا للجيش السوداني في مدينة شندي    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سياسة التحرير الاقتصادي اكبر عملية تمت لنهب موارد وثروات السودان ( الحلقة الاولي )
نشر في حريات يوم 23 - 12 - 2017


تعريف
سياسة التحرير الاقتصادي تعني التخفيف حدة قبضة الدولة في النشاط الاقتصادي عن طريق تخفيف او ازالة القوانين والقيود الادارية بهدف تمكين القطاع الخاص(السوق) ليلعب الدور القيادي في الاقتصاد0وارتبط مفهوم سياسة التحرير الاقتصادي بفكر اللبرالية الكلاسيكية في الاقتصاد والتي تدعو لترسيخ مبادي الحريات المدنية وسيادة مبدا حكم القانون في اطار الحرية الاقتصادية ومن اشهر فلاسفة هذا المذهب الكلاسيكي جون لوك و ادم سميث وديفيد ريكاردو وتوماس مالتوس وجين بابتست ساي0
وحديثا ارتبط مفهوم التحرير الاقتصادي بمفهوم النيولبرالية الاقتصادي والذي كان الفكر السائد في العالم الغربي الرأسمالي في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين مستندا علي فلسفة ( laissez-faire economic liberalism) دعه يعمل دعه يمر اي ترك الاقتصاد يعمل بقوي السوق دون تدخل من الدولة 0يرتكز مبدا التحرير الاقتصادي علي ازالة القيود التي تعوق النشاط الخاص وبيع اصول القطاع العام الخصخصة حرية التجارة وحرية حركة رؤوس الاموال وارباح الشركات خفض الانفاق الحكومي 0جاء الفكر النيولبرالي بوجه الحديث كترياق مضاد للفكر الكينزي والذي كان سائدا في فترة ما بعد الحرب العالمية 1980-1945
ولعب دورا محوريا في مواجهة الكساد العظيم في فترة الثلاثينيات
الاساس النظري والأيديولوجي لسياسة التحرير الاقتصادي
يعتبر اجماع واشنطن (Washington Consensus) الاساس النظري والأيديولوجي الفعلي لسياسة التحرير الاقتصادي وجاء هذا الميداء في العام 1989 باتفاق مؤسسات واشنطن والتي تتحكم في ادارة الاقتصاد العالمي كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ووزارة الخزانة الامريكية0
ويرتكز اجماع واشنطن علي عشرة مبادي تهدف الي استقرار الاقتصاد الكلي وفق مبادي حرية التجارة وحرية الاسوق مع ريادة دور القطاع الخاص وتقليص دور الدولة في ادارة الاقتصاد
والهدف الإيديولوجي واضحا تمام في تطبيق هذه التوصيات والتي تتمركز حول توجيه الاقتصاد نحو فلسفة السوق الحر تماما والتحول من الاقتصاد الكينزي والذي ظل سائدا حتي نهاية السبعينيات0
بينما يري بعض الاقتصاديين ان مبدا اجماع واشنطن ظل المبدأ السائد في الفترة ما بين 2000-1980 مع بداية الالفية مع كثافة تطبيقه في التسعينيات بينما يري البعض ان اجماع واشنطن قد انتهي عمليا في 2008 وذلك عندما شهد العالم تدخلا واضحا للدول في برامج إسعافيه عاجلة للخروج من الازمة المالية العالمية في الاعوام 2012-2008
نهاية اجماع واشنطن وفشل التجربة
يعد عام 2009 التاريخ الحقيقي لنهاية مفهوم اجماع واشنطن وذلك بأجماع معظم المراقبين وعلي راسهم غردون براون رئيس الوزراء البريطاني والذي صرح قائلا في اجتماع قمة الدول العشرون في لندن 2009
"The old Washington Consensus is over"
اجماع واشنطن قد انتهي وحتي جون ويليامسون الاقتصادي المعروف في صندوق النقد و صاحب الفكرة الاصلي قد اقر ايضا بفشل كل سياسات اجماع واشنطن والذي قد بلغ قمته في حدوث الازمة المالية العالمية والتي كان مبدا تحرير القيود البنكية وقيود الاستثمار في العقارات احد اهم اسبابها ومبدا التحرير كما اسلفنا يعتبر مبدا راسخ من مبادي اجماع واشنطون0
ورغم قصر فترة سيادة مبدا اجماع واشنطن 2008-1980
