أكوبام كسلا يعيد قيد لاعبه السابق عبدالسلام    الخارجية: رئيس الوزراء يعود للبلاد بعد تجاوز وعكة صحية خلال زيارته للسعودية    الأمر لا يتعلق بالإسلاميين أو الشيوعيين أو غيرهم    الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يستقبل رئيس وزراء السودان في الرياض    طلب للحزب الشيوعي على طاولة رئيس اللجنة الأمنية بأمدرمان    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية تنفجر غضباً من تحسس النساء لرأسها أثناء إحيائها حفل غنائي: (دي باروكة دا ما شعري)    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    البرهان: لن نضع السلاح حتى نفك حصار الفاشر وزالنجي وبابنوسة    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    يوفنتوس يجبر دورتموند على التعادل    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    د.ابراهيم الصديق على يكتب: معارك كردفان..    رئيس اتحاد بربر يشيد بلجنة التسجيلات ويتفقد الاستاد    عثمان ميرغني يكتب: المفردات «الملتبسة» في السودان    إحباط محاولة تهريب وقود ومواد تموينية إلى مناطق سيطرة الدعم السريع    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا لو اندفع الغزيون نحو سيناء؟.. مصر تكشف سيناريوهات التعامل    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عضو القيادة القومية؛ أمين سر قطر السودان بحزب البعث العربي الاشتراكي علي الريح السنهوري ل(الأهرام اليوم) (1)

جوانب شخصيّة وأخرى تنظيمية مثّلت أبرز محطّات هذا الحوار. عن مستقبل البعث في ظل التحولات التي أفرزتها ثورات الربيع العربي كانت لنا وقفات. رؤيته لصعود التيارات الإسلامية للسلطة في المنطقة العربية، وموقف حزبه من القضايا السودانية القومية والثورات في المنطقة كانت حاضرة في حوارنا معه، كما سألناه عن علاقة البعث بالجيش السوداني، والانقلابات وفشله في دخول البرلمان، اتّهام البعث بالضلوع في انفصال الجنوب وتطابق مواقفه مع مواقف النظام وغيرها من الأسئلة كانت حاضرة في حوارنا معه. الرجل معروف بشخصيته القومية وأشواقه لوحدة الأمّة العربية، وكذا رفضه للتدخلات الأجنبية والوصاية الدولية. عضو القيادة القومية وأمين سر قطر السودان بحزب البعث العربي الاشتراكي؛ علي الريح السنهوري استمع لجميع أسئلة (الأهرام اليوم) ورَد عليها بكل وضوح وشفافية وكانت حصيلة ردوده هذا الحوار.
* من هو علي الريح السنهوري ومتى انضمّ لحزب البعث العربي الاشتراكي ومن الذي جنده للحزب؟
علي الريح بعثي بدأ يؤمن بشكل ضبابي بالفكر القومي منذ أن كان في العاشرة من عمره إبان حرب السويس على مصر، وكان يتفاعل مع تجربة عبد الناصر وفي مطلع الستينيات وتحديداً في عام 1962م بدأنا نشكل مجموعات قومية عربية من طلاب مدرسة (خور طقت) الثانوية وانتقلنا إلى المحيط الخارجي وقمنا بتشكيل وحدات شعبية ثم التقيت بعدها بالمرحوم بدر الدين مدثر، وكان حينها مطروحاً تنظيم الاشتراكيين العرب كتنظيم يضم كل التيارات القومية في الساحة السودانية من “ناصريين وبعثيين وقوميين وغير منتمين”، واعتمد هذا التنظيم على نظرية الخط التقدمي العربي العام أي التفاعل الإيجابي مع كل الحركات القومية في الوطن العربي، واتفقنا على عقد مؤتمر للاشتراكيين العرب في الأبيض وتم عقد هذا المؤتمر، ومن خلال التفاعل داخل تنظيم الاشتراكيين العرب بدأ التطور نحو حزب البعث العربي الاشتراكي باعتباره حركة شعبية ثورية، ونضج هذا الأمر إثر العدوان الصهيوني في عام 1967م على “مصر والأردن وسوريا” وفي المؤتمر الثاني للاشتراكيين العرب في يونيو 1968م طرح هذا الأمر في المؤتمر وخرج ذلك المؤتمر بما يسمى بالتقرير العقائدي الذي جعل الاشتراكيين العرب أقرب إلى حزب البعث لاعتبار أن الاتفاق نص على عدم الاستقطاب داخل الاشتراكيين العرب لتنظيم حزب البعث، وفي عام 1970م تم تشكيل قيادة فرع حزب البعث في إطار الاشتراكيين العرب وكنت أحد أعضاء فرع حزب البعث في القطر، وتولى قيادة هذا الفرع قيادة تنظيم الاشتراكيين العرب، وإذا أردت الحديث عن علي الريح السنهوري أو أي من الشخصيات البعثية من الصعب أن تفصل بين العضو والحزب فدور الفرد لا ينفصل عن دور المؤسسة الحزبية.
