نشر موقع (fanack) الهولندى – متخصص فى قضايا منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا – تقريرا أول أمس 1 مارس عن التعاون بين الاتحاد الاوروبى وحكومة السودان حول مكافحة الهجرة غير الشرعية . واوضح التقرير ان الحكومة السودانية التى طالتها انتقادات شديدة لسنوات لممارستها التطهير العرقى تتعاون حالياً مع الاتحاد الاوروبى . ورغم ان الرئيس السودانى عمر البشير مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية بسبب الابادة الجماعية فى دارفور الا ان هذا لم يمنع الاتحاد الاوروبى من منح حكومته أكثر من 215 مليون دولار لحراسة الحدود . وتأسست (عملية الخرطوم) عام 2014 لبدء حوارٍ بين الاتحاد الأوروبي ودول القرن الأفريقي لتفكيك شبكات التهريب والإتجار بالبشر في المنطقة ، مما مهد الطريق لإقامة رابطةٍ أقوى بين الدول الأوروبية والسودان . وأنشأ الاتحاد الأوروبي الصندوق الائتماني للطوارىء بأفريقيا في العام التالي ، الذي خصص أكثر من 400 مليون دولار لعملية الخرطوم "للتصدي لتحديات الهجرة غير النظامية والنزوح وللمساهمة في تحسين إدارة الهجرة." ووفقاً لمنظمة أوكسفام ، لم تخصص سوى 3% من هذه الأموال للقنوات القانونية للمهاجرين للوصول إلى أوروبا. ويدعم جزءٌ كبيرٌ من الصندوق أجهزة الأمن في القرن الافريقي، مما يثير المخاوف بين جماعات حقوق الإنسان من إمكانية إساءة معاملة المهاجرين دون مساءلة. وأكثر ما يُثير المخاوف قوات الدعم السريع ، التي كلفها البشير بحراسة الحدود السودانية. قبل خمسة عشر عاماً ، كانت هذه القوات – المعروفة حينها باسم الجنجويد – بمعنى (الجن على ظهور الجياد) – مدعومة من الحكومة لقيادة حملة تشبه الإبادةٍ الجماعية ضد القبائل في دارفور. وقتل أكثر من 300 ألف شخص , ولا يزال الملايين مشردين , بسبب عمليات الإعدام بإجراءاتٍ موجزة والحرق المنهجي للقرى، وذلك وفقاً لما أوردته تقارير دامغة لهيومن رايتس ووتش . كما تتهم قوات الدعم السريع بترويع المدنيين في جميع أنحاء البلاد ، بما في ذلك دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان . وتستخدم الأسلحة المخصصة للحرب لمنع المهاجرين من عبور الصحراء في طريقهم إلى أوروبا , فالقذائف الصاروخية (آر بي جي) والصواريخ المضادة للطائرات والمدافع الرشاشة، جميعها جزءٌ من ترسانة قوات الدعم السريع. وقال محمد حمدان ، قائد قوات الدعم السريع ، في لقاءٍ مع قناة الجزيرة نوفمبر 2017: "بمجرد أن تعاملنا مع التمرد في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، انتقلنا فوراً إلى الصحراء الكبرى، خاصة بعد توجيهات رئيس الجمهورية لمكافحة الهجرة غير الشرعية." وكشف تحقيق أجراه Refugees Deeply ، وهي منصة إخبارية مخصصة لتغطية قضايا اللاجئين ، ان أجهزة أمنية سودانية متعددة متورطة بشكلٍ مباشر في تهريب المهاجرين والاتجار بهم. وقال برام فروس، الباحث السابق من الأمانة الإقليمية المختلطة للهجرة ، وهي مجموعة غير حزبية ترصد القضايا المتعلقة بالمهاجرين في المنطقة ، ل Refugees Deeplyإنه من المستحيل أن يعبر أي شخصٍ الحدود السودانية دون مساعدة مسؤولين كضباط الشرطة وحرس الحدود. وأخبر مهاجرون ولاجئون الباحثين في الأمانة الإقليمية ان المسؤولين الحكوميين السودانيين يتآمرون مع المهربين والمتاجرين بالبشر بشكلٍ يومي. والأسوأ من ذلك قيام الشرطة غالباً باعتقال مئات اللاجئين والمهاجرين من أحياء العاصمة الخرطوم وتقديمهم للمحاكمة بتهمة دخول البلاد بطرقٍ غير مشروعة ، حيث يجبرون على