سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    وزارة الخارجية القطرية: نعرب عن قلقنا البالغ من زيادة التصعيد في محيط مدينة الفاشر    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    ياسر عبدالرحمن العطا: يجب مواجهة طموحات دول الشر والمرتزقة العرب في الشتات – شاهد الفيديو    حقائق كاشفة عن السلوك الإيراني!    المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية    البيان الختامي لملتقى البركل لتحالف حماية دارفور    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يتفقد شرطة محلية كوستي والقسم الأوسط    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    تجارة المعاداة للسامية    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مالكم كيف تحكمون؟
نشر في حريات يوم 08 - 12 - 2011

«الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون »:البقرة آية 156
أنعي الى الشعب السوداني ببالغ الحزن والأسى وفاة الأستاذة د.فيفيان أمينة ياجي التي انتقلت الى رحمة مولاها يوم الثلاثاء الماضي وبفقدها فقد السودان والأنصار خاصة مصدرا مشعا للحقيقة، فالدكتورة كاتبة «رجال حول المهدي» من الأقلام التي أنصفت خليفة الصديق بموضوعية المؤرخ وتدقيق العالم وقد أهدت كتابها المذكور:«الى ذكرى شهداء كرري وأم دبيكرات والى كل أولئك الذين جعلوني أحب السودان أمواتا وأحياء».
اللهم ارحم أمتك أمينة في أعلى عليين فقد أحببناها ونشهد لها بقول الحقيقة يوم لا ظل الا ظلك..
اطمأنت قلوب قوم مؤمنين الى أن موقف الحزب الراسخ: لا مشاركة طالما ظل الموقف الوطني كما كنت، بالنسبة لامتناع حكومة المؤتمر الوطني عن تبني الأجندة الوطنية .استقينا تلك البشرى من افادات الامام الصادق المهدي في البرنامج التحاوري «في الواجهة » الذي عرض ليلة السبت الماضي في تلفزيون السودان القومي.البرنامج من تقديم أستاذ أحمد البلال الطيب وكان ضيوفه بالاضافة للامام الصادق د.مصطفى اسماعيل مستشار الرئيس البشير.
في البداية لا بد لي من الاشادة هنا بالأسلوب المهذب الذي أدار به أ. أحمد البلال البرنامج مما هيأ جوا تحاوريا هادئا بالرغم مما يعتمل بالساحة من تفجرات وتوجسات وكذلك كان أسلوب ضيفيه مما يجعل المرء فخورا بالميزات النادرة للشعب السوداني -تلك التي تؤمن بأن الوجوه خناجر ومهما بلغ الخلاف فلا تعدي . كان الحوار يتناول الأجندة الوطنية وقضية المشاركة .
من جانبه تحدث الامام الصادق عن زيارته للضعين بصحبة وفد من حزبه وما لاقاه من استقبال قومي وصفه من حميميته ب«عجال لاقت» و لم يستثن المشهد حتى السيد عبد الحميد موسى كاشا حاكم جنوب دارفور -ترحيبا به وبمن معه وقال الامام ان كل ولاة حكومة المؤتمر الوطني يستقبلونهم حيثما يذهبون مع بعض استثناءات شاذة، وتحدث عن الافادات التي سمعها عن الحالة الأمنية المتدهورة بما شهدت به الأعداد المتزايدة للنازحين في معسكر نيم الذي زاره ، وارهاصات الجوع المنذر التي أفاد بها سكرتيرو الحزب من كل مناطق السودان .وتحدث عن هدف زيارتهم?ترويجا وتعبئة من أجل الأجندة الوطنية والمساهمات من الأحباب من أجل مشروع البقعة الجديدة التي يريدون انشاءها نموذجا للمدينة الفاضلة والمساهمات عبارة عن جنيه يجمع من كل أنصاري وأنصارية بما يساعد أيضا على الاحصاء.
تحدث الامام عن المحطة التي توقف عندها قطار الحوار مع المؤتمر الوطني بخصوص الأجندة الوطنية مؤكدا أن الأمين العام لحزب الأمة لم يتحدث عن نسب معينة توصل لها الحوار مع الوطني وقد نفى صديق ما أسند له من تصريحات بذلك المعنى كما أن الأجندة الوطنية عبارة عن سبع ملفات «الدستور،دارفور،التوأمة مع الجنوب،قضايا المعيشة والاصلاح الاقتصادي،الحريات،التعامل الواقعي مع المحكمة الجنائية،وآلية لتنفيذ الملفات السابقة» كل ملف من تلك الملفات في مجاله ولا يمكن الحديث عن نسب هنا لأنها حزمة واحدة نحاول اقناع الناس بها جملة واحدة?لانقاذ السودان باليد ما بالسنون.
