أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    الصادق الرزيقي يكتب: الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    إسرائيل تستهدف القدرات العسكرية لإيران بدقة شديدة    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    الحلقة رقم (3) من سلسلة إتصالاتي مع اللواء الركن متمرد مهدي الأمين كبة    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    فيكم من يحفظ (السر)؟    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    التقى بروفيسور مبارك محمد علي مجذوب.. كامل ادريس يثمن دور الخبراء الوطنيين في مختلف المجالات واسهاماتهم في القضايا الوطنية    هيمنة العليقي على ملفات الهلال    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    رئيس الوزراء يطلع على الوضع الصحي بالبلاد والموقف من وباء الكوليرا    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    شاهد بالصورة والفيديو.. وسط ضحكات المتابعين.. ناشط سوداني يوثق فشل نقل تجربة "الشربوت" السوداني للمواطن المصري    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    على طريقة البليهي.. "مشادة قوية" بين ياسر إبراهيم وميسي    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    ضربة إيرانية مباشرة في ريشون ليتسيون تثير صدمة في إسرائيل    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    رئيس مجلس الوزراء يؤكد أهمية الكهرباء في نهضة وإعادة اعمار البلاد    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    رئيس مجلس الوزراء يقدم تهاني عيد الاضحي المبارك لشرطة ولاية البحر الاحمر    وفاة حاجة من ولاية البحر الأحمر بمكة    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسن عوض الله .. الرياضي السياسي الانسان
نشر في حريات يوم 20 - 09 - 2011

لقد اوردت في كتاب حكاوي امدرمان . أن اهلنا كانوا انصاراً يبايعون الامام . إلا انهم يعطون اصواتهم في الانتخابات , الى جارهم و صديقهم العم حسن عوض الله . بالرغم من أن العم الصائغ مرشح حزب الامة كان يسكن في نفس الحي . و السبب أن العم حسن عوض الله كان اقرب الى الملائكة . له بالطبع اخطاء , ككل البشر , و لكنها قليلةً جداً . كما كان يتمتع بأحترام اعدائه قبل اصدقائه . و آل بدري كانوا اعدائه السياسيين .
الاخ الفاضل حسن عوض الله كتب موضوعاً عن والده, إلا انه لم يعطيه حقه . و أنا اظن , ان السبب خوفه ان يتهم بالتطبيل لوالده .
الفنانه حوه جاه الرسول المعروفة بحوه الطقطاقة , من كردفان و بت انصار . كانت تحب الحزب الوطني الاتحادي و فريق الهلال . و هي مؤلفة الاغنية التي كانت تغنى في اغاني السيرة و اغاني السباتا و المناسبات ( ازهري اتعلى و التاني حسن عوض الله ) . فحسن عوض الله كان الرجل الثاني في الحزب الاتحادي . و منزل والده الذي كان يسكن فيه مع اخوته و ابنائه هو في جنوب ميدان البوستة في امدرمان أو سوق الموية . و يفتح المنزل كذلك في الزقاق الضيق الموازي لشارع الموردة من جهة الغرب .
في هذا المنزل سكن العم حسن عوض الله مع شقيقه الحاج و بقية اهله . و المنزل منزل عادي مثل كل منازل امدرمان . و هو ما يقال عليه منزل ورثة . و في شارع حي البوستة الموازي كان يسكن القطب الاتحادي الكبير و وزير الخارجية الاستاذ مبارك زروق . الزميل و الصديق الشخصي الملازم للاستاذ محمد احمد محجوب , وزير خارجية و رئيس وزراء حزب الامة . و هكذا كانت امدرمان و كل السودان .
في اغسطس 1967 , شاهدت الاخ الفاتح حسن عوض الله الذي يصغرني قليلاُ . و كان هذا في مجمع الطلبة السكاني استرافهوف ( 6000 طالب و طالبة ) . و كان يسكن في المسكن رقم 2 الغرفة 137 في الطابق الأول . و كان يشاركه السكن الأخ محمود اسماعيل ابراهيم رحمة الله عليه . و كانا انتقلا الى براغ من كورس اللغة حديثاً .
