إستضاف مركز طيبة بالخرطوم مايو 2010م باحثين من معهد الامراض المتوطنة والأكاديمية الوطنية السودانية للعلوم قدموا دراسة بعنوان (مدي اتساق التنوع الوراثي الوطني مع جغرافيا وتاريخ السودان). وطبقت الدراسة علي المجموعات والهجرات البشرية في السودان باستخدام العلامات الوراثية وذلك بتحليل الحمض النووي (DNA) علي مستوي الكرومسوم الذكري و(الميتوكوندريا) لدراسة التركيبة الوراثية للمجموعات وعلاقتها ببعضها البعض وأصولها وهجراتها . وأوضحت الدراسة أن المجموعات النيلية (دينكا ، شلك ، نوير) كانت سائدة منذ العصر الحجري الحديث. واشارت الدراسة أن الفترة المروية شهدت هجرات كبيرة من شرق وشمال أفريقيا ، أما في الفترة المسيحية فكانت بداية ظهور العناصر الأسيوأوربية. وقال بروفيسر محمد أحمد الشيخ مدير جامعة الخرطوم (سابقاً) والذي أدار الحلقة الدراسية انه يثق تماماً في نتائج تلك الدراسة ووصفها بالعلمية والدقيقة . وفي سياق متصل أشار بروفيسر منتصر الطيب إبراهيم استناداً إلي آلان ويسلون (أن كل البشرية ترجع لأم أفريقية) أصطلح علي تسميتها بحواء الميتوكوندريا. وفي ذات السياق أكد مقدم الدراسة الدكتور هاشم يوسف حسن انه وبحسب ما نتج عن تحليل ال DNA أن هنالك (قربي جينية بين مجموعات قبلية كثيرة مما يشير إلي أصلها الواحد). وقالت الدراسة أن الهوسا والفلاتة من هي قبائل أسيوية وأوربية ، وأن للبجا صلات (قربى جينية) بالطوارق في الصحراء الأفريقية ، وأن هنالك تشابه بين جينات المسيرية والدينكا . إلي ذلك كشفت الدراسة عن (صلة قربى جينية) بين النوبيين والفور والبرقو والزغاوة . (أما الجعليون حسب الدراسة فإن بعضهم يحمل جينات مثل جينات الهوسا والفولاني ، فيما يحمل بعضهم الآخر جينات كجينات النيليين). وأشارت الدراسة إلي تشابه بين جينات النوير والعركيين. (وأن هنالك مجموعات كبيرة من السودانيين في “الوسط والشمال” تتماثل جيناتهم مع جينات سكان شرق افريقيا خاصة (الأثيوبيين.) وفي السياق نفسه قال دكتور عبد الله حمدنا الله معضداً ما توصل إليه الباحثون (إن قبائل اليوروبا في نيجريا يدعون أنهم شايقية) وأوضح انه لاحظ تشابهاً كبيراً بين اليوروبا والشايقية ، إبان تواجده في نيجريا خاصة تلك الشلوخ الأفقية المشتركة بين المجموعتين . إلي ذلك (أكدت الدراسة): (إنتفاء النقاء العرقي تماماً في السودان) . وقالت: ( أن هنالك روابط وأمشاج بين الكثير من الأثنيات التي تظن أنها بعيدة جينياً عن بعضها البعض) . وعلى صعيد آخر أظهرت دراسة أخرى علاقة بين الفرعون المصري توت عنخ آمون ونصف أوربيي اليوم. وفي اتصال ل(حريات) بالبروفسر منتصر الطيب من معهد الأمراض المتوطنة أكد أنهم أجروا هذه الدراسة في معهد الأمراض المتوطنة وساهمت الأكاديمية السودانية للعلوم بتنظيم المؤتمر الصحفي الذي أعلن نتائجها. وأسفرت دراسات لاحقة أن الحمض الجيني في منطقة الجزيرة العربية يتبع للمجموعة جي J Group. وقال إن الدراسات أكدت علاقة بينه وبين 40% من سودانيي اليوم ولكن 90% تغلب عليهم الملامح الأفريقية. وحول ما نسب إليه من أن البشرية ترجع إلى حواء إفريقية سألت (حريات) عن ما هو تعريف الأفريقية وهل هي الزنجية؟ وقال الطيب إن هناك خلاف بين علماء السودان وجنوب أفريقيا في هذا الأمر الذي لم يحسم بعد مؤكدا أنهم يقولون بأن أصل البشرية من شرق إفريقيا. كما كشف عن دراسات أجريت للسودانيين بالخليج أثبتت أن 70% منهم ذوي علاقة بمجموعة الجي التي ينتمي لها العرب ولكن هناك خلاف حول أصلها وقال إنه قال في دراسة أن أصل العرب العاربة من شرق إفريقيا مؤكدا أن الجماعات في شرق أفريقيا لديها تشابه جيني كبير مع سكان الجزيرة العربية وقال إن الأمهرا كذلك من مجموعة الجي. وكشف بروفسر منتصر عن دراسة هامة يجريها طالب دكتوراة أرتري بمعهد الأمراض المتوطنة وينتظر أن يفرغ منها في سنتين، وسيكون لها دور هام في كشف هذه القضية وما إذا كان الجين من نوع جي أصله الجزيرة العربية أم شرق أفريقيا. وعن أثر الدراسة المذكورة على اللغط السائد حول الهوية قال بروفسر منتصر إن هذا اللغط سياسي وجديد في السودان مؤكدا أن التنوع الإثني قديم في السودان وظاهر في الطبقات (طبقات ود ضيف الله) ولم يكن التعامل معه بالصورة الحالية. وقال إن الدراسات الجينية تؤكد أن للبجة علاقة قوية بالدينكا، والأقباط بالنوير، والحلفاويين بالفور والمساليت مؤكدا أن هناك دليل لغوي من منطقة دارفور حيث يتحدثون لغات لها وشائج لغوية، كذلك توجد علائق جينية بين النوبيين والنوبة. وقال الطيب كذلك إنه من ناحية جينية ف90% من النساء السودانيات لهم حوض جيني مشترك Gene Pool. وقال إن “تاريخ الذكور مختلف” ففي الحالات التي تأتي فيها جماعة يغلب عليها الذكور وتختلط بالسكان متزاوجة منهم كما يذكر حول تاريخ العرب بالسودان يحدث تحول جيني Genetic Drift حيث يسود الفائض على الجينات قليلة العدد، مؤكدا أن هذا لا ينطبق على الجعليين في السودان حيث لم تثبت لديهم هذه الحالة بتزويج بناتهم للعرب. ولدى سؤال (حريات) حول ما رشح من علاقة جينية بين الفرعون المصري وأوربا قال بروفسر منتصر إن ذلك بسبب أن جدته (نفرتيتي) أوربية ، وقال إن الأوربيين يحاولون منذ زمن بعيد إثبات أن الفراعنة أوربيون، ولكن هذا غير صحيح فملامحهم وشعرهم “القرقدي” يؤكد جذورهم الأفريقية ربما فقط باستنثناء رمسيس.