لو قارنت شرطة النظام العام بين ما تفعله من انتهاك حرمات الناس للقبض على شاربى الخمر وبين ما تنزل به القرآن الكريم وجاءت به السنة المطهرة وما وصلنا من سيرة الرسول عليه افضل الصلاة والسلام وسيرة صحابته الكرام رضوان الله عليهم، وما جاء فى الدستور والقانون السودانى وما تعارف عليه الناس فى كل المجتمعات، لاكتشفت كم هى بعيدة عن الدين الصحيح والفطرة السليمة والمبادئ العامة التى تشيع الأمن والإطمئان فى المجتمع ..!! * الله تعالى منع التجسس على الناس بوضوح شديد فى الآية السادسة من سورة الحجرات (يأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم )، واكد على ذلك الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فى الحديث لشريف الذى رواه ابوهريرة واخرجه البخارى ومسلم رضى الله عنهم (إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا، ولا تقاطعوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا)، ثم هنالك القصة المعروفة عن الخليفة الراشد وناصر الاسلام سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه الذى تسلق على قوم دارهم وهم يشربون الخمر واراد ان يعاقبهم فقال له صاحب الدار ( ان كنا اخطأنا يا عمر فى واحدة فلقد أخطأت انت فى ثلاثة، فالله تعالى يقول: ولا تجسسوا، وانت تجسست علينا، ويقول: واتوا البيوت من ابوابها، وانت تسورت الحائط واتيت من السطح، ويقول: يا ايها الذين امنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها، وانت دخلت ولم تستأذن ولم تسلم فهب هذه لتلك وانى تائب الى الله تعالى وعازم ألا أعود، فاستحسن عمر قوله واعتذر عن أخطائه ثم عفا عنه. هذه ثلاث ادلة واضحة من القرآن الكريم والسنة المطهرة والخلافة الراشدة على حرمة التجسس ودخول البيوت دون إستئذان .. فعلى أية مرجعية دينية تستند شرطة النظام العام فى انتهاك حرمات الناس وترويع امنهم والتدخل فى خصوصياتهم ؟! * وإذا انتقلنا الى الدستور نجده يوفر كامل الخصوصية للأفراد ويمنع التدخل فى الحياة الخاصة او الاسرية لاى شخص فى مسكنه او فى مراسلاته إلا بقانون ( المادة 37 )، فعلى أية مرجعية دستورية تستند شرطة النظام العام ؟! * وبما ان القانون السودانى الذى يمنع شرب الخمر ( المادة 78، القانون الجنائى لعام 1991 ) ، لا يمكن ان يفسر ابدا بانه يستهدف المواطنين فى بيوتهم وحرماتهم للقبض عليهم بتهمة شرب الخمر ومعاقبتهم بما يفضح خصوصياتهم ويهدد أمن المجتمع، لاكتشفنا ان ما تقوم به هذه الشرطة لا يمت للدين ولا للدستور ولا للقانون ولا لأمن المجتمع بصلة ..!!