* “السناهير” في واقع الأمر هم ختمية ما هو السبب الذي دفعك للاتجاه نحو البعث؟
السناهير عشيرة من عشائر الجعليين وقد يكون أكثرهم من الختمية لكن فيهم من هم متحررون من الطرق والطوائف، وأكثر “السناهير” كانوا في الحزب الوطني الاتحادي وليس في حزب الشعب الديمقراطي، وعندما انقسم حزب الشعب عن الحزب الوطني الاتحادي ذهب أكثرهم ومنهم “الشاذلي الشيخ الريح” الذي كان نائباً في البرلمان؛ ذهب إلى الحزب الوطني الاتحادي وانضوى تحت قيادة إسماعيل الأزهري وكانوا يميزون بين الدين وبين السياسة، والانتماء إلى طريقة أو طائفة أو غيره لا يعني أن يترتب عليه ارتباط سياسي، وفي عام 1985م أحد شيوخ الأنصار في كوستي انتمى لحزب البعث العربي الاشتراكي وعمل في الدعاية الانتخابية للمرشح الدكتور “عثمان الشيخ”، وطرح عليه سؤال من قبل شيوخ الأنصار “أنت أنصاري كيف تعمل مع حزب البعث العربي الاشتراكي عوضاً عن العمل مع حزب الأمة”؟ وقال لهم: “أنا أنصاري وشيخ من شيوخ الأنصار وانتمائي للأنصار والتزامي بالراتب لا ريب فيه، ولكن انتمائي لحزب البعث هو خيار سياسي وهذا شيء يختلف عن الخيار الديني”.
لم أكن ختمياً في يوم من الأيام وأنا منذ نعومة أظافري وجدت أهلي يلتزمون بخط الحزب الوطني الاتحادي وبإسماعيل الأزهري ويرفضون تدخل السادة في العمل السياسي، لم أكن ختمياً ولم ألتزم بأية طريقة من الطرق وأنا أصلي في أي جامع أجده أمامي بصرف النظر عن النوع أو الصفة العامة لهذا الجامع سواء أكان منتمياً لهذه الطريقة أو تلك، وفي تاريخه الطويل لم يعرف السودان التعصب الديني وكانت السياسة منفصلة تماماً عن الدين، وقيادات “حزب الأمة” و”الوطني الاتحادي” كان بها في مكاتبهم السياسية مسيحيون، وكان لدينا في مدينة “الأبيض” شخص اسمه (الياس فحام) وهو مسيحي من المشرق العربي، وكان يترشح في انتخابات البلدية ويفوز في هذه الانتخابات بأصوات المسلمين السودانيين، وليست هناك عصبيات دينية وعنصرية وجهوية وقطرية، بل كانت هذه من الأشياء المرفوضة في المجتمع السوداني لأننا قبيل دخولنا للمدارس كنا نتعرض لما يشبه المعاينة وتلقينا من أهلنا أنك إذا سئلت ما هو جنسك؟ عليك أن ترد أنك سوداني ولا تذكر قبيلة أو جهة، وفي الحقيقة لم نكن نعرف قبيلة أو جهة وكنا نعرف أننا سودانيون.
* كيف ترقيت تنظيمياً إلى أن أصبحت عضواً بالقيادة القطرية والقومية؟
الصعود في الحزب يتم عن طريق الانتخابات وأنا منذ عام 1970م عضو في قيادة الحزب في القطر وفي عام 1975م تم إعادة انتخابي وكنت معتقلاً في ذلك الحين، وفي المؤتمر الثاني عشر للحزب الذي عقد في “بغداد” تم انتخابي عضواً في القيادة القومية للحزب وكان ذلك في عام 1992م، وكان من المفترض أن ينعقد مؤتمر آخر ولكن جاء الاحتلال وحال دون انعقاد مؤتمر قومي آخر، والتصعيد في حزب البعث يتم عن طريق المؤتمرات والانتخابات ومن يصعدوا للقيادات في الحزب هم من يرى المؤتمر أنهم الأجدر في هذه المرحلة بقيادة الحزب حسب رؤية المؤتمر، وهذا شيء يخضع للنظام الداخلي للحزب.
