قال هاني رسلان – رئيس وحدة السودان بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية والمقرب من المؤتمر الوطني – ان الذين هاجموه من السودانيين مضطربون نفسياً وانهم لا يستحقون الالتفات ، وان مصر ليس لديها مطامع في السودان ، وانه دعا إلى التدخل لتحقيق الوفاق . ورد عليه سكرتير تحرير صحيفة (حريات) بان تهمة الاضطراب النفسي لا مكان لها إلا من باب ( رمتني بدائها وانسلت) ، وذلك ما يعرفه المقربون من رسلان ! ولكن ليس هذا هو أس الخلاف ، فرسلان لا يريد الإقرار بالحقائق ، ولا تنقصه في ذلك المعلومات وإنما الاستقامة الفكرية والأخلاقية ، وهذا ليس اضطراباً نفسياً وحسب ، وإنما أكثر بكثير ! يتحدث هاني رسلان الآن باسم مصر ويقول بان ليست لديها ( مطامع) في السودان ، وان حديثه عن موارد السودان غير المستغلة حديث عرضي وحقيقة ثابتة يعلمها أطفال المدارس ! ولكن أطفال المدارس غير الملتوين يعلمون أيضا أن مصر مثلها مثل كل مجتمع ليست كتلة واحدة صماء ، ففيها الشعب وفيها النخبة والمؤسسات ، وفيها الطيب والخبيث ، وفي مركز الأهرام نفسه ، هناك الباحثين النزيهين وأدعياء العلم من المرتشين للمؤتمر الوطني . ويعلمون بان ( مصر) رسلان ، شاركت في احتلال السودان بحثاً عن (الرجال) والذهب ! وكانت نتيجة ذلك استرقاق أكثر من (5) ملايين سوداني ، مما حطم القوى الإنتاجية في السودان ، وشكل أحد أهم أسباب ما يعرف بالتنمية غير المتوازنة التي تقود حالياً إلى الحروبات والانقسامات في السودان . ويعرف أطفال المدارس غير الملتوين بان بناء السد العالي في مصر ، كان خصماً على ملايين السودانيين . ويعرف أطفال المدارس غير الملتوين بان حلايب محتلة الآن ، وان مصر (رسلان) لا تريد الذهاب بها إلى التحكيم الدولي ، لأن ذلك سيؤدي إلى نهاية الأطماع في أجزاء أخرى ، غض النظر عن نتيجة التحكيم حول حلايب . ويعرف أطفال المدارس غير الملتوين ما حدث في ميدان مصطفى محمود ، ويعرف أهل السودان بان هاني رسلان ظل يبرر ويدافع عن قتل النساء والأطفال بدم بارد ! ويعرف أهل السودان ما تفعله القوات المصرية حالياً في جبال النوبة ! ويعرف أهل السودان ويشتكون منذ مئات السنين ، من (عثمان البواب) في الأفلام والمسلسلات المصرية ، والأخطاء المقصودة في كتابة أسماء الرموز السودانية ، وإنتاج صورة بدائية ومتخلفة عن السودان الذي تتجول الأسود في شوارعه ! والذي يتسلم فيه السلطة من يصحو باكراً ! والسوداني الكسول الذي لا يستحق ( الأراضي والموارد ) غير المستغلة ! وغيرها من الصور النمطية المقصودة والمخطط لها لتبرير ما تسميه النخبة المستعلية ب ( استعادة السودان) . فلدى هذه النخبة – التي ورثت استعلاء الخديوية في غير زمانها وبلا قدراتها – لا يزال السودان من ( الممتلكات) المصرية ! ويجب استعادته ( إعادة احتلاله) ! وهيهات . وسبق وكررت ( حريات) كثيراً بان زمن الغزوات الاستعمارية انتهى ، وأكبر مؤامرة على الشعب المصري زجه في مغامرة بالسودان ، تستنزف دماءه وموارده ، وفي المقابل فان من مصلحة الشعبين السوداني والمصري تأسيس علاقة تكامل تنبني على النزاهة والندية وعلى تحقيق المصالح المشتركة للشعبين معاً . وفي غياب مثل هذه العلاقة فان الشعب السوداني قادر على مقاومة المخططات الاستعمارية مهما اتخذت من أغطية وشعارات . وأضاف سكرتير تحرير ( حريات) ان رسلان في حالة اضطرابه وعدم استقامته لا يريد ان يناقش دلالات الحديث المكرر عن السودان كأرض بلا شعب ! ولا دلالة ( التبرعات) بأراضي السودان ! ولا محتوى ودلالة الحديث المكرر عن ذهاب مصر للسودان ب (فائض) قواتها و(فائض) شعبها إلى السودان !! وان هاني رسلان ك (باشبوزق) للخديوية المستعلية والآفلة حالة ميؤوس منها ولكن الديمقراطيين المصريين مطالبون باجتراح مسار جديد للعلاقات المصرية السودانية ، مسار يقطع مع تاريخ وحاضر الاسترقاق والاستعلاء و الاستهبال والأحلام الإمبراطورية .