أحيا تلاميذ وتلميذات الأستاذ الشهيد محمود محمد طه في منطقة واشنطن الكبري الذكري السابعة والعشرين لإستشهاده، مساء أمس السبت بولاية فرجينيا الأميركية. وافتتحت الامسية بآيات من القران الكريم وإنشاد عرفاني. وتخلل المناسبة عرض فيلم وثائقي- عُرض لأول مرة- يحكي عن حياة شهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه. واختتمت الفعالية بندوة حول مقولة الشهيد الأستاذ محمود محمد طه (أن الوحدة بين جنوب السودان وشماله، وحدة مقضي عليها بالبقاء، وكل محاولة لتفتيتها مقضي عليها بالفشل). وتحدث في الندوة الأستاذ باريك توبي مادوت، الأمين العام للحركة الشعبية في واشنطن، مشدداً على أن إنفصال الجنوب جاء كمحصلة طبيعية لفشل النخبة الحاكمة في الشمال في طرح برنامج وطني متفق عليه ما بين كل السودانيين. ولم يستبعد مادوت الإتفاق على شكل من أشكال الوحدة المستقبلية بين الشمال والجنوب إذا تم تغيير في المؤتمر الوطني في الشمال، وإستطاعت القيادة الجديدة في الشمال أن تبني علاقة وأواصر جديدة مع الجنوب. من جانبه، قدم الأستاذ عادل علي صالح، ممثل حزب المؤتمر السوداني في واشنطن سرداً تاريخياً لإسهامات الجنوبيين في بناء دولة السودان الحديثة، مشيراً إلى أن الحكام في الشمال لم يعترفوا بهذه الإسهامات.. بل قللوا منها ولم يتم تدريسها للطلاب في المدارس (لذلك، كان الإنفصال نتيجة حتمية لتلك السياسات قصيرة النظر). وأعرب الأستاذ أزهري بلول، أحد تلاميذ الأستاذ الشهيد محمود محمد طه عن ثقته بأن وحدة السودان مقضي عليها بالبقاء “وأي محاولة لتفتيته مقضي عليها بالفشل”. موضحاً بأن الجنوب في حاجة إلى الشمال، والشمال في حاجة الجنوب “لان ما يربط بينهما رباط دم وصلات رحم”. وأكد على إستحالة تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية على واقع اليوم، مشدداً على أن مشاكل ومطالب اليوم تُخاطب بأدوات اليوم وليس الأمس، داعية إلى تجديد في الفكر الديني حتي يتواءم مع قوانين حقوق الإنسان وإحترام التعدد والتنوع. من جانبه، قدم الأستاذ صلاح شعيب، الأمين العام لإتحاد الصحافيين السودانيين الأميركيين بالولايات المتحدة الأميركية مقاربة فكرية بين فكر الاستاذ الشهيد محمود محمد طه والشهيد الدكتور جون قرنق، مؤكداً بأن أكثر ما يميز رؤيتيهما هي علو “نبرة السودانوية” في كلا الفكرتين، موضحاً: “رؤية الأستاذ الشهيد محمود محمد طه للتجديد في الفكر الإسلامي، ورؤية الشهيد الدكتور جون قرنق للسودان الجديد، نبعتا من تربة سودانية.. وليس كما هو الحال بالنسبة لأفكار الحركات الإسلاموية واليسارية في السودان التي تأثرت بنظريات اتت من الخارج مثل أفكار حسن البنا وسيد قطب وكارك ماركس”. وحضر الفعالية وفداً من سفارة جمهورية جنوب السودان في واشنطن، مشيرين إلى أن حضورهم لهذه الفعالية لرد الإعتبار ورد دين للأستاذ الشهيد الذي وقف ضد قوانين الديكتاتور نميري التي عرفت حينذاك بقوانين سبتمبر للشريعة الإسلامية.. التي كانت تستهدف في المقام الأول غير المعتنقين لدين الإسلام. وكان لافتاً الحضور الكبير للجالية السودانية بمختلف اطيافها، بالإضافة إلى ممثلي الاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني في منطقة واشنطن الكبري. ويجئ احياء الذكرى هذا العام والسودان مقسّم فعلا لا قولا بفعل ما يسمي بقوانين الشريعة الإسلاموية التي حذر الأستاذ الشهيد محمود محمد طه منها على أيام الديكتاتور الراحل نميري من كونها “تهدد الوحدة الوطنية”.. في بلد ظلت تتقاذفه الانواء منذ فجر إستقلاله إلى يومنا هذا.