شريفة شرف الدين [email protected] في مارثون عالمي .. تصدر السباق كديس سوداني مسجلا رقما قياسيا بفارق نصف ساعة عن أقرب منافسيه و بعد تتويجه و عزف النشيد الوطني سُئل و الدهشة تملأ السائل: كديس سوداني يحرز ذهبية؟!! .. أنا لست مخطئا فيما أقول .. نعم كديس سوداني يقلب كل التوقعات و يحرز ميدالية على مستوى كدايس العالم!! .. هل نحن في حلم؟ هل يُصدق الكديس السوداني نفسه النتيجة؟ ماذا تقول أيها الكديس السوداني و أنت تتربع على عرش أعلى رقم قياسي؟ قال الكديس السوداني و الحياء يكاد يعصف به: في الحقيقة أنا أصلا كنت نمر لكن الظروف الطاحنة في بلدي حولتني لكديس!! ما أكثر ما تقزم في بلادي بعدما كان عملاقا بعد مجيئ الإنقاذ البغيض!! طوى الأزهري علم الإستعمار و سلمه للمستعمر و رفع مكانه العلم الوطني بينما طوى البشير العلم السوداني و هو الآن سجين زنزانة زجاجية بعدما كف عن الرفرفة في سماء الجنوب لتتقزم مساحة السودان بذهاب جنوبه و حلايب و مناطق أخرى تهدد بالإنفصال. تقزم الجنيه السوداني أمام الدولار بمئات المرات و لا يزال لدرجة أنه بات أمام تلاشٍ حقيقي. إنتهى تقريبا أكبر مشروع زراعي في إفريقيا – مشروع الجزيرة – و مثله الزراعة الفردية في كل أنحاء السودان لسياسات الحكومة الرعناء و زادت فشلها بقرار أفشل وهو استجلاب المزارع المصري بالملايين. تقزمت العائلات الرأسمالية الكبيرة و طفح على السطح في مكانها رأسمالية جديدة كانوا حتى قبل مجيئ الإنقاذ نكرة لا يعرفهم أحد. تقزم دور القضاء و ذهبت هيبته و صار لا يفصل إلا فيمن يشير عليه السلطان و أعوانه من الخصوم. صار الخبز في حجم (الأضان) بعدما كان كبيرا مباركا فيه. تقلصت الميادين العامة في الأحياء بعد بيعها بسياسة روبن هود الذي ينهب الناس و يفرض يبيع لهم ما يخصهم بالسعر الذي يفرضه عليهم. تقلصت الإدارات الأهلية و صارت عمما و شالات تقول نعم و ألف نعم للقائد المتهم أقصد المهتم. تقزمت الأمانة بإمتداد يد الفساد عليها فصارت الدولة نهبا منهوبا و على نحو مقنن. تقزم الجيش و تحول إلى إقطاعية حزبية تتبع للمؤتمر الوطني يتلقى الهزيمة تلو الأخرى. لم يعد هناك ذكر للناقل الوطني للسكة الحديد ( اصلا هي حتنقل شنو يعني؟) أما الأشياء التي زادت كمّا و نقصت قيمة.. التعليم .. اللقطاء .. الديون .. الوزارات و الوزراء .. المستشارين و المساعدين .. الولايات و الولاة و مخصصاتهم .. المؤسسات الوهمية التابعة للنظام .. التصاديق التجارية و الإستثمارية .. الهزائم الرياضية .. الأمراض بأنواعها .. الغلاء.. إزدحام المدن .. الجريمة و .. و .. و .. و بقي أن تنقذ الإنقاذ نفسها من غضبة لم تسلم منها أسرة .