عن المشاركة في حكومة لم تتبن الأجندة الوطنية أو حكم السودان بدون تفويض من الشعب السوداني قال الامام الصادق بأن موقفهم من ذلك واضح ومشروح وهو يعرف شخصيا أن من قاموا بالانقلاب قد حاولوا الاستعانة به واشراكه حتى قبل الانقلاب بواسطة المرحوم أحمد سليمان وقد أوضح له أن الانقلابات ستعقد المشاكل ولن تحلها ونصحه بضرورة العمل للاصلاح من داخل دوحة الديمقراطية واعتقد بأنه قد أقنعه ورده عن هذا التفكير المدمر، ولكن هيهات….
ثم بعد الانقلاب تم الاتصال به في مراحل مختلفة منذ 93 و96..الخ وحتى الآن بعروض بلغت نسبتها 50% .وقد أمن د.مصطفى عثمان على ذلك واندهش أ.أحمد البلال لما هنالك باعتبار أن ذلك أكثر ما يمكن تحقيقه-في نظره .
هذا التنازل يعني السعي الحثيث لاشراك حزب الأمة بأي ثمن والاستغناء به عن العالمين -فلو كان الهدف مالا أو شرفا أو ملكا أو من يحكم السودان – فلا توجد فرصة أو عروض أفضل للاستجابة وركوب السرج مع المؤتمر الوطني ولكن كان واضحا لمتخذي القرار في حزب الأمة أن تلك النسب مهما بدت مغرية لكنها مسدودة الأفق بصلاحيات الرئيس بحسب النظام الرئاسي المعمول به في السودان بحيث يكون الآخرون مجرد وكلاء. اضافة لأن السلطة التشريعية في يد مجلس مطعون في شرعيته بسبب الانتخابات المشكوك في نزاهتها فهو مجلس من «النعمجية أو البصمجية» ?ما قال الامام في كلمته في افتتاح المؤتمر الاقتصادي الذي نظمه حزب الأمة الشهر الماضي ، وكل مؤسسات الدولة كما يعلم الجميع مغموسة في عدم الحياد السياسي فلا جدوى من المشاركة في هذه الظروف لأنها ستكون مجرد مشاركة ديكورية .
ان كان الفضل هو ما شهد به الأعداء، فلا شك أن هذه المبادرات اللاهثة ،حافية القدمين تعني الاعتراف ضمنا بل جهرا بأن حزب الأمة رقم صعب لا يمكن تجاوزه في قضية الحكم في السودان وأن هذا الاعتراف قد أتى من أكابر المجتهدين لمحو هذا الحزب وأنصاره وقادته من الوجود وهو فعل يثبت لنا : أنهم لا يقرأون التاريخ وان قرأوه لا يفهمونه وان فهموه لا يستفيدون من دروسه وعبره، فحزب الأمة حزب يستمد عناصر غذائه ومدد بقائه من ارث بنى هذا السودان طوبة طوبة وقد تكالب عليه الأعداء من الداخل ومن الخارج يريدون ما أراد المؤتمر الوطني -?حو هذا الحزب من الوجود حتى قال كتشنر:» المهدي وراتب المهدي وخليفة المهدي قد دمرتهم ودفنتهم في حفرة عميقة فمن بحث عنهم سوف ألحقه بهم»! لا شك أن كتشنر كان يعني ما يقول ولكنه لم يفلح ومثلما تنبأ خليفة الصديق: شم المهديون الدعاش وفرهدوا حتى بعد ما دفنوا ولله الحمد والمنة -وقد حسب الناس أنهم قد ماتوا بل شبعوا موتا.
لكن لنا أن نتساءل كمراقبين لماذا تغامر جماعة بالانقلاب على شرعية قائمة بالانتخاب وقد ارتضى الناس الركون اليها وسيلة للتبادل السلمي للسلطة وحتى الجماعة المنقلبة كانت جزءاً من منظومتها- ثم بعد الاستيلاء على السلطة اغتصابا تعمل ذات الجماعة وبنفس العزيمة على نقض غزلها بيديها تريد العودة الى المربع الأول والاستعانة بمن انقلبت عليهم بليل بهيم؟
قد تقفز اجابات عديدة لحل طلاسم هذا السؤال منها:
-الاعتراف بأن حزب الأمة حزب جماهيري تؤيده قاعدة مصادمة لا تبالي بالموت وقد أرادوا الاستفادة من هذه الميزات لترسيخ الحكم المغتصب.