و بسبب معرفتي بالفاتح , و ان كنت لم اتحدث معه من قبل , صرت اتردد عليهم . و كان الفاتح سبباً في أن يصير محمود اسماعيل من أقرب اصدقائي , و تمتد صداقتنا لفترة اربعين سنة , الى أن اختطفه السرطان في السويد قبل سنوات .
عندما حكم على محمد الفى شقيق الفنانة حوه جاه الرسول بالشنق سنة 1964 , بسبب قتله صديقنا سالم , مشى للموت بثبات . و كان قبلها يدربنا على الملاكمة , في نادي المريخ . و زغردت حوه الطقطاقة لأن شقيقها مشى بثبات نحو المشنقة . و أمتلأ منزلها بالمعزين . كان احدهم العم حسن عوض الله . و كان هنالك الكثير من أهل امدرمان من حكام و وزراء و بسطاء . منهم جارتها زينب برقو . و هي شيقيقة احد فتوات امدرمان و الذي تخصص في كسر المتاجر و الخزن , وهو آدم قطية . و كانت هنالك المغنية المشهورة عشة ام رشيرش و التي تسكن في نفس الحي . و هي شاعرة و مغنية . و هي مؤلفة اغنية ( في مارس الضربة كانت قوية و يا سمك جاتك هدية ) . و الاغنية تصف احداث اول مارس 1954 . عندما هجمت جموع الانصار على القصر الجمهوري لقتل الرئيس المصري محمد نجيب و الذي كان حضوره يعتبر استفزازاً للأنصار . عملية القتل حدثت في مشاجرة في زقاق المشحمة الذرية خلف سينما الوطنية . و كانت بنت الحان لعبت بالرؤوس . و البطل الاسطوري و الهمباتي , بام سيكا قد قتل صديقة ود نايل في قاعة الشرب في منتصف القرن التاسع عشر . و اضطر بعدها ان يترك البطانة و ينتقل الى غرب السودان . و ما اشبه الليلة بالبارحة .
هكذا كنا قديماً في السودان . و المناسبات تجمع الوزير و الغفير . و عندما نكتب عن العالم السفلي يظن , بعض السذج بأن العالم السفلي هو مثل الانفاق ينزل اليها الانسان بالسلالم أو المصاعد . و لكن في امدرمان ما عرف برجال او نساء العالم السفلي , كانوا جيراننا و يشاركوننا في المناسبات . لا يتجنبهم الا الجبناء و الضعفاء . و لا ننبذهم أو نعاديهم .
لمن لا يعرف حوه جاه الرسول , أو حوه الطقطاقة . فهي السيدة الجميلة التي تظهر في الصور القديمة , و ترتدي ثوباً سودانياً في شكل العلم السوداني القديم . و لقد اعتقلت عدة مرات في ايام الاستعمار . لأنها كانت تحمس المتظاهرين بالغناء و الصفقة . و قال لها ظابط البوليس كوكس عندما اعترضت على اعتقالها : ( انت كل يوم جاي طق طق طق تصفق ) . فصار اسمها حوه الطقطاقة . و لقد كانت في المطار على رأس الآلاف الذين حضروا لاستقبال شاعر الشعب محجوب شريف بعد علاجه .
و لقد شاركت النساء في كل السودان في المظاهرات و الاجتجاجات . و لقد اعتقل الطالبات منهم الاستاذة الدكتورة خالدة زاهر سرور الساداتي . و كانت الشرطة تتصرف معهم بمنتهى الرقة و الأدب . و يذهبون لأبائهم لكي يحضروا لأخذهم . أين الانقاذ اليوم من هذا ؟ .
أذكر ان الاخ عز الدين حسن عبد النور, استلم خطاباً في براغ . فقام بتمزيقة الى قطع صغيرة قبل ان يكمل قرائته . ثم ندم و اراد ان يعيد قرائته . فلم يتمكن من ترتيبه . فقام الاخ الفاتح حسن عوض الله بسكب ماء على منضدة و نحن محتارون .ثم وضع الاوراق على المنضدة المبلولة و بدأ بالأركان . و في ثوان كان الخطاب متكاملاً على الطاولة . و قال الاخ الفاتح بأنه تعلم اشياء كثيرة من والده الوزير حسن عوض الله . لأنهم في أيام مقاومة حكم الفريق عبود العسكري قد تدربوا على عمل المخابرات .