* الصعود التنظيمي السريع لعلي الريح موضع تساؤل.. كيف استطاع علي الريح أن يكون من البعثيين المقربين لصدام حسين بخلاف بقية السودانيين الآخرين؟
السودانيون في القيادة القومية كان أولهم الشهيد “محمد سليمان الخليفة” وكان عضواً فاعلاً في الحزب على المستوى القومي، وحينما حدثت ردة 23/ شباط - فبراير 1966م حيث قام انقلاب ضد الحزب في سوريا وانتحل اسم الحزب كان “محمد سليمان” من المقاومين الأشداء لهذا النظام ولاعتبار أن النظام الانقلابي في 1966م استهدف قيادات الحزب وكوادره المتقدمة مما أدى إلى شلل القيادة القومية، بادر وقتها “محمد سليمان” مع بعض الرفاق إلى تشكيل مكتب الاتصال القومي وإلى عقد مؤتمر قومي وانتخاب قيادة قومية، وانتخب هو أحد أعضائها وظل كذلك إلى عام 1971م حيث استشهد في الأراضي السعودية، ثم من بعد ذلك في المؤتمر الحادي عشر 1977م تم انتخاب المرحوم “بدر الدين مدثر” عضواً في القيادة القومية، وكان موجوداً في “بغداد” وهو الذي كان على صلة حميمة إلى جانب رفاقه الآخرين في القيادة القومية بالرفيق القائد الشهيد صدام حسين وبالقائد المؤسس ميشيل عفلق، واستمر عضواً في القيادة القومية حيث أعيد انتخابه في عام 1992م عضواً بالقيادة القومية، ولم أكن متميزاً عليه في العلاقة مع القائد الشهيد صدام بل هو كان أقرب إليه بحكم مشاركته في العمل القومي منذ عام 1973م حيث خرج من السودان في ذلك العام وظل مشاركاً في العمل القومي وفي بناء كثير من تنظيمات الحزب على امتداد الوطن العربي، وبالنسبة لي ولغيري من الرفاق في القيادة القومية علاقتنا بالرفيق القائد صدام حسين أننا كنا أعضاء قيادة واحدة وهي قيادة من عشرة أعضاء وهو كان أمين عام هذه القيادة، والعلاقات ضمن هذه القيادة علاقات موضوعية وليست علاقات قرب من (فلان) أو بعد عن (علان) أي أن القائد صدام كان يقيم علاقاته مع رفاقه في القيادة بشكل موضوعي جداً؛ ولكن بالتأكيد كان للرفاق الأقدم في القيادة أمثال الدكتور “عبد المجيد الرافعي” والمرحوم “بدر الدين مدثر” والشهيد “طه يس رمضان” والأسير “طارق عزيز”، كانوا أقرب بالتأكيد للقائد ولكلمتهم وزن أكثر عند القائد من الأعضاء الجدد، ولذلك لم أكن مميزاً في القيادة القومية كسوداني أو في علاقتي بالقائد الشهيد، وإذا انتفى العامل الموضوعي هناك من هم أقرب للقائد الشهيد مني.