فقد شهد العالم وخاصة الدول النامية والتي كانت في حوجه ماسة لقروض ومساعدات تنموية واضرت للجوء للبنك الدولي وصندوق النقد فكان لازما عليها اتباع توصيات تلك المؤسسات وبالتالي الوقوع في فخ اجماع واشنطن بتكلفة اجتماعية وسياسية عالية خلقت نوع من عدم الاستقرار وفي بعض الاحيان احتجاجات جماهيرية عارمة ادت لسقوط بعض الحكومات في اسيا وامريكا اللاتينية في فترة منتصف التسعينيات
وكان نتاج جماع واشنطن الازمة المالية في الارجنتين والازمة المالية الاسيوية في نهاية التسعينيات واخيرا الازمة المالية العالمية 2008
واجه اجماع واشنطن وماتبعه من سياسات التحرير الاقتصادي نقدا حادا من اساتذة اقتصاد بحجم جوزيف استقليز وسن امارتا وكلاهما من حملة جائزة نوبل للاقتصاد ويدرسا في اعظم الجامعات الامريكية (جو استقليز استاذ الاقتصاد في جامعة كولمبيا وكان يعمل مستشارا اقتصاديا للرئيس كلينتون كما كان يشغل منصب رئيس قسم البحوث في البنك الدولي واستقال لاختلافات وجهة نظره مع البنك في مفاهيم العولمة الاقتصادية اما البروفسور سن امارتا فهو استاذ الاقتصاد الدولي في جامعة
(MIT)
وتتلخص هذه الانتقادات حول الاتي
والتي قد تكون في وضع المتضرر الدائم من شروط التبادل التجاري الغير عادل (unequal terms of trade)
Common Agricultural Policy (CAP)
حرية التجارة انتقدت من كثيرا من الشخصيات المرموقة امثال نعوم شاوموسكي والذي يعتقد ان حرية التجارة وحرية العمل مبادي تستغل لصالح الدول الغنية والشركات المتعددة الجنسيات والتي تعمل في هذه الدول وتستغل العمالة الرخيصة والدخول في اسواق هذه الدول0
ويعتبر مبدا اجماع واشنطن يهدف الي فتح اسواق هذه الدول واستغلال شعوبها ليس الا0
"According to Stieglitz the treatment suggested by the IMF is too simple: one dose, and fast—stabilize, liberalize and privatize, without prioritizing or watching for side effects"
سياسة التحرير الاقتصادي في السودان
عندما تسلم المتاسلمين زمام الامور في يونيو 1989 كانت الشعارات المرفوعة والمتشنجة تندد بالغرب الامبريالي والشرق الشيوعي وكان شعار او هتاف "امريكا روسيا قد دنا عذابها" علي كل لسان وعلي الصعيد الاقتصادي كان شعار الاعتماد علي الذات والتحرر والانعتاق من التعبية وكان الكل ينادي بشعارات مثل "ناكل مما نزرع ونلبس مما نصنع"
وفي خضم كل هذا الزخم يأتي عبدالرحيم حمدي وزيرا للمالية ويشرع في التنفيذ الفوري للسياسة التحرير بشكل تام متبعا كل خطوات اجماع واشنطن بشكل ادهش حتي خبراء صندوق النقد الدولي والذي عادة ما يوصون بتنفيذ حزمة الاصلاحات علي مراحل للتخفيف من حدة الصدمة والتي عادة ما تقع علي عاتق الفقراء وذوي الدخل المحدود
في لقاء صحفي لخص عراب سياسة التحرير الاقتصادي في السودان عبدالرحيم حمدي سياسته في الاتي
"بدأت سياسة التحرير قبل عام 1992، لكن بطريقة متدرجة وعالجنا فيها الأشياء التي كانت حرجة عند اعلان اجراءات تطبيق هذه السياسة في فبراير 1992، اذ انها كانت اجراءات مكثفة وموسعة جدا، وهذه السياسة منذ ذاك الوقت كانت مستمرة ولكن حدث تراخ في بعض الجوانب خلال الفترة الماضية. فلقد حدث تراخ في عمل القطاع الزراعي عام 1995، فكانت برامج الخصخصة جاهزة ولكنها لم تطبق آنذاك نتيجة للعوامل التي ذكرتها سابقاً مثل ارتفاع نسبة معدل التضخم في عامي 95 1996 وبالذات في عام 1996، فدخل استدراك مخالف لحرية سعر صرف العملة يعني حدثت تغييرات غير مقصودة متمثلة في اعادة النظر في حرية التعامل بالنقد الأجنبي وكذلك حدثت تغييرات غير مقصودة في دعم الزراعة فما حدث اخيراً هو اعادة تأكيد لهذه السياسات التحريرية وعودة ايضا الى منهج المعالجة الاقتصادية الكاملة، يعني تطبيق سياسات كبيرة وقوية لتعطي دفعة قوية للاقتصاد السوداني. فما يحدث اليوم هو نفس منهج الثاني من فبراير 1992 ولتفعيل السياسة التحريرية نفسها.