-الاعتراف بأن «ألمي حار ولا لعب قعوي» وأن مشاكل السودان أكبر من ادعاءات البيان الأول .
-الاعتراف بأن الأوزار قد بلغت درجة يصعب احتمالها على جماعة واحدة فيريدون اقتسام هذه الشرور مع غيرهم مثلما كانت مؤامرة كفار قريش حينما أرادوا قتل الرسول «صلى الله عليه وسلم» جميعا :يتخيرون من كل قبيلة شابا فيتفرق دمه بين القبائل.
-يريدون تلويث الجميع بما لوثهم من فساد ودماء فيتساوى الكل في ذلك بعد المشاركة بما يمنع ادانتهم ومحاسبتهم وقد دنت ساعتها.
قد تكمن الاجابة في واحد مما أوردت أو فيها مجتمعة وقد يأتي آخرون برؤى أوضح لكن النتيجة التي يجب أن تطمئن لها القلوب :هي أن حزب الأمة وقيادته يعون تلك المحاذير لذلك بملء الفيه يقولون دون لجلجلة أو تردد :لا مشاركة حتى تقبل الأجندة الوطنية.
سئل الامام الصادق عن ان كان هذا هو موقف الحزب من المشاركة ، فماذا عن تعيين عبد الرحمن مساعدا لرئيس الجمهورية ؟
وهنا يجب أن تفرح كوادر حزب الأمة بأن هذا الحزب هو حزب مؤسسات تراعي المصالح الوطنية العليا وقد كان هذا نهجه منذ انشائه ولنضرب مثلا بتأييد الامام عبدالرحمن لانقلاب عبود ببيان ،هذا الموقف لم يحمل الحزب ورئيسه آنذاك السيد الصديق المهدي على تأييد موقف الامام عبدالرحمن .وكان ذلك بالرغم من أن الامام عبدالرحمن هو راعي الحزب- بل هو صاحب فكرة تأسيسه -بل كان الامام عبدالرحمن هو صاحب الفضل في بعث كيان الأنصار الذي حورب بوسائل لم يكن للانسان العادي قبل بها. وبالرغم من كون الامام عبدالرحمن ،وهو هذا الانسان غير العا?ي ،كان والد رئيس الحزب الذي يطيعه طاعة ألغى بموجبها نفسه وكل وجوده- برا بوالده وتقديرا لدوره ورغم أنه لم يكن هناك من أحد يتشكك في نوايا الامام عبدالرحمن التي تريد خير الوطن لكن برغم كل تلك الحقائق صدح السيد الصديق بمعارضة نظام عبود منذ يومه الأول وكان لغرسه الذي غرسه لأجل معارضة النظام أن يثمر في اكتوبر 64 .
اليوم أيضا تقول مؤسسات الحزب ويقول رئيسه بذات الوضوح :لا مشاركة خارج ما تم ايضاحه.
كان رد الامام الصادق على السؤال عن تعيين عبدالرحمن واضحا ومباشرا :عبدالرحمن ابني ولكني لا أتخذ في تربية الأبناء أسلوب المنع وأربي أبنائي عن طريق القدوة وليس المنع المباشر وأترك لهم حرية الاختيار فيما يتخذونه من قرارات وعبدالرحمن يرى أنه يستطيع عمل شيء برغم المحاذير .فطالما كان واضحا بأن هذا الموقف فردي لايمثلني ولا يمثل الحزب فتظل تلك هي حدود ذلك التعيين.
ما قاله الامام الصادق من حديث شفاف وصادق لا نجبر أحدا على أن يصدقه لأنه من ضمن ما يقع في مناطق- حكمك لها أو عليها ،ينبع من تصديقك لمصدرها : «… فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر…»الكهف آية 29
ونحن المؤمنون بالمواقف المبدئية لهذا الحزب ورئيسه والعارفون بعبدالرحمن وسلامة مقاصده يقتلنا هذا التعيين مرتين:
مرة لمعرفتنا بأساليب من قال عنهم بن لادن :خلطة الدين بالجريمة المنظمة.
