أنهى بنك السودان عقد غازي حفيظ الله نائب مدير البنك الزراعي أمس الأول حسب ما أوردت صحيفة (التيار). وكان الأمن الاقتصادي ألقى القبض على غازي حفيظ الله وأحمد البدوي مدير شركة (متكوت) يوم السبت الماضي للتحقيق معهما حول تمويل شراء آليات لمشروع الجزيرة قيمتها أكثر من خمسين مليار جنيه – بالقديم – ثبت أنها غير مطابقة للمواصفات ، وبيعت للمزارعين بأثمان باهظة. ويعتبر قرار بنك السودان، إنهاء عقد نائب مدير البنك الزراعي إجراء استباقياً لاخلاء مسؤولية ادارة البنك المركزي وتحميل نائب مدير البنك الزراعي المسؤولية وحده ، هذا في حين أن صفقة الآليات وغيرها من صفقات فساد شركة الأقطان لم تكن لتتم وتستمر طيلة السنوات الماضية دون تواطؤ كل الادارة الاقتصادية والسياسية للانقاذ . ومكافحة الفساد في ظل الانقاذ عمل من أعمال العلاقات العامة ، تهدف لصرف الانظار عن فساد الكبار بالتضحية بصغار المفسدين ، أو ترتبط بصراع مراكز السلطة ، وحتى ولو صدقت النوايا فانها جهد عبثي لا طائل من ورائه ، لان بيئة الانقاذ تفرخ الفساد كما تفرخ أي بيئة راكدة الناموس ، وفي مقابل أي مفسد تتم الاطاحة به تفرخ الانقاذ عشرات المفسدين مكانه ، وذلك لان فسادها فساد شامل يرتبط بكونها سلطة أقلية ، تحكم بمصادرة الديمقراطية وحقوق الانسان ، وتحطم بالتالي النظم والآليات والمؤسسات الكفيلة بمكافحة الفساد ، كحرية التعبير ، واستقلال القضاء ، وحيدة اجهزة الدولة ، ورقابة البرلمان المنتخب انتخاباً حراً ونزيهاً . كما يرتبط بآيدولوجيتها التي ترى في الدولة غنيمة ، علاقتها بها وبمقدراتها بل وبمواطنيها علاقة ( امتلاك) وليس علاقة خدمة . وترى في نفسها بدءاً جديداً للتاريخ ، فتستهين بالتجربة الانسانية وحكمتها المتراكمة ، بما في ذلك الاسس التي طورتها لمكافحة الفساد . وحين تنعدم الديمقراطية ، لفترة طويلة ، كما الحال في ظل الانقاذ ، يسود أناس بعقلية العصابات ، ويتحول الفساد الى منظومة شاملة تعيد صياغة الافراد على صورتها ، فتحول حتى الابرار الى فجار ، واما أدعياء (الملائكية) فانهم يتحولون الى ما هو أسوأ من الشياطين !