* من خلال وجودك مع القائد الشهيد صدام حسين في الاجتماعات السياسية ما هي أبرز السمات التي تميز شخصيته مع العلم أن هناك حديثاً عن أن شخصيته دكتاتورية؟
أبرز سمات القائد الشهيد هي التواضع وسعة الصدر والقدرة على الاستماع لآراء الرفاق الآخرين ودائماً كان يدلي برأيه كآخر المتحدثين، وفي أية قضية تطرح لم يكن يبادر بإبداء رأيه حتى لا يؤثر على قرار القيادة، وكان يستمع لكل الآراء ولم يكن يتردد في التراجع عن أي قرار أو رأي أبداه إذا ما وجد أن رأي الآخرين هو الأصوب من رأيه، وكان ملتزماً بالقيادة الجماعية في إطار القيادة القومية، وعلينا أن نميز بين صدام حسين كقائد للحزب وبين صدام حسين كرئيس لدولة العراق، وللرئاسة صلاحياتها ومسؤولياتها وللدولة آلياتها في العمل وللحزب آلياته المختلفة، وصدام حسين إلى جانب أنه شخصية متسامحة كان رجلاً ودوداً جداً في علاقته برفاقه سواءً أكان في القيادة القومية أو في القيادات الأخرى وكان دائماً يشعر بالفرح والسعادة عندما يلتقي بكوادر قيادية أو أعضاء من تنظيمات الحزب في الأقطار العربية الأخرى، ويسود جو من المرح في لقائه بهؤلاء الرفاق بجانب التفاعل الحميمي والحب الخالص الذي يكنه لرفاقه في مختلف الأقطار العربية ويعتز بالمناضلين وبالمضحين، إضافة إلى صفاته الأخرى المعروفة مثل الكرم والشجاعة والانتنماء الصميمي للبعث فكراً وتنظيماً، وطيلة فترة الحصار منذ عام 1991م وحتى عام 2003م كان يجد الوقت ليكتب موضوعاً حول (من نكسب وكيف ننظم) وهو موضوع تنظيمي محض يتعلق بالكسب الحزبي والتنظيم الحزبي، ويتمتع بأفق واسع وكان شخصية عبقرية فذة أنجبتها هذه الأمة الولود القادرة على إنجاب العشرات من أمثاله ليقودوا هذه الأمة من واقع التجزئة والتخلف والتبعية إلى واقع النهضة والوحدة والتقدم.
* هناك خفايا وأسرار لم تنشر بعد نريد منك أن تحدثنا عنها وتحديداً أدوار السودانيين البعثيين في العراق؟
السودانيون هناك كانوا نوعين، نوع متفرغ للعمل الحزبي القطري في العراق، ونوع آخر كان متفرغاً للعمل الحزبي القومي لاعتبار أن حزب البعث هو حزب قومي وليس حزب قطر من الأقطار، ولأي عضو فيه في المستويات القيادية مسؤوليات لا تتعلق فقط بالقطر وإنما تتعلق بكل ساحة الوطن العربي، وإلى جانب ذلك الحزب ملتزم بأن السياسة ضمن كل قطر هي من صلاحيات القيادة الموجودة داخل القطر وليس من صلاحيات القيادة القومية التي ترسم الإستراتيجية القومية للحزب على امتداد الوطن العربي، ولكن الإستراتيجية الوطنية يرسمها الحزب ومؤتمراته وقياداته المحلية في الأقطار العربية، وتنظيمات الحزب في الأقطار هي التي ترسم سياساتها والقيادة القومية مهمتها تدعم وتوصي وتعزز وتتابع التزام التنظيمات في الأقطار العربية بالإستراتيجية القومية العامة، وأن مهام القيادة القومية مهام إستراتيجية تتعلق بالإستراتيجية القومية التي مهمتها الحفاظ على وحدة الحزب القومي، وأن لا يخرج تنظيم من التنظيمات عن الوحدة القومية للحزب، وكل بقية الصلاحيات السياسية والتنظيمية هي للقيادات الحزبية في كل قطر من أقطار الوطن العربي.
السر الوحيد الذي يمكن أن أفشيه لك على الرغم من أنه لم يعد سراً هو أن القيادة القومية بعد تحرير مدينة (الفاو) في عام 1988م كانت تتوقع عدواناً أمريكياً على العراق، وقبيل دحر إيران بشكل نهائي كان تحرير (الفاو) بوابة لدحر إيران، والجيوش الإيرانية بدأت تنهار والقطاعات الإيرانية بدأت تنهار أمام الجيش العراقي، وفي ذلك الحين انهارت تماماً في 8/8/ 1988م ولكن قبل ذلك بعثت لنا القيادة القومية في حين أنني لم أكن عضواً بالقيادة القومية بل كنت مسؤولاً عن تنظيم الحزب في السودان، بعثت لنا القيادة القومية رسالة مفادها أنه تم تحرير مدينة (الفاو) والقطاعات الإيرانية بدأت تنهار ونتوقع هزيمة كاملة للعدوان الإيراني على العراق وتحرير كافة الأراضي التي احتلتها إيران على الحدود العراقية، ولكن بعد فشل إيران نحن نتوقع عدواناً أمريكياً على العراق بالأصالة وإيران كانت تحارب لمصلحة أمريكا بالوكالة، والآن نتوقع بالأصالة من قبل الغرب الاستعماري بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وفعلاً بعد ذلك بدأت تحشد القوات الأمريكية في الخليج والكويت للانقضاض على العراق.