ومرة بخوفنا على عبدالرحمن من حقل الألغام الذي يريد أن يضع نفسه فيه وقد بذلنا له النصح -مثلما ذكر لأخبار اليوم – نحذره من أن المؤتمر الوطني مجرب و«البجرب المجرب تحوق بيه الندامة»- ولكننا في النهاية احترمنا رأيه وندعو له الله أن يحفظه ويخرجه من الظالمين سالما.
وفي تلك المحنة تدهشنا بعض القراءات التي تتهجم بلا روية مثل احتطاب حاطب الليل الذي كتب في السوداني بتاريخ 4/12/2011 ما معناه أن كل المشهد عبارة عن مسرحية و تقسيم للأدوار!ثم أخذ أوراق حزب الأمة و فصلها على مقاس موبقات الحركة الاسلامية وميكافليتها:القصر رئيسا والسجن حبيسا.بل ذهب في اساءاته لمدى أبعد بقوله ان د.مريم قد تلقت تلك الضربات الآثمة في اطار ما قاله من تقسيم للأدوار حتى صنعت لها مكانا استكثره عليها بين صفوف المعارضين !
لا نريد الخروج من هذا الظلم البائن باثم اساءة الآخرين ولكننا ندعو الجميع لاستنكار غمس تاريخ السودان في خيانة الوطن «بما ورد في الجزء الثاني من مقال حاطب الليل» ونشر ذلك على صفحات جريدة محترمة من واجباتها كجهة اعلامية العمل على تربية فلذات أكبادنا بالتربية الوطنية:فكيف يجرؤ حاطب الليل على تصوير ارتضاء آبائنا الذين حرروا السودان للمرة الثانية، التطور الدستوري طريقا للاستقلال كخيانة للوطن؟ لا أريد التعمق في تفنيد ذلك التخوين لكنني هنا فقط أذكر بما ذكره بروفيسور حسن أحمد ابراهيم في كتابه «الامام عبدالرحمن ?لمهدي»الصادر عام 1998 حيث يقول«نشأت في بيئة بها تعصب ضد الأنصار وقد وصمت الامام عبدالرحمن بممالأة نظام الحكم على أقل تقدير وبالتابع الخائن الذليل في قول أكثر تشددا وقد كنت مقتنعا شخصيا ومعي كثيرون من أبناء جيلي بتلك الادانة باعتبار أنها من المسلمات.ولا غرو فما زالت فكرة الخيانة تلك عالقة بأذهان بعض الدوائر في السودان وغيره»، ويقرر البروف أن براءة الامام عبدالرحمن بالنسبة اليه أتت بعد الدراسة المتأنية والاطلاع على الوثائق والمخطوطات التي كشفت له أن الانجليز كانوا ينظرون للامام عبدالرحمن بشك وريبة وعدائية في?أحيان كثيرة وقد حذر أحدهم أن السيد عبد الرحمن سوف يقلب البلاد رأسا على عقب ضد البريطانيين متى ما وجد سانحة لذلك» ويعلق البروف على ذلك بقوله«ان هذا هو عين ما فعله الامام العصامي في نهاية المطاف ولكن بأسلوبه الخاص».
مضى على نفس النهج التخويني الذي يريد أن يقول ان تلك خيانة موروثة كابرا عن كابر د. حيدر ابراهيم علي بعنوان التسليم والتسلم والتسريح السياسي «سودانايل» . لن أجاري ما كتب هنا فقرة بفقرة ولكني أطالب جهات الاختصاص بذلك بسبب كذب المقال الفاضح على التاريخ وتلك الحملات التي تريد تشويه التاريخ ليست وقفا على المؤتمر الوطني وريث الحركة الاسلامية السودانية بل تتشارك معه قبائل اليسار السودانية باستراتيجيات متشابهة يتراوح ظلمها وعمقه حسب ما يتاح لها من امكانيات. وهما وجهان لعملة واحدة ورغم الاعتراف بأن اليسار السو?اني تسودن ليستطيع التعايش في النسيج السوداني لكن تنادي بعضهم أشواقهم القديمة بين الحين والآخر لتجريم الآخرين مما يمثله هذا المقال . ذكر د.حيدر من ضمن ما قاله :
وكانت هذه الامتيازات بمثابة مقايضة،تنازل بموجبها الأبن« يقصد الامام عبد الرحمن» عن مقاومة وكراهية المستعمرين.وقد عبر عن المقايضة، بطريقة شديدة الرمزية حين اهدي السيد عبدالرحمن المهدي، السيف الذي حورب به البريطانيون،الي ملكة بريطانيا العظمى اثناء زيارة وفد سفر الولاء للندن عام1919م.
