الفريق بكري حسن صالح ، من منفذي انقلاب الانقاذ 30 يونيو 1989 ، وظل في قيادة الانقاذ منذ ذلك الحين ، وحتى الآن ، تولى وزارات الدفاع والداخلية ورئاسة الجمهورية ، ولعلاقته الطارئة بالاخوان المسلمين وعلاقته الاوثق بالمشير عمر البشير ، ظل يحركه لسنوات احساس ( الضيف) على الانقاذ ، وربما لهذا السبب كان الاقل عنجهية وتنمراً في قيادات الانقاذ ، والأقل فساداً . ولكنه بعد امساك البشير كلياً بأعنة السلطة بعد عزل الترابي ، والتهميش المتزايد لمجموعة الاسلاميين المدنيين ، غادر بكري حسن صالح موقع ( الضيف) الى موقع (أهل البيت) ، وهكذا كوّن ( البيت الجديد) أو القصر الجديد المرفقة صورته . وغني عن القول ان قصراً كهذا ، لا يمكن لبكري ان يتحمل كلفته حتى لو ادخر كل دخله الشرعي طوال استوزاره في الانقاذ . وهكذا يتأكد بان الفساد في الانقاذ فساد شامل ، يرتبط بآيدولوجيتها التي ترى في الدولة غنيمة ، علاقتها بها وبمقدراتها بل وبمواطنيها علاقة ( امتلاك) وليس علاقة خدمة ، وترى في نفسها بدء جديداً للتاريخ ، فتستهين بالتجربة الانسانية وحكمتها المتراكمة ، بما في ذلك الاسس التي طورتها لمكافحة الفساد . ويرتبط كذلك بكونها سلطة أقلية ، تحكم بمصادرة الديمقراطية وحقوق الانسان ، وتحطم بالتالي النظم والآليات والمؤسسات الكفيلة بمكافحة الفساد ، كحرية التعبير ، واستقلال القضاء ، وحيدة اجهزة الدولة ، ورقابة البرلمان المنتخب انتخاباً حراً ونزيهاً . وحين تنعدم الديمقراطية ، ولفترة طويلة ، كما الحال في ظل الانقاذ ، يتحول الفساد الى منظمة شاملة تعيد صياغة الافراد على صورتها ، فتحول حتى الابرار الى فجار ، واما أدعياء (الملائكية) فانهم يتحولون الى ما هو أسوأ من الشياطين !