ذكر لي الدكتور محمد محجوب عثمان رحمة الله عليه . ان الحزب الشيوعي تعاون بشدة مع حزب الامة و الحزب الاتحادي في ايام الدكتاتورية . كما اكد لي الخال محجوب عثمان رحمة الله عليه . ان الصديق المهدي قد طلب منهم ان يدربوا كوادر حزب الأمة على العمل السري ضد الدكتاتورية. و كما عرفت بأن اتصالهم مع قيادة الحزب الوطني الاتحادي كانت عن طريق العم حسن عوض الله . و كان عندما يكون قد أمن الشارع و يتأكد من أن البوليس السري ليس متواجد كان يجلس امام منزلهم في الزقاق الصغير . و قد يربط منديلاً على رأسه كأشارة ان الخطر قد زال . و كانت الاشارة تتغير في كل مرة . كما كانت تحصل بعض لقائات سريعة في دكان الجزار المثقف الاخ محجوب حمد شقيق حارس مرمى المريخ الاسطوري مصطفى حمد . و دكانه على بعد خطوات من البريد المركزي , في سوق امدرمان , و هو جار لآل عوض الله .
و في هذا الدكان كان يتواجد اصدقاء محجوب حمد المقربين الوسيلة و البروفيسور على المك و عبد الخالق محجوب . و كان اول محل جزارة في أمدرمان مزود بالبرادات و الماكينات الحديثة و ماكينات السجوق . و تزين جدرانه صور لينين و ماركس . و على بعد خطوات كان يسكن بعض الشيوعين الشباب . على رأسهم المناضل سمير جرجس و كانوا يستأجرون ذلك المنزل من ظابط البوليس قرشي فارس . و قرشي فارس هو ظابط البوليس الذي كلف على رأس قوة كبيرة ان يفرق موكب جبهة الهيئات . و عندما شاهد رئيس المحكمة العلياء مولانا عبد المجيد امام عبد الله على رأس الموكب , اعطاه التحية العسكرية بكل احترام . فطلب منه عبد المجيد امام الانصراف . فأخذ جنوده مسروراً و انصرف . و نجحت اكتوبر . و سقط العسكر . و السبب جهد رجال كثيرين . أحدهم العم حسن عوض الله .
في سنة 1978 ذهبت لزيارة صديقي صديق حيدوب أو صديق امبدة . و كان بصحبتي عمي العميد محمد بدري . و وجدنا العم حيدوب و معه امام الجامع و آخرين . و العم حيدوب هو الذي بنى الجامع الفاخر في واجهة امبده الجهة الشرقية . و تحدث العم حيدوب عن امبدة قديماً . و عن التغيير الذي حدث في أمبدة . و عن قيمة الاراضي التي تضاعفت عدة مرات بسبب ادخال الكهرباء و الماء . و كان يعزي السبب لود عوض الله الذي وعدهم بأدخال الماء و الكهرباء و على غير عادة السياسيين , كان ادخال الماء و الكهرباء في امبدة أول ما قام به . و كان يحكي عن معاناة اهل امبدة قديماً في الوقوف في طوابير للحصول على الماء . و كيف ان صديقنا صديق حيدوب كان يذهب لأحضار الماء في الصباح و قد يأخذ الامر مشاحنات و شجار , قبل ان يذهب الى مدرسة الاحفاد . و أن كل شئ تغير بسبب ود عوض الله .
