دعا هاني رسلان – رئيس وحدة السودان بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية ، ومقرب من حزب المؤتمر الوطني – إلى تدخل مصري في السودان كضرورة أمن قومي مصري . وقال في برنامج ( صباح الخير يا مصر ) التلفزيوني بحسب ما أوردت صحيفة الوفد 19 يونيو ( ان السودان دولة شاسعة المساحة وغنية بكافة أنواع الثروات لكنها غير مستغلة مما جعلها مطمع لإسرائيل على أكثر من مستوى أولها النفط والمياه) . وأضاف ان ما يحدث في السودان له أثاره على مصر وأمنها القومي . وقال ان استقلال جنوب السودان سيجعله رهينة بشكل كامل فى يد اسرائيل والولايات المتحدة . وان هناك ( أياد خفية) خارجية واقليمية تعبث بالسودان ومصالحه وتسعى لتقسيمه إلى أقاليم متعددة وإشعال الحروب فيه ، مما يتطلب تدخل مصر . وسبق ودعا الكاتب الإسلامي المعروف والمرشح لرئاسة الجمهورية محمد مورو إلى ( وحدة فورية) بين مصر وشمال السودان لإخراج السودان من أزماته ! كما سبق ودعا محمد حسنين هيكل – الذي يعد أهم المفكرين المصريين – في ندوة بنادي القضاء ، إلى ان تذهب مصر ب (فائض) قواتها العسكرية وشعبها إلى السودان لحل أزماته ! وكذلك ذهب الصحفي المصري المعروف حمدي قنديل إلى ذات المذهب ! وخلاف ما يشير إليه ذلك من استعلاء مصري ثابت تجاه السودانيين ، فان فيه قدراً من السطحية والابتذال ، فمصر لم تحل مشاكلها نفسها ، دع عنك الادعاء بحل مشاكل الآخرين ! وأزمة السودان في الفشل في إدارة التعددية الدينية والثقافية تحديداً لا تملك مصر ان تساعد فيها ، لأنها لا تزال تعاني من الفشل في حل قضايا الأقباط والنوبة وبدو سيناء . ولكن الأهم ان ما ذهب إليه رسلان نهج سائد في النخبة المصرية ، بإسلامييها وقومييها بل وليبرالييها !! والمحتوى الرئيسي لهذا النهج ما صرح به رسلان بان ( السودان دولة شاسعة المساحة وغنية بكافة أنواع الثروات لكنها غير مستغلة مما جعلها مطمع لإسرائيل على أكثر من مستوى أولها النفط والمياه) ، ولذا الأفضل فرض الوصاية على السودان كي لا تذهب موارده لأمريكا وإسرائيل لأن مصر أحق بها من غيرها ! وغنى عن القول ان (فائض القوات) و(الوصاية لحل الأزمات) إنما تعني باللغة الواضحة إعادة ( استعمار) السودان، تحت (التغطيات) المختلفة . وسبق وذكرت (حريات) بان إعادة ( استعمار) السودان فكرة حية لدى النخبة والمؤسسات المصرية ، حيث لا يزال الكثير من المثقفين والسياسيين المصريين يتبنون ويروجون الفكرة الصهيونية عن السودان كأرض بلا شعب ! وعلى كل ، فان عصر الغزوات الاستعمارية انتهى ، وأكبر مؤامرة على الشعب المصري زجه في مغامرة بالسودان ، تستنزف دماءه وموارده ، وفي المقابل فان من مصلحة الشعبين السوداني والمصري تأسيس علاقة تكامل تنبني على النزاهة والندية وعلى تحقيق المصالح المشتركة للشعبين معاً . وفي غياب مثل هذه العلاقة فان الشعب السوداني قادر على مقاومة المخططات الاستعمارية مهما اتخذت من أغطية وشعارات .