قتل (24) شخصاً وأصيب (272) بجراح أمس الأحد بالقاهرة أمام مبنى التلفزيون والاذاعة (ماسبيرو) ، عند اجتياح الشرطة العسكرية المصرية للمتظاهرين واطلاق النار علىهم ودهسهم بالدبابات والشاحنات العسكرية ، في مذبحة تذكر بمذبحة ميدان ( تيان مين) في بكين بالصين . وكان حوالي (10) آلاف مسيحي مصري يتظاهرون أمام المبنى احتجاجاً على هدم كنيسة بقرية مريناب – بمحافظة أسوان في صعيد مصر . وقال محافظ أسوان اللواء مصطفى السيد انه (اذا لم يهدها الفلاحون لهدمتها بنفسي ) ، في تزلف للفكر السلفي والاسلاموي ، المنتشر وسط الشارع ، ومثل هذا التزلف موقف عام للمجلس العسكري الحاكم في مصر ومؤسساته التي تشكلت منذ نجاح الانتفاضة ضد نظام حسني مبارك . وقال شهود عيان من المتظاهرين لصحيفة (المصري اليوم) ان مدرعات القوات المسلحة تعمدت اختراق تظاهرتهم السلمية ودهس من تتمكن من النيل منه ، وأكد آخرون أن عناصر الجيش أطلقت عليهم النيران ، ولوح أحدهم باحدى الرصاصات الفارغة قائلاً ( رصاص حي الجيش بضربه علينا) . وأضاف أحد الشهود (عربية مصفحة جاية كدا وعربية عكسها، وقعت اتصبت في عيني، وواحد واقف جنبي لقيت العربية التانية ماشية عليه، ودماغه اتفتحت والمخ بقى على الأرض). وبثت على مواقع التواصل الاجتماعي صور لوجوه محطمة وجثث . وقال حسام بهجت الناشط في حقوق الانسان من المستشفى الذي نقلت اليه الجثث ان ما حدث يوم الاحد غير مسبوق وان 17 جثة سحقتها شاحنات عسكرية. وقال الأديب يوسف القعيد (اتضح أن مضيفة ماريناب صدر لها ترخيص بتحويلها الى كنيسة منذ أيام الملك فاروق، وأرسل الأقباط نص القرار الى المجلس العسكري، وبالتالي لم يكن هناك داع لهدم المضيفة) وأضاف الدكتور رفعت السعيد إن قانون دور العبادة الموحد يحل المشكلة، ولكن المجلس العسكري تعمد صياغة مشروع قانون يرفضه المسلمون والأقباط معا، وبالتالي ابقاء الحال على ماهو عليه . هذا وكان النظام المصري السابق تعمد فتح المجال للاسلامويين والسلفيين لتخويف الغرب من دعم أي تغيير ديمقراطي . ونجحت الانتفاضة التي بادرت بها القوي الديمقراطية والجديدة في اطاحة النظام السابق ، ولكن الانتفاضة كشفت عن ضعف القوى الديمقراطية وعن سيطرة القوى الاسلاموية والسلفية على الشارع المصري ، وهي قوى لا تعترف بالديمقراطية ولا بحقوق الانسان ، فترفض حرية الاعتقاد والحقوق المتساوية لأصحاب الأديان الأخرى ، بل ولا يزال غالبها يتصور العلاقة بالمسيحيين كعلاقة (أهل ذمة) توجب فرض (الجزية) عليهم ! ويتزلف المجلس العسكري الحاكم القوى الاسلاموية والسلفية لنفوذها الطاغي في الشارع . وتشير مذبحة (ماسبيرو) الى مأزق الانتفاضات العربية – مأزق ديمقراطيات بلا ديمقراطيين ، وانتفاضات يسعى لاختطافها العسكر والسلفيون .