رغم كراهيتي للسياسة ودهاليزها وميادينها التي لا تخلو من اللعب القذر فهذا لا يجعلني أقف ضد الأحزاب السياسية على ضعف أوضاعها وغياب المؤسسية والديمقراطية عن غالبها لاقتناعي التام بأنه لا يمكن بناء ديمقراطية حقيقية بدون أحزاب ديمقراطية. نقول هذا ولابد أن يعترف قادة حزب المؤتمر الوطني أنه ليس استثناءً من حالة غياب المؤسسية والديمقراطية، وهم أدرى بطبيعة المؤتمرات الفوقية التي تحشد لها العضوية دون تصعيد حقيقي من القواعد، هذا إذا كانت مؤتمرات القواعد تعقد أصلاً وفي مناخ ديمقراطي حر وبمشاركة عضوية كاملة النصاب سواء في الأحياء أو مواقع العمل. الأحزاب الأخرى بما فيها حزب المؤتمر الشعبي معذورة لقلة الإمكانيات وعدم توافر المناخ الصحي لعقد مؤتمراتها إضافة لاستمرار المؤامرات ضدها منذ سنوات الإنقاذ الأولى بما فيها التآمر بالإغراء وشق الصفوف، النهج المستمر حتى الآن، والذي بطبيعة البشر يجد من يستجيبون له دون أن يضيفوا للمؤتمر الوطني وإن كانوا فعلاً يخصمون من أثر الحراك السياسي الإيجابي. لذلك فإننا ضد سياسة “فرق تسد” التي يحاول بها الحزب الحاكم كسب الوقت لصالحه فيما تستمر النزاعات العسكرية والأزمة الاقتصادية متفاقمة في ظل استمرار سياسات رد الفعل وتحميل المواطنين عبء هذه السياسات التي تسببت في معاناتهم. طبيعي أن تكون هناك خلافات بين الأحزاب بل داخل الحزب الواحد كما هو حادث بالفعل ولكن المرفوض هو استغلال هذه الخلافات والفرح بها في محاولة لشغل المواطنين عن همومهم وقضاياهم الحقيقية، خاصة في هذه المرحلة التى لم تعد تحتمل أي مماطلة أو تسويف. التحديات والمشاكل ظاهرة، وهي ليست في حاجة إلى (درس عصر) والمواطن لا يهمه أن يختلف الزعيم الفلاني مع الزعيم العلاني ما دامت النزاعات العسكرية مستمرة والأزمة الاقتصادية متفاقمة والتوترات الإثنية طفحت على سطح مجتمعنا. نحن في حاجة ماسة إلى اتفاق سياسي قومي لصالح استكمال السلام في دارفور ووقف النزاعات في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وحول أبيي ولصالح الإصلاح الاقتصادي الأهم الذي يخاطب التحديات الاقتصادية القائمة لتحقيق التوازن المطلوب في حياة المواطنين ولصالح سياسة خارجية متوازنة، خاصة مع الجارة الجديدة دولة جنوب السودان، وعدم افتعال المعارك التي لم نسلم من شظاياها خاصة وأن الذي فينا مكفينا.