لا ادري هل كان علينا أن نفرح ونغتبط كلما قرأنا خبراً عن إطلاق سراح بعض منسوبي حزب المؤتمر الشعبي المعتقلين لدى جهاز الأمن، أم علينا أن ننقبض لأن مثل هذه الأخبار تذكرنا بزميلنا الصحافي جعفر السبكي الذي مضى على إعتقاله حتى الآن أكثر من سبعة أشهر منذ لحظة إقتياده من بين زملائه بمقر الصحيفة عصر الثالث من نوفمبر من العام الماضي، فأن تسمع خبراً عن إنفراج كربة أحد وزوال محنة آخر فذلك بلا شك خبراً يسعد كل النفوس الخيّرة الصافية الخالية من الغل والحقد ويثلج صدور كل المؤمنين بالحق والعدل، ولكن حين يكون مثل هذا الخبر السعيد مدعاة لتذكر آخرين ما زالوا على كربتهم رهن الاعتقال لمدة طويلة تجاوزت حتى الزمن المسموح به قانوناً، فإن ذلك ما يدعو للأسى في مقام السرور والاحباط في لحظة الاغتباط، فتختلط عليك المشاعر فلا تدري هل تفرح أم تغضب، وهل تهنئ من أُفرج عنهم أم تعزي نفسك، وظني أن ذلك ليس هو شعوري وحدي كلما تلا علينا جهاز الأمن قراراً بالافراج عن أي أحد فيما ما يزال الزميل السبكي محبوساً على ذمة شيء «مطاطي» لا تدري له أول من آخر، وإنما هو شعور وإحساس كل زملائه الصحافيين الشرفاء وخاصةً الشباب منهم أفراداً وشبكة الذين لم يألوا جهداً ولم يدخروا وسعاً إلا بذلوه في سبيل أن ينال زميلهم حريته فيطلق سراحه أو يقدم لمحاكمة عادلة عند قضاة عدول في محاكم القضاء الطبيعي، ولكن للأسف لم تحدث استجابة لا لهذا ولا لذاك من هذين الطلبين المشروعين، ولم يأبه جهاز الأمن بمطالبات الصحافيين رغم عدالتها ومشروعيتها، وتعامل معها بعدم إهتمام وكأنها لم تكن، فلم يفرج عن السبكي كما فعل وظل يفعل مع آخرين، منهم من دخل حراسات الأمن بعده بكثير، كما لم يقدمه لمحاكمة وإنما ظل يحتفظ به بين ظهرانيه وما أقسى أن تقيم بين ظهراني جهاز الأمن… لقد يئسنا وآيسنا من كثرة ما رددنا ما يكفله الدستور والقانون وما أقرته المواثيق الدولية وفوق ذلك ما أمر به الدين الحنيف حول حقوق الانسان وحق حرية التعبير حتى بدت لنا عديمة الجدوى، وبدا لنا أن للجهاز «جدواه» التي تخصه وحده ولا علاقة لها بأية وثائق أو مواثيق، ولهذا لن نكون «غشيمين» لنأتي مرة أخرى على ذكر هذه الحقوق غير المرعية، وإنما فقط عدنا لنذكر الجهاز بأن السبكي حتى لو كان «خطراً» فلن يكون بأية حال «أخطر» من كثيرين أفرج عنهم بلغت تهمة بعضهم عنده التآمر على الدولة والتخطيط لقلب نظام الحكم عبر إثارة الفتن وإشاعة الفوضى ثم لعلعة السلاح، لماذا هذا الكيل بمكيالين، هل لأن لهؤلاء بواك لهم والسبكي لا بواكي له، أم لأنهم من قومٍ عزيزو المحتد كريمو الاصل غزيرو العدد مرهوبو الجانب، وما السبكي إلا صحافي من قبيلة الصحافيين قليلة العدد عديمة الحيلة، أم ماذا هناك هذا الذي أبقى السبكي رهين الحبس لاكثر من سبعة أشهر، أم أنه أيضاً ليس من حقنا أن نعرف أو نفهم…