ويوصل عراب سياسة التحرير الاقتصادي
ان نمو الاقتصاد ليس لمجرد حدوث انفتاح، ولكن هذا الانفتاح كان من انعكاساته الايجابية جذب الاستثمارات الهائلة في السودان، يعني لولا سياسات التحرير الاقتصادي لما اكتشفنا البترول في السودان. فالبترول استثمار خاص لا تملك الحكومة فيه الا نسبة قليلة. وكانت عندنا تجربة صغيرة جداً في منطقة ابو جابرة وهذه التجربة كلفتنا ملايين الجنيهات لكي نتعلم معنى كلفة الكشف عن البترول. لكن جاءت استثمارات البترول من الخارج فجاء البترول. لولا هذا الانفتاح والاندماج في الاقتصاد العالمي ما كان من الممكن استقطاب هذه الاستثمارات. فهذه واحدة من ثمار سياسات التحرير الاقتصادي. كما ان من سياسات التحرير ظاهرة الوفرة في السلع المختلفة. فالآن كافة السلع متوفرة في السودان عدا ثلاث سلع توجد بصددها مشاكل وهي ما زالت تحت سيطرة الحكومة، الكهرباء والمياه والسكر. هذا يدل ان سياسة التحرير هي السياسة التي يمكن ان توفر السلع، صحيح بثمن.. كما انه حدثت استثمارات هائلة في قطاع النقل، الناس لم تعطِ هذا الأمر حقه. فقد جاءت شركات كبيرة وعملت في قطاع نقل البضائع والركاب. فهناك شركات نقل من ناحية طاقة النقل فاقت السكة الحديد، كلها استثمارات قطاع خاص عربي. فجذب هذه الاستثمارات وما وفرته من تشغيل عمالة ومدخلات، كانت من عوامل زيادة معدلات النمو الاقتصادي، لأنه لا يمكن ان يحدث نمو من غير نقل مثلاً، فهذه واحدة من ثمار سياسة التحرير الاقتصادي. كما ان التنوع الحادث في مصادر الاقتصاد السوداني من بترول وذهب ومعادن وثروة حيوانية جذب الاستثمارات العربية والأجنبية الى السودان. ففي الثروة الحيوانية حدث استثمار في تشييد المسالخ الحديثة والمدابغ، وذلك نتيجة برامج الخصخصة وكذلك الفنادق والاتصالات، وكل ذلك مرده سياسة التحرير، وكان برنامج الخصخصة جزءا من هذه السياسات التحريرية الداعية الى خروج الدولة من العملية الانتاجية والخدمة الا في نطاق ضيق بالنسبة للقطاع الخدمي كالصحة والتعليم.. الخ. ولكن للأسف هذه السياسات التحريرية لا تجد حقها من الرعاية والترويج في وسائل الاعلام المحلية فالسياسات التحريرية حققت انجازات كبيرة جداً في السودان
كما سبق وان اجبت على سؤال سابق حول ايجابيات السياسة التحريرية، فلكي نتعرف على هذه الايجابيات اكثر علينا التعرف على الجانب الاجتماعي لهذه السياسات، فنجد ان خدمات التعليم تضاعفت، فهل هذا انعكاس سلبي او ايجابي؟! ايجابي طبعا فالأموال صرفتها الدولة لأن التعليم في السودان ليس تعليما تجاريا، على الرغم من انه فُتحت الفرص للتعليم التجاري. ومساهمة الدولة في الخدمات الصحية وخدمات التعليم العالي زادت زيادة هائلة جدا، لم يحدث مثلها في اي دولة مجاورة، وكذلك خدمات السكة الحديد تحسنت وحركة المواصلات الداخلية، كل هذه الخدمات مَنْ الذي دعمها؟ فهي خدمات تم دعمها بواسطة الحكومة، فهل هذه الخدمات تصلح احوال المواطنين ام لا؟ المرتبات هي نفسها زادت زيادة هائلة، صحيح دون الطموح. والدولة تدعم حالياً التأمين الاجتماعي، فهي تدفع %17 من المرتب لاشتراك التأمين الاجتماعي و%4 للتأمين الصحي. وحدثت زيادة مستمرة في المرتبات وكانت في فترة من الفترات يتم تعديلها كل 6 أشهر، وبعد ان قل التضخم بدأت التعديلات تكون بنسب اقل مما كانت عليه في السابق. كان في الماضي هناك ازمات سلعية في الخبز والبترول، حتى اذا لم يملك المواطن سيارة يعاني من ازمة المواصلات لأن الحافلات تتأثر بأزمة البترول، وكذلك كان هناك نقص مريع في المدارس والمستشفيات، كل هذه الأشياء توفرت الآن، صحيح بشيء من الضيق والمعاناة، ولكن الآن حدث انفراج في كل هذه الأشياء ومن يقل بغير ذلك فهو ظالم وكاذب. فقد صبر الشعب السوداني صبرا شديدا على هذه المكاره والمضايقات ولكنه الآن بدأ يحصد ثمار صبره بوفرة في هذه الأشياء، فلا يجوز للبعض ان يحبط هذا الشعب بدلاً من ان يعطيه الأمل. وانا اعتقد ان تبخيس انجازات السياسات التحريرية جريمة، الذي يرتكبها من منطلق انه معارض سياسي يغفر له ذلك، ولكن عندما ترتكب من جامعيين واكاديميين وباحثين يكون هذا جهلا، والجهل كارثة قومية- انتهي كلام عبدالرحيم حمدي
الكارثة القومية هي انت يا عبدالرحيم حمدي والسودان لو ما هامل يمسك زمام امره وشؤون معاشه شخص بمواصفات هذا الشخص فهو كاذب واناني وجاهل وغير مؤهل فنيا واخلاقيا ليدير شركة صغيرة ناهيك عن اقتصاد دولة ومصير اربعين مليون نسمة0
وحمدي ليس له علاقة تذكر بالشأن الاقتصادي فهو موظف بنكي وبالتحديد كل خبرته تتلخص في البنوك الإسلامية ليس اكثر وعقليته مبنية علي مبدا الربح والخسارة وما العائد المالي من اي تعامل دون اعتبار لأي جوانب اخري اجتماعية وسياسية وهكذا يفكر المصرفيين دائما0
لذلك تجده يدافع حتي الان دون ملل وبعد ان تجرع الشعب السودان كاسات المر من جراء سياسات التحرير تجده يصر علي تطبيق المزيد منها لان تركيبته وخلفيته البنكية لا تمكنه من استيعاب ابعد من ارنبة انفه فالبنكيون قصيري النظر والروى ولا يصلحون لأدراه اقتصاد متشابك ومتعدد المشاكل مثل حال الاقتصاد السوداني0
فلنأتي الان ونفند ادعاءات عراب سياسة التحرير
اولا يقول هذا المدعي "هذا الانفتاح كان من انعكاساته الايجابية جذب الاستثمارات الهائلة في السودان، يعني لولا سياسات التحرير الاقتصادي لما اكتشفنا البترول في السودان"
كاذب— البترول لم تكتشفه الانقاذ اكتشف بواسطة شركة شيفرون الامريكية في فترة حكم النميري00وسياسات التحرير الاقتصادي لم تجذب الاستثمار في مجال النفط بل العكس احجمت كل الشركات الامريكية والاوروبية المعروفة في مجال النفط عن الاستثمار في السودان لسوء سمعة السودان وسجله في مجال حقوق الانسان وحرب الجهاد في الجنوب وهنا نذكر ان شركة تلسمان الكندية قد انسحبت من الاستثمار في السودان وباعت اسمها لشركة هندية استجابة لضغوط من المستثمرين الكنديين والبرلمان الكندي0فالبترول لم يجذب مستثمرين بل جذب مغامرين من دول أسيوية كالصين والهند وماليزيا0
ثانيا0 يقول حمدي "كما ان من سياسات التحرير ظاهرة الوفرة في السلع المختلفة. فالآن كافة السلع متوفرة في السودان عدا ثلاث سلع توجد بصددها مشاكل وهي ما زالت تحت سيطرة الحكومة، الكهرباء والمياه والسكر".