دفع غرامات تعادل 360 دولاراً ، في حين يتم ترحيل غير القادرين على الدفع قسراً. وقال خالد، وهو محامى حقوقي في الخرطوم ، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) إن النظام القضائي السودانى فاسدٌ كفساد الشرطة. وأضاف خالد "في العديد من الحالات، يتم إطلاق سراح المتاجرين بالبشر [الذين يتم جلبهم إلى المحكمة] لأن ضباط الشرطة يشهدون لصالحهم." وأضاف "جرت محاكمات ل(250) لاجئاً تم اعتقالهم ، وحكم بالغرامة على كل واحدٍ منهم . حدث ذلك بسرعة كبيرة – عملية الاعتقال ، والمحاكمة والإدانة ، فالقاضي وعناصر الشرطة يحصلون على نسبة من الغرامات. هؤلاء القضاة هم نفسهم الذين دربتهم السفارة البريطانية." في سبتمبر 2017، اعلنت قوات الدعم السريع انها قتلت 28 مهرباً في اشتباكاتٍ على الحدود مع ليبيا. ولا أحد يعرف بالضبط عدد المهاجرين الذين لقوا مصرعهم في القتال لأن قوات الدعم السريع ترفض الكشف عن أعداد المهاجرين الذين تقتلهم. وأدى تزايد عدد القتلى والافتقار إلى الشفافية لتعرض الاتحاد الأوروبي لإدانةٍ واسعة النطاق. وقال عبد المنعم أبو إدريس، المحلل السياسي السوداني لقناة الجزيرة، إن على الاتحاد الاوروبي أن يعترف باعتماده لوقف الهجرة من السودان على قوةٍ قتالية مثيرة للجدل. وينفي الاتحاد الأوروبي تمويل قوات الدعم السريع، مدعياً أن جميع الأموال تذهب إلى منظماتٍ انسانية شريكة ، في حين كانت رواية قوات الدعم السريع مناقضةً لذلك. قال محمد حمدان، قائد قوات الدعم السريع "يخسر الإتحاد الأوروبي الملايين لمحاربة الهجرة، لهذا السبب يتوجب عليهم دعمنا." وأضاف "رافقنا بعض الممثلين إلى الصحراء لمشاهدة عملياتنا وعرضوا علينا التدريب." ويبدو أن الاتحاد الأوروبي قام بتمويل أجهزة الأمن السودانية القمعية بشكلٍ غير مباشر. فقد اعترفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين – التي تتلقى جزءاً كبيراً من أموال الاتحاد الأوروبي لمكافحة المهربين والمتاجرين بالبشر- بتوفير دراجاتٍ نارية لجهاز الأمن السوداني. ومن المعروف أن جهاز الأمن السوداني يلاحق السياسيين السودانيين داخل وخارج البلاد. وذكرت كبيرة الباحثين بقسم افريقيا بمنظمة هيومن رايتس ووتش ، جيهان هنري، قضية رئيسية أخرى، ألا وهي أن قوات الدعم السريع وغيرها من أجهزة الأمن السودانية لا تفرق بين الضحايا والمتاجرين بالبشر . وأشارت إلى أن هذا الخلط أبقى السودان في المستوى الثالث، وهو أدنى ترتيب تعطيه الولاياتالمتحدة للحكومات في جميع أنحاء العالم عند إجراء تقييمها السنوي حول مكافحة الاتجار بالبشر. وأضافت جيهان هنري انه من غير الكافى ان ينأى الاتحاد الأوروبي بنفسه عن قوات الدعم السريع إذا ما استمرت الحكومة السودانية فى انتهاك القانون الدولي بإعادة المهاجرين إلى بلدان يتعرضون فيها للاضطهاد. في عام 2016، رحلت حكومة السودان (300) لاجئا، فر العديد منهم من التجنيد العسكري والقمع في إريتريا. كما شددت أيضاً ان على الاتحاد الاوروبي ضمان عدم تشجيعه لحكومةً تسجن وتعذب معارضيها. وفي تقريرٍ صادرٍ عن منظمة هيومن رايتس ووتش نوفمبر 2017، كتبت جيهان هنري " إذا ما كان الاتحاد الأوروبي يرغب في دعم أهداف عملية الخرطوم، فإنه يحتاج إلى الانخراط في المهمةٍ الصعبة المتمثلة في الضغط على الحكومة السودانية لتحسين احترام حقوق الإنسان ، ليس للاجئين فحسب، وانما على نطاقٍ أوسع." (المصدر أدناه): https://fanack.com/international-affairs/eu-funding-sudanese-militias/?highlight=human+trafficking+Sudan