العم صديق البلولة احد اشداء امدرمان و الذي كان مهاباً في حي العرب , كان له مسكن كبير شمال مركز الشرطة في امبدة . كنت اقضي معه امسيات طويلة و استمع له في الثمانينات . و هو والد اصدقائي الطاهر ( الريح ) و الزين و آخرين . و كان يقول لي انه بعد مغيب الشمس لم يكن يأتي لأمبدة إلا اهلها أو من هو فارس . لأن الفراغ بين امبدة و امدرمان كان يعج بالرباطين . و ان كل شئ تغير بعد ود عوض الله . و أن امبدة صارت امان . و الاراضي قديماً كانت تباع بالجدعة بدل المتر . و صار المتر في امبدة يباع بالذهب . و صارت امبدة اكبر من امدرمان القديمة .
كأغلب زعمائنا قديماً , مات العم حسن عوض الله في منزل ايجار . الطائرة التي اتت في بداية الثمانينات و اسقطت قنابل حول الاذاعة السودانية , سقطت احدى القنابل في منزل الصادق المهدي و لم تنفجر . و سقطت الثانية في منزل العم حسن عوض الله . و لحسن الحظ سقطت في بئر السايفون و لم تسبب اضراراً كثيرة . و لكن قتلت الخادم رحمة الله عليه . و المنزل كان خالياً ألا من الخادم . و تحدث الناس عن منزل العم حسن عوض الله . و لكن عرفت من الاخ سراج سعيد رحمة الله عليه ان المنزل منزلهم . و سراج سعيد هو شقيق الاستاذة ام سلمة سعيد رئيسة تنظيم المرشدات السودانيات ( الكشافة ) , و محمد سعيد .
يبدو ان العم حسن عوض الله اراد ان يستأجر داراً من احد اعدائه السياسيين , حتى يكون بعيداً عن المجاملة و شبهة استغلال النفوذ . فمن الممكن انه اذا استأجر من احد التجار او من ينتمون الوطني الاتحادي لقيل عنه انه لا يدفع ايجاراً . او ان صاحب الملك يحابيه و لا يأخذ منه الايجار الكامل .
الاخ سراج سعيد رحمة الله عليه كان مصادماً . و هو صاحب نادي التراب في حي الملازمين . الذي حافظت بناته على التواصل حتى بعد موته . و كان يقود شباب حزب الامة في تفريق المظاهرات , و الهجوم على الاعداء . و قديماً كان الانصار و حزب الامة يسيطرون على نادي الخريجين , الذي هو مركز العمل السياسي في امدرمان . و بسبب دعم السيد عبد الرحمن فاز الشوقيون بزعامة محمد على شوقي , الذي سميت عليه انا , و هو من أقطاب حزب الامة , على الفيللين . بزعامة السيد الفيل . و صلى محمد على شوقي بالجميع بعد الانتخابات و قرأ جهراً سورة ( الم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ) . و بعد تدخل المصريين و دعمهم , و الكتابات المكثفة في الصحف , خسر حزب الامة الانتخابات . فهجم شباب الانصار بقيادة سراج سعيد و حطموا النادي و أعتدوا بالضرب على الاعداء . و قطع اصبع الاستاذ الكاتب محمود انيس . و العم حسن عوض الله مثل العم نصر الدين السيد الذي وزع اراضي بحري , لم يأخذوا شيئاً لأنفسهم .
يذكر الناس تاريخ الهلال و ينسى الناس ان حسن عوض الله و الحاج عوض الله , كانا من مؤسسي و من لعيبة الهلال . البارحة 18 سبتمبر 2011 اصبت بنشوة و سعادة غامرة عندما تأهل الهلال لدوري الاربعة في المنافسات الافريقية . و انا مريخابي . كنت ادفع اشتراكات لفريق المريخ منذ ان كنت في الخامسة عشر من عمري . و لقد دفعت للمريخ بدمي . فلقد خضت ماتشات ملاكمة بأسم نادي المريخ . و تحصلت على كاس و الميدالية الفضية لفريق المريخ و انا في السادسة عشر من عمري . في دار الرياضة الخرطوم . و لكنا نحب الهلال جداً . و نحب ابطاله . و فوق هذا لنا حب خاص للمورده . لا يعلوه اي حب آخر . و نحب الربيع و نتعصب للعباسية و نقدس ابو عنجة . و نحس بالانتماء للكراكسة و بيت المال , و الحريقة و الحديد و كل فرق الكرة . و نحب الكوكب و النيل و القرود و ود الشواطين و ابراهيم كبير و دولي الصغير و الكبير . و هذه هي الرياضة .