ما معني ان تتوفر السلع وتمتلي ارفف السوبر ماركت ولن يتمكن من شراءها سوي نفر من شلل الطفيلية المتاسلمة لذا لا تستغرب من احدي تصريحاته وهو يقيم سياسة التحرير بقوله المدهش مستشهدا بارتفاع عدد (السوبر ماركت)بالخرطوم من 5 آلاف إلى 300 ألف بعد تطبيق سياسة التحرير
بالله دا كلام زول عاقل ناهيك عن وزير مالية تقيس وتقيم سياسة دولة بعدد دكاكين السوبر ماركت 00
ثالثا00 يقول حمدي "حدثت استثمارات هائلة في قطاع النقل، الناس لم تعطِ هذا الأمر حقه. فقد جاءت شركات كبيرة وعملت في قطاع نقل البضائع والركاب. فهناك شركات نقل من ناحية طاقة النقل فاقت السكة الحديد، كلها استثمارات قطاع خاص عربي"
كاذب- عن اي استثمارات هائلة في قطاع النقل تتحدث واين الطرق اصلا لمرور هذه الناقلات اتتحدث عن طرق الموت في مدني الخرطوم ام طرق الشمال ام طريق بورتسودان ونسمع بالموت الجماعي في هذه الطرق كل يوم لعدم الصيانة والغش في المواصفات عند تشيد هذه الطرق0
والله الا تكون بتقصد بالاستثمارات الهائلة في قطاع النقل الزيادة الهائلة في عدد "الركشات" حيث فاق عددها عدد النمل في السودان00
رابعا 00 ويمضي حمدي في تحريفاته ويقول "كما ان التنوع الحادث في مصادر الاقتصاد السوداني من بترول وذهب ومعادن وثروة حيوانية جذب الاستثمارات العربية والأجنبية"
عن اي استثمارات تتحدث عن المزارع القطرية والتي تستغل فيها مياه واراضي السودان بثمن بخس ويزرع فيها البرسيم والاعلاف هل تسمي هذا استثمار ما القيمة المضاف وماعدد فرص العمل التي اضافها مثل هذا الاستثمار بل ما العائد الاقتصادي لمثل هذه الاستثمارات0
اما الاستثمارات في مجال بترول وذهب ومعادن وثروة حيوانية تؤكد الاعتماد والاستمرار في نهج الاقتصاد الربيعي وخطورة هذا النمط الاقتصادي تجاهل كل الانشطة الانتاجية الأخرى كالزراعة والصناعة ويخلق نمط استهلاكي وتفاخري مرتبط بالاستيراد وغير منتج اطلاقا0ومن اكبر الانشطة الريعية الان بيع العقارات والسمسرة فيها وريع استخدام جهاز الدولة والامن والمضاربة في البنوك الاسلامية وتجارة العملة
خامسا 00 ويمضي ويقول "، وذلك نتيجة برامج الخصخصة وكذلك الفنادق والاتصالات، وكل ذلك مرده سياسة التحرير، وكان برنامج الخصخصة جزءا من هذه السياسات التحريرية الداعية الى خروج الدولة من العملية الانتاجية "
بدأت سياسة الخصخصة بعد انقلاب 30 يونيو 1989 مباشرة فقد أعلنت الحكومة في العام 1990 برنامج الإنقاذ الثلاثي 1990-1993والذى استخدم فيه السيد حمدي وزير المالية وقتها نفس سياسات التحرير الاقتصادي كما اسلفنا القول0
نفس العام أصدرت الحكومة قانون التصرف في المرافق العامة لعام 1990 والذى تشكلت بموجبه اللجنة الفنية العليا للتصرف في المرافق العامة برئاسة وزير المالية السيد حمدي حينها. وقد قصد من ذلك إعطاء السند والغطاء السياسي لسياسة الخصخصة بقصد انجاحها وخصخصة أكثر من 127 مؤسسة عامة خلال فترة البرنامج.وبالتالى فقد كانت اللجنة الفنية بمثابة الآلية التي تولت تنفيذ سياسة الخصخصة2
بالفعل بدأت الحكومة تطبيق سياسة الخصخصة في بعض القطاعات مثل قطاع الصناعات الغذائي(الحلويات والزيوت النباتية)وقطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية سودا تل)
وهنا يجدر بنا الاشارة للاتي
اولا0كان الغرض الاساسي من تطبيق سياسة الخصخصة هو الحصول علي المال لدعم النظام في سنينة الاولي وفي نفس الوقت تمكين اعضاء التنظيم وتقويتهم ماليا واقتصاديا لذلك تم بيع اصول مؤسسات كانت رابحة اصلا كمؤسسة الاتصالات السلكية و واللاسلكية التي تم بيعها لشركة سوداتل0كذلك الحال في البنوك الحكومية كبنك الخرطوم والبنك التجاري وبنك النيلين فمعظم هذه البنوك كانت تعمل بصورة جيدة قبل الانقاذ0
