ألقم الاستاذ ياسر عرمان نائب سفير نظام الانقاذ في لندن حجراً ثقيلاً حين حاول التشويش على محاضرته بتشاتام هاوس – أرفع المراكز الفكرية ببريطانيا – أمس 3 اكتوبر . فرد عليه عرمان بأن نائب السفير نفسه عنوان للتخريب الذي أحدثه المؤتمر الوطني ، فهو يفترض أن يكون موظف خدمة مدنية يمثل الدولة السودانية ولكنه مؤتمر وطني يعبر عن حزبه وعن التخريب الذي طال الخدمة المدنية في البلاد . وكان ( تشاتام هاوس) دعا عرمان لتقديم محاضرة عن مستقبل شمال السودان بعد استقلال الجنوب والحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق . وطالب عرمان في محاضرته بالضغط لتشكيل لجنة تحقيق دولية في جرائم الحرب التى ارتكبها المؤتمر الوطني في جنوب كردفان والنيل الازرق , والسماح بدخول المنظمات الانسانية لتقديم العون للمتضررين , وركز على ان المشكلة تكمن في الخرطوم وليست في كادوقلي او الدمازين او الفاشر , وان الحل في تغيير مركز السلطة . وشهدت المحاضره تدخل نائب السفير مدافعا عن حزب المؤتمر الوطني قائلا ان البشير تم انتخابه في انتخابات حرة ونزيهة ! وان البلاد تنعم بالديمقراطية الان ! وان الحكومة تحترم حقوق الانسان وتحميها !!. وبصورة تفتقر للياقة الدبلوماسية بشكل كامل , حاول التشكيك في الحقائق التى اوردها الاستاذ عرمان في شهادته عن الجرائم التى ترتكبها الحكومة ضد مواطنيها في المنطقتين. وقام دبلوماسي آخر بزيادة (الطين بلة) بمهاجمة تشاتام هاوس نفسه !! مستنكرا استضافة عرمان نيابة عن الشعب السوداني .حسب قوله , بصورة اثارت استياء الحضور , الذين كان بينهم عدد مقدر من نواب البرلمان والاكاديمين والدبلوماسين والباحثين الامر الذي اضطر مديرة الندوة سالي هيلي لمقاطعته وتصحيحه بان السيد ياسر عرمان تمت استضافته بوصفة الأمين العام للحركة الشعبية شمال السودان , وأشارت ساخره الى الديباجة الموضوعه امام عرمان وقالت (هذه الديباجة مكتوب عليها الصفة التى يتحدث بها عرمان) ونوهت الى ان المعهد الذي يعد من ارفع مؤسسات الفكر في بريطانيا لايقبل اي اساءة لضيوفه. وقال عرمان في رده , ان المؤتمر الوطني يرفض تشكيل لجنة تحقيق دولية , لاثبات صحة الوقائع من عدمها , بالاضافه الى إن صحة روايته من عدمها ايضا لا يمكن اثباتها الا بواسطة لجنة التحقيق الدوليه هذه , وان ما يزعمه المؤتمر الوطني من عدم وقوع جرائم لايمكن قبوله الا عبر تقرير لجنة تحقيق دولية تستطيع اثبات ذلك او نفيه . وقال (نحن من طالب بتشكيل هذه اللجنه لقناعتنا بوجود جرائم لكن المؤتمر الوطني يرفض ذلك لانه يعلم جيدا طبيعه الجرائم التى ارتكبها ) وقام عرمان بلفت نظر الدبلوماسيين بانهما موظفي خدمة عامة في الخارجية السودانية وليس ممثلان لحزب المؤتمر الوطني وقال للحضور( دفاع هولاء عن حزب المؤتمر الوطني بهذا الشكل, الماثل امامكم اكبر دليل على تحول بلادنا الى دولة خاصة بحزب المؤتمر الوطنى ومنسوبيه ولم تعد وطنا نمتلكه جميعا ) لافتا الى ان هذا هو حال كل مؤسسات الخدمة العامة , وان القضاء والشرطة والجيش صارا خاضعين لسلطة حزب المؤتمر الوطني يأتمرون بامره ويصرفهم كيف يشاء .واوضح ان الحركة الشعبية وقوى المعارضة الاخري تسعي لاعادة السودان ومؤسساته الى مواطنيه بلا تمييز. وقدم عرمان في مستهل الندوة تشريحا وافيا للأزمة الحاليه في السودان , من اقتصاد منهار قال انه سيقود لمزيد من تهميش المركز للاقاليم , مما سيؤدي حتما لمزيد من الاضرابات الاجتماعية والحروب , اضافة للحرب واسعة النظاق الحاليه والتى تمتد من دارفور الى النيل الازرق , وان أزمة الحكم المستفحلة في السودان لايمكن حلها الا باستعادة الديمقراطية واعادة هيكلة المركز . واشار في محاضرته لخطورة الاوضاع داخل السلطة الحاكمة نفسها جراء الصراع الشديد على السلطة بين قيادات الحزب الحاكم وجنرالات جيشه . وقدم شرحا للمجهودات التى قام بها في الولاياتالمتحدة ودوائر صنع القرار الامريكي من اجل تشكيل لجنة للتحقيق في الجرائم الفظيعة التى ارتكبت في جنوب كردفان والنيل الازرق الى جانب مطالبته بايصال المساعدات الانسانية للمتضررين من هجمات المؤتمر الوطني . واشار للمساعي التى يقوم بها الان بين الاحزاب المدنية وحركات المقاومة المسلحة والمجموعات التى تعمل بشكل سلمي داخل المدن للوصول الى تحالف عريض يقود الى استعادة الديمقراطية في السودان واعادة السلطة للشعب ورد المظالم , ولفت عرمان الى انه يامل فى ايجاد صيغة سياسية وحدوية بين الشمال والجنوب على غرار الاتحاد الاوربي وانه يطمح في ان تتمدد لتشمل دول المنطقه جميعها وليس الشمال والجنوب فحسب يحتفظ فيها كل قطر باستقلاليته ويلتزم بمستوى تنسيقي سياسي عالى المستوى مع الدول المشاركة في الاتحاد .