المريخ بدأ قبل الهلال , اكرر المريخ بدأ في المسالمة قبل الهلال . و كان الجميع يتمرنون في الميدان الذي صار ميدان الزهور فيما بعد في المسالمة . و لبعد المسافة بدأ بعض الشباب و على رأسهم طلعت فريد الذي يسكن بالقرب من مستشفى امدرمان , و الاستاذ هاشم ضيف الله و الذي لعب لفريق ليدز الانجليزي في الثلاثينات , و مع خليل ابو زيد و التوم كديس و حسن عوض الله و الحاج عوض الله في اللعب في الميدان الذي كان خلف مدرسة امدرمان النموذجية. و ما عرف بسوق القش حيث كان يباع القصب و البرسيم و اللوبا . لأن اي منزل في امدرمان لم يكن يخلو من الغنم .
هذا الحي عرف بحي الغنادير , أو فريق برمبل . و تعهد بهذا الفريق العم عباس جلادي . و هو رجل طويل القامة تميز بأنه كريم العين . و كان يدفع من حر ماله و يجهز الكور التي كانت تحتاج لعملية تزرير و ربط بالدبارة بعد كل تمرين . و صار هذا فيما بعد فريق الهلال . و العم حسن عوض الله و الحاج عوض الله لا يذكرون كطلائع لعيبة الكرة في السودان . و لا أحد يذكر الانسان البسيط و الذي يعمل كجلاد و الذي كان يدفع من حر ماله و يشجع الرياضة و هو العم عباس . و لقد انضم اليهم لثلاثة مواسم الفنان و ملحن اغلب اغاني الحقيبة كرومة . و الذي كان يسكن بالقرب من حي الشهداء في امدرمان . و هو مؤلف اغنية الهلال التي كانت مسجلة في اسطوانات .
و نحن في براغ كان الطلبة الافارقة يتميزون بملابس جميلة و مختلفة , و خاصة الطلبة من المستعمرات الافريقية . و أذكر ان الفاتح حسن عوض الله كان يقول لي : ( لمن اشوف الصور بتاعت ناس ابوي في المؤتمرات , الاحظ انه بدل الافارقة حاجة جميلة و تلمع و شكلها غريب . و بدل ناس ابوي دي شكلها عادي ) . و لقد كان قادتنا قديماً بسطاء لا يمدون ايديهم للمال العام .
شاهدت في التلفزيون السوداني الاستاذة آمنة الصادق بدري و هي تتحدث عن طفولتها . و ذكرت أن العم حسن عوض الله كان يجمعهم و هم اطفال صغار و كان يتبسط معهم , و يسألهم بعض الأسئلة . و كان يسألهم عن جنسهم . و كان البعض يرد بجعلي و شايقي و دنقلاوي . و عندما ردت الطفلة آمنة بأنها سودانية , قال لها : ( دا الكلام الصاح , نحن كلنا سودانية . مافي حاجة اسمها جعلي و لا رباطابي ) . هذا الدرس الرائع افسدته الانقاذ .
عندما ذهبت لتعزية زملائنا و أبناء الرباطاب , عثمان وداعة رحمة وشقيقه كمال . و منزلهم في شارع العرضة , في الركن الشرقي لمستشفى الارسالية . و هذا منزل العم وداعة رحمة شقيق اللواء مبارك رحمة . شاهدت العم حسن عوض الله , و كان انيقاً و يرتدي بدلة بلون سمني غامق او بيج . و كانت بدلة عادية . و ما كان يميز تلك البدلة هو الرجل الوسيم الذي في داخلها . و كانت تتقدمه دايماً ابتسامة و نظرة ودودة , و كان رجل دولة بمعنى الكلمة , يشاهده الانسان في كل المناسبات رائعا بشوشا بسيطا , إلا انه يأسرك . رحم الله الفارس السياسي الرياضي الانسان ( ودعوض الله ).
التحية ع. س . شوقي بدري
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.