لا أعتقد أن مثل د.حيدر من حملة الشهادات العليا يحتاجون للتنبيه بأن هناك الاستراتيجي الذي لا يمكن التفريط فيه وهناك التكتيكي المرن – وهو المجال الذي نجح فيه الامام عبدالرحمن لدرجة أذهلت دهاقنة السياسة البريطانية والمصرية خريجو الجامعات وهو رجل أمي بل محدود الثقافة «راجع الحركة الوطنية السودانية،فيصل عبدالرحمن علي طه».فلو سألنا د.حيدر ماذا يعني سيف غادر وسائله الزمن بما تطور من آليات الحروب فلو أراد الامام عبدالرحمن اعلان حرب لمواجهة الانجليز لما أعانه هذا السيف في شيء .
ونعترف أن الامام عبدالرحمن في كثير من الأمور كان فهمه سابقا لعصره بل حتى لأهل عصرنا هذا : يقدس الناس أشياء لا قيمة لها في حد ذاتها ولكنها تحول لمعبودات .فبينما كان هدفه واضحا لا تنازل عنه أراد أن يطمئن الانجليز ولو الى حين ريثما يستجمع أنفاسه وقد كان اجتهاده والحظ الذي خدمه سببا في تكوين ثروة لا يجهل أحد كيف وظفت بالكامل لتحقيق استقلال السودان حتى أنه عندما مات الامام عبدالرحمن لو تمت تسويتها لفاقت الديون الأصول ولم يبق منها شيء، ولكن لأن الحسنة بعشرة أمثالها فقد أراد الله أن لا تسوى تلك التركة في حينها ل?ظل تلك الثروة المبروكة حتى تنفع أجيالا لاحقة وحتى اليوم.
ويمضي د.حيدر في مغالطة التاريخ بقوله ان حزب الأمة لم يبدأ في معارضة نظام عبود الا بعد فترة «بعد دخول عناصر ختمية مع نظام عبود .مع أن التاريخ يذكر أن السيد الصديق عارض نظام عبود منذ يومه الأول وقد كتب مذكرته الأولى لمطالبة الجيش بالعودة الى الثكنات منذ وقت مبكر في 21 اكتوبر 1959م
ومن الأمثلة على الكيل بمعيارين :أدان موقف الختمية من مايو بسبب التقارب المحتمل مع مصر بينما تغاضى عن الدور الكبير الذي لعبه الشيوعيون في مايو ولم يشر لهم بالاسم بل رمز حيث أشار لهم «بالنخبة الحديثة» وعاتبهم في ثنايا المقال بشكل متفهم لما قاموا به«ليست النخبة الحديثة مبرأة من غدر الديمقراطية،واتفق تماما مع تحليل «عبد العزيز حسين الصاوى»الذي يقول فيه:-»دخول النخبة في نظام مايو كان دليلا علي يأسها من احداث التغيير من خلال الديمقراطية أو البرلمانية أو الليبرالية حسب الرؤية التي سادت منذ الاستقلال.وكان السلوك ا?سياسي للاحزاب مبررا لموقف سلبي تجاه الديمقراطية ككل باعتبار أن ما جربناه هو النظام الديمقراطي.واعتقد كثيرون منهم بان النظام المايوي قادر علي احداث التغيير دون معارضة أو مقاومة.فكانت الخطط الاقتصادية الطموحة والتنظيم السياسي الواحد الجامع والموحد حسب نظرتهم.»في مجلة كتابات سودانية العدد3 ابريل1993
أما ما حاول قوله في بقية المقال بما تفوق به على «تحليلات»حاطب الليل شوطا بعيدا :
«وستكون الخطوة التالية أونهاية التاريخ في السودان.تسريح كل هذه الاحزاب من الخدمة وتكوين حزب اسلامي عريض وشامل يقود تجمع الربيع العربي أو يقدم» للربيع» الاسلامي،النموذج السوداني هدية مجانية لتطبيق المشروع الحضاري الاسلامي»! .
أي أن الأمر كله لا يعدو أن يكون تبادل الأدوار بين «الطائفيين» والاسلاميين لاعلان حكم الشريعة في «نهاية التاريخ»!ذلك تخليط لا يجوز حتى لمبتدئة مثلي الخوض فيه ومثلما استشهد هو نفسه في ثنايا هذا المقال «الما معروف كوعه من بوعه» بأنه حقيقة :القلم ما بزيل بلم .
اللهم أرنا الحق حقا والباطل باطلا .
وسلمتم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.