وصف إريك ريفز – الكاتب الامريكي المهتم بالشؤون السودانية – سياسة الادارة الامريكية تجاه السودان بانها ميؤوس منها ، متناقضة ، ومفلسة أخلاقياً ، وانها مسؤولة بسلبيتها عن الفظائع التي ارتكبتها حكومة الخرطوم . وذكر في مقال بعنوان ( السلبية في مواجهة الفظائع في السودان ) بصحيفة واشنطن بوست ، الجمعة 10 فبراير ان الحرب الجارية حالياً في السودان يمكن وصفها بأنها (حرب أوباما) ، لانه يتحمل مسؤوليتها السياسية . وأضاف انه في نوفمبر 2011 أعلنت ادارة أوباما الفصل ما بين دارفور وبين المفاوضات حول وجود السودان في قائمة الدول الراعية للارهاب ، وهو الأمر الذي يتسم بأهمية استراتيجية لحكومة الخرطوم . وكان الاعلان اشارة واضحة بان دارفور قد تم ( فصلها على نطاق أوسع) ، وهذا ما حدث . وفي نفس الوقت ضغطت الادارة الامريكية على حكومة الجنوب للتنازل أكثر في أبيي . ولما كانت حكومة الجنوب قد سبق وقدمت الكثير من التنازلات ، فان هذا جعل الأطراف جميعاً تفهم بوضوح أن الادارة الامريكية ، مهما كانت العواقب على المناطق خارج جنوب السودان ، تضع النفعية قبل المبدأ فيما يتعلق باكمال تطبيق اتفاقية السلام . وحسب نظام الخرطوم ، بصورة صحيحة ، انه مع التراجع في سياسة الادارة الامريكية ، فلن تكون هناك عواقب لاجتياحه لأبيي . وبعد اسبوعين بدأت الهجمات على المدنيين في جنوب كردفان ، مع أدلة دامغة على إرتكاب فظائع واسعة تجاه النوبة . وعندما فشلت الادارة الامريكية والمجتمع الدولي في الرد ، أخذت حكومة الخرطوم العلم بذلك وتحركت نحو النيل الأزرق . والقوى العظمى يمكن أن تكون مسؤولة عن الحرب بصورة نشطة ، كما في العراق وافغانستان ، أو مسؤولة بصورة سلبية عندما تتراجع أمام العسكرة القاسية التي تهدد حياة ملايين المدنيين . وفي السودان ، هناك أدلة قوية على أن أوباما ، رغم لغته الخطابية أثناء الحملة الانتخابية عام 2008 ، لم تكن لديه أية نية للعب أي دور سوى السلبي تجاه الكارثة الانسانية المحتملة . وفي لحظة من لحظات النفاق العظمى ، قال برنستون لايمان ، المبعوث الخاص لإدارة أوباما للسودان ، في ديسمبر ، ( بصراحة ، نحن لا نريد أن نرى الاطاحة بالنظام السوداني ، ولا تغيير النظام . نريد ان نرى النظام يجري اصلاحاً عبر اجراءات دستورية ديمقراطية ). والفكرة القائلة بان نظام الابادة الجماعية في الخرطوم سوف يحقق الاصلاح عبر اجراءات دستورية ديمقراطية ، هي على حد سواء ، منافية للعقل ، وكاشفة بشكل مؤلم عن قدرات الادارة . وبذات الطريقة ، أعلن مسؤولون في الادارة الامريكية مراراً انهم يريدون محاسبة المسؤولين عن قصف قوات النظام الجوية للمدنيين ، تصر ادارة أوباما على محاسبة هؤلاء في نظام الخرطوم – ومن بينهم متهمين من المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم ضد الانسانية – ولكن الادارة مع ذلك لا تريد ان ترى (تغيير النظام). وهذه سياسة ميؤوس منها ، متناقضة ذاتياً ، ومفلسة اخلاقياً ، ومن هذا الافلاس تصنع الحرب والمجاعة . الوقت قصير للغاية ، يجب على ادارة أوباما ان تفعل ما هو ضروري لضمان التوصل إلى اتفاق مع الخرطوم يضمن فتح ممرات انسانية للمدنيين المنكوبين والمحتاجين بشدة ، والذين تستخدم حكومة الخرطوم احتياجاتهم كوسيلة من وسائل قمع التمرد . واذا رفض النظام ، يجب على ادارة أوباما ان تكون جاهزة للاجبار ، عسكرياً ، لفتح هذه الممرات .