* ما هي علاقة علي الريح السنهوري بالمقاومة في بغداد وكيف كنت توجد في بغداد وتمارس نشاطك في تلك الظروف العصيبة؟
بشكل عادي ومن الصعب الحديث عن تلك الفترة الآن... ولكن كان الواجب الحزبي يقضي بمتابعة خروج السودانيين من العراق وخصوصاً الأسر السودانية وكان لابد من الإشراف على خروجها من العراق وبوجودي في بغداد بعد الاحتلال كان شيئاً طبيعياً أن أكون جزءاً من النشاط الحزبي القائم لإعادة بناء التنظيم وتنظيم الرد على الاحتلال وغيره، وشأني شأن أي بعثي يؤدي واجبه من موقعه المحدد، وعضو القيادة القومية يؤدي واجبه من موقعه والأعضاء الآخرون يؤدون واجباتهم من مواقعهم.
* أيام الاحتلال يذكر أن القيادة الوحيدة التي بقيت في العراق وتقدمت الصفوف في المقاومة هي القيادة السودانية وكان يقودها علي الريح السنهوري حدثنا عن هذا الأمر وكم بلغ عدد السودانيين البعثيين الذين استشهدوا في العراق؟
من الصعب أن أؤكد أنني كنت أقود أو لا أقود لكن بالنسبة لأعضاء القيادة القومية وأعضاء القيادة القطرية جميعهم كانوا موجودين في المقاومة عدا الذين تم اعتقالهم من اللحظات الأولى، وكل أعضاء القيادة القومية والقطرية كانوا موجودين في مختلف سوح العراق وكان كل منهم أينما وجد ينظم ويؤدي واجبه في المنطقة التي يوجد فيها في مختلف المناطق، وكان لا يوجد فاصل بين مقاومة العدوان من قبل الدولة العراقية ومقاومته شعبياً. يوم 9/ أبريل اليوم الذي دخلت فيه القوات الأمريكية بغداد بدأت المقاومة الشعبية المسلحة للعدوان وللاحتلال وهذا كان أمراً ملفتاً، وهذا يعود إلى أن قيادة الحزب في العراق عملت على تأهيل وتدريب وتسليح الشعب العراقي طوال العقود الماضية، وأنت في سياق سؤالك قلت إن صدام ديكتاتوري لكن الديكتاتور يخشى من شيئين أولهما يخشى أن يتسلح شعبه بالوعي ويخشى أن يتسلح شعبه بالسلاح، وحزب البعث بقيادة “صدام حسين” عمل على تسليح هذا الشعب بالفكر والثقافة والوعي والتأهيل الأكاديمي والتأهيل الفني وخلق قاعدة علمية ضخمة، وهذا يؤكد أن الحزب لم يخش أن يكون شعبه شعباً مسلحاً وهذ هو سر انطلاق المقاومة فوراً يوم 9/ أبريل.
* حسناً: كم عدد البعثيين السودانيين الذين استشهدوا في المقاومة العراقية تقريباً؟
والله أنا لا أدعي أني أمتلك رقماً دقيقاً عنهم لاعتبار أن المقاومة استمرت وظلت موجودة بعد الاحتلال لفترة طويلة، ويمكن إرجاء هذا السؤال لمقابلة أخرى حيث يمكن أن أعطيك عدداً أدق لأنني غير مهيأ الآن للرد حول عددهم، لكن منهم الشهيد “فضل الله متيرب” وكل من موقعه.
* بداية أيام المقاومة ما هو السبب الذي أدى إلى بقاء علي الريح السنهوري وخروج المرحوم بدر الدين مدثر من العراق؟
الأستاذ بدر الدين مدثر كان مريضاً قبل الاحتلال بفترة، كان مريضاً مرضاً شديداً بحيث أنه كان لا يقدر على الحركة وحتى بعد أن عاد إلى السودان ظل مريضاً لفترة طويلة إلى أن توفي إلى رحمة ربه، إضافة إلى أن الأستاذ بدر الدين كان مكشوفاً بشكل واضح في العراق ومعروفاً بشكل واسع جداً لأنه كان في الغالب هو والأستاذ “طه يس رمضان” يضعان أكاليل الزهور في كل المناسبات القومية ويظهر في التلفزيون بينما أنا ورفيق آخر من أعضاء القيادة كنا لا نظهر إعلامياً على الإطلاق، لكن السبب الأساسي لعودته إلى السودان هو أنه كان مريضاً مرضاً شديداً.