ثانيا0بيعت كل هذه الاصول بأسعار زهيدة اقل بكثير من قيمتها الاساسية او حتي اقل من قيمة السوق وفي احيان كثيرة تجري عملية اعادة تأهيل لها علي حساب الدولة ثم تباع بعد ذلك لاحد الموالين للنظام0
ثالثا0 لم تراعي حقوق العاملين في تلك المؤسسات والشركات التي تعرضت للبيع0 فقد تم الاستغناء عن عشرات الآلاف من العاملين فيها قبل إعطائهم حقوقهم في الوقت المناسب وبصورة مجزية0
سادسا00ويواصل حمدي ويقول "خروج الدولة من العملية الانتاجية والخدمة الا في نطاق ضيق بالنسبة للقطاع الخدمي كالصحة والتعليم "
كاذب— فنصيب ميزانية التعليم والصحة لايتعدي ال%3 في احسن الاحوال اذ اطلقت حكومة المتاسلمين يد امثال دكتور مأمون حميدة ليستثمر في المستشفيات والجامعات ويخدم الاغنياء من الطبقة الطفيلية الانقاذية اما غالبية الشعب من الفقراء فلهم الجهل والمرض والموت0
ولولا مبدا مجانية التعليم والذي كان سائدا في كل الانظمة التي حكمت السودان قبل نظام المتاسلمين لما تمكن حمدي وحميدة وغيرهم من الكيزان من الحصول علي التعليم العام ناهيك عن الجامعات 00كان حدهم الخلاوي عشان مجاني000
من كل ما سبق ذكره نخلص الي الاتي
اولا0تم التنفيذ الكامل لسياسة التحرير بانتهازية واضحة بهدف الحصول علي المال اللازم لتمكين النظام وتمويل الة الحرب القائمة في الجنوب ولتمكين الموالين للنظام من احكام قبضتهم من الاقتصاد السوداني0
ثانيا0نفذت هذه السياسات بالكامل وبقسوة ادهشت خبراء صندوق النقد الدولي واللذين عادة ما يوصون بضرورة التريث في تنفيذ مثل هذه السياسات وتطبيقها علي مراحل لخطورة ما يترتب عليها من اثار جانبية تقع علي عاتق الفئات الضعيفة في المجتمع ولكن اصر المأفون حمدي علي استخدام الصدمة
"Shock Therapy"متبعا اسلوب صنوه مأمون حميدة في استخدام الكهربائية لمعالجة مرضاه النفسيين0
ثالثا0رغم اعلان فشل سياسات التحرير رسميا بعد حدوث الازمة المالية العالمية في 2008
الا ان حمدي مازال يصر وفي عناد عجيب علي تنفيذ هذه السياسات الي الان
رابعا0رغم التشدق برفع شعارات المعاداة للغرب الرأسمالي الكافر واسطوانة امريكا روسيا قد دنا عذابها التي مللنا سماعها00التزم النظام باتباع كل سياسات الغرب الكافر في ميكا فيلية يحسدهم عليها ميكافيلي نفسه0
خامسا0معظم الدول تنفذ سياسات التحرير الاقتصادي في اطار برنامج للإصلاح الهيكلي كشرط للحصول علي قروض ومعونات ولكن في حالة الانقاذ فذت هذه السياسات دون الحصول علي تلك القروض0
في الحلقة القادمة نتحدث عن الاثار الاقتصادية والاجتماعية عن سياسات التحرير الاقتصادي0
هوامش
https://groups.google.com/forum/#!topic/fayad61/Pwm7__ay_ss
http://www.sudantribune.net/حمدي-يدافع-عن,13240
http://alsudanalyoum.com/2017/10/21/%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%ad%d9%8a%d9%85-%d8%ad%d9%85%d8%af%d9%8a-%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d9%86%d8%a7-%d8%b1%d9%81%d8%b9%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d8%a7%d8%b1-%d9%85/
https://ar.wikipedia.org/wiki/إجماع واشنطن
https://en.wikipedia.org/wiki/Neoliberalism
محمد محمود الطيب
استاذ الاقتصاد
كلية هوارد الجامعية
الولايات المتحدة
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.