مؤلف هذا الكتاب، كما يأتي في تعريفه، ساهم في تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي بالسودان خلال الستينيات وواكب التجربة منذ السبعينات وحتي التسعينيات، أساسا من خلال علاقة مباشره مع قيادة الحزب، اكسبته خبرة داخلية بأحوال البعث سودانيا وعراقيا. إهتمامات الكاتب بالجوانب الفكريه ساعدت في تنمية تيار تجديدي في بعث السودان شق لنفسه مجري مستقلا عن المركزين التقليديين العراقي والسوري علي كافة الاصعده. لذا لاغرابة ان يضم الكتاب مجموعة من المقالات تطرح تصوراً للحركة القومية البعثية وغير البعثيه، وحركات التغيير الستينية عموما، تتضح ابعاده الكاملة تدريجيا كلما اقترب تاريخ كتابتها من الزمن الحاضر مع مايعنيه ذلك من حرص علي تثبيت تاريخ المقالات مع العنوان. يساهم الكتاب في تقييم تجربة البعث في السودان منذ بداية ستينيات القرن الماضي ، وصولا الي حقبة التسعينيات . وقد أثر الحزب وتأثر بما شهده السودان من تطورات ، بدءاًً ببروز حركة التحرر القومي العربيه بكافة تياراتها، وتجربة البعث في التعاطي مع التطورات في المنطقه ، وخاصة اجتياح العراق للكويت وحرب الخليج عام 1991، ثم التعاطي مع قضايا التطور الوطني في السودان وإدارة الصراع الداخلي ، وصولا الي ماتعرض له الحزب من انقسام عام 1997،والدروس التي يمكن الافادة منها لاستيعاب المتغيرات العاصفة الجاريه في السودان. يعالج الجزء الاول من الكتاب مسألة مجابهة الحصار علي العراق الذي كان مفروضاً عليه من زاوية تركز علي مسئولية البعثيين، بعكس التركيز البعثي الرسمي والحزبي وقتها علي مسئولية امريكا والصهيونيه. ويذهب المؤلف الي ابعد من المساهمة في الجهد العام ضد الحصار ليفيد من المعالجه كوسيلة لاثارة قضية الديموقراطيه في الحزب ثم في العراق نفسه. الجزء الثاني من الكتاب يعالج بنقد مفتوح مجموعة من التطورات ويطرح بعض القضايا النظريه التي تتجاوز البعث لتدور حول محور الديموقراطيه بوصفها استحقاقا، وصلتها العضوية بالتنوير. ولايغفل الكاتب تقديم خلفية عن تاريخ البعث في السودان للتعريف والمساعدة في استيعاب المسائل التي يعالجها الجزء الاول من الكتاب.