* في ظل الحرب وبعد دخول الجيش الأمريكي إلى بغداد كيف استطاع علي الريح السنهوري العودة إلى السودان وكيف تمت هذه العملية وكيف نجوت من عمليات الاغتيال؟
الاحتلال في الشهور الأولى لم يكن لديه الأجهزة والتقنية التي تستطيع أن ترصد، والبعثيون العراقيون في الشهور الأولى قالوا هذه شهور سماح إلى أن يتمكن النظام من بناء أجهزته نستطيع أن نتحرك بكل حرية، وكنا نتحرك من “روح الموصل” إلى “الحصيبة” بكل حرية لاعتبار أن الاحتلال وعملاءه ليس لديهم الأجهزة الكافية للرصد والمتابعة ولا توجد مشكلة في الحركة وكل الكوادر العراقية المكشوفة كانت تتحرك، وبالتدريج بدأوا يبنون في أجهزتهم وجاءوا بالعملاء بكميات كبيرة من إيران والكويت ودول أوربا الشرقية ودخلوا العراق وبدأوا يرصدون وبعدها حققوا بعض القدرة على اعتقال بعض الرفاق بينهم القائد الشهيد نفسه ولا يزال إلى الآن الأستاذ “عزت إبراهيم” وعدد من أعضاء القيادة يتحركون داخل العراق مع كل الأجهزة الاستخباراتية ومع الجوائز الضخمة المرصودة لمن يدلي بأي معلومات تقود إلى اعتقالهم أو العثور عليهم، ومع ذلك يتحركون في كل العراق ويؤدون واجباتهم وهم يجوبون كل أرض العراق محميين بشعب العراق، والمقاومة العراقية لم تتوفر لها ظروف طبيعية تمكنها من أن تحتمي بغابات وجبال، والعراق بلد منبسط ولكن المقاومة احتمت من اليوم الأول بالشعب واستمدت حمايتها من الجماهير وليس من الطبيعة، والمنطقة الوحيدة التي بها جبال هي المنطقة الشمالية على الحدود مع إيران وتركيا، وهذه المنطقة كانت تحت نفوذ القوى المرتبطة بإيران وتركيا وتحت نفوذ الأحزاب التي أتت مع المحتل في الشمال، بينما المقاومة أساساً بدأت في بغداد والوسط والشرق والجنوب ولا تزال هي كذلك.
* ما هي الأسباب التي أدت إلى الانقسامات التي حدثت لحزب البعث العربي الاشتراكي في السودان؟
الحزب في السودان ليس فيه انقسامات، وفي السودان يوجد حزب البعث العربي الاشتراكي اضطررنا لتسجيله ونسميه “الأصل” تمييزاً له من بعض الواجهات الأخرى، وهناك عناصر تساقطت من الحزب ولا تشكل انقساماً، وكما تعلم أن أية مجموعة يمكن أن تذهب وتسجل حزباً باسم حزب البعث ولكن ما استغرب له هو السؤال عن الانقسام ونحن نلاحظ أن مختلف الأحزاب السياسية في السودان حدثت فيها بالفعل انقسامات حقيقية وكل من خرج منها خرج بقطاع واسع من الحزب وشكل تنظيماً له تأثيره في المجتمع وموجوداً ومحسوساً أو بعضها على الأقل، ولكن في حزب البعث من خرجوا منه ليس لهم وجود على أرض الواقع سوى وجودهم في الإعلام، ونحن بالنسبة لنا هذه المسألة لا تشكل هاجساً أو مشكلة بل أن علاقاتنا الشخصية بهؤلاء الحزبيين السابقين علاقات طيبة والإصرار على تسمية البعث تدل على تعلقهم بهذا الحزب وهناك من سموا اسماً آخر غير البعث العربي، وهذه المسألة لا تمثل بالنسبة لنا قلقاً وفي كثير من الأحيان نجد أنفسنا معهم وتحديداً في الموقف تجاه القضايا الوطنية والقومية إلا من خرجوا عن فكر البعث وخطه السياسي والذين لديهم بعض المواقف الشائكة ملتزمون بذات موقف حزب البعث العربي الاشتراكي وهذه المشكلة موجودة عند الأحزاب التي صارت أحزاباً في الحقيقة وليس حزباً واحداً والتي تحفل الصحف بصراعاتها وصراعات مراكزها وهكذا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.