وأعني ما الذي يمكن أن يجعل الجنوبيين يصوتون إلى هذه الوحدة الراهنة؟ ما هي الأسباب؟؟ هل لخوفهم من أنهم لن يستطيعوا إدارة دولتهم الوليدة؟؟ أم لأنهم سوف يقتلون بعضهم؟؟ أم لأن الدينكا سوف يهيمنون على دولتهم الجديد؟ أم لخوفهم من أن أوغندا سوف تبتلع هذه الدولة الجديدة وتتمدد شمالاً محتلة لجنوب السودان لأن دولتهم الجديدة سوف تكون مغلقة في الشمال؟؟ أم لأن الخوف بأن يتركهم الشمال في أوكسجين الدولة الجديدة وأنابيب البترول وما أدراك ما البترول…؟ أم لأن الجنوب سوف ينهار خلال شهور لأنه صندوق مغلق لا منافذ له على البحر؟؟؟!!!! كل المذكور أعلاه ترهات وغثاء صحافة الخرطوم الصفراء… إن الابتزاز الرخيص الذي تمارسه الحركة الإسلامية بصحفها ومؤتمرها اللا وطني… ابتزاز فعلاً رخيص وعديم الفائدة.. وهو يوضح العقلية التي تفكر بها الطغمة التي ورثت السلطة من الاستعمار فهي تفكر بعقلية الاستعمار وتمارس سلطتها وجبروتها كما الاستعمار!!! المحاولات “الفطيسة” التي تمارس ليل نهار بدءً من اللجنة السياسية المشتركة إلى الصحافة إنها محاولات لا فائدة من خلفها غير أنها حاصرت الوحدويين بالجنوب الذين كان لهم بصيص من الأمل بأن يتغير ويتنازل المركز لصالح الأقاليم ويتم إعادة هيكلة هذه الدولة التي فشلت… وماتت والذي سوف يتم تشييعها في يناير 2011م.. الذين كانوا لديهم أمل في الوحدة بأسس جديدة لم يحاصروا فقط بل بشعوا بهم ورفض ما كانوا يبتغونه.. واعتبر من المستحيلات كما عبر عن ذلك نافع بالقاهرة بقوله “بأن وحدة قرنق- أي الوحدة على أسس جديدة أفضل منها الانفصال” إذن فما هي الوحدة المطلوبة إذن للحركة الإسلامية وللمؤتمر الوطني؟؟؟ إذا كانت تعتقد بأن الوحدة التي تقوم على الأوهام لا الحقائق كما كانت ولا زالت فإنني أقولها بصراحة لا لبس فيها.. الوحدة بشروطها الراهنة وشكلها الماثل منذ قبل الاستقلال بسنوات حتى الآن وحدة مرفوضة، ورفضها ليس من قبل الجنوبيين فحسب بل كل أبناء السودان الواعين!! رفضوها بأشكال عديدة أعظمها رفض الجنوبيين لها منذ 1955م حتى الآن.. لقد كان سامبو أمبيكي أذكي من جهلاء المؤتمر الوطني عندما أدرج الكونفدرالية كنوع من الوحدة الفضفاضة على الرغم من أن طرحه يحتاج أولاً من الجنوبيين بإعلان دولتهم في الأول ومن ثم بعد ذلك الاتحاد لكنه طرح فيه ذكاء للمحافظة على وحدة السودان بقدر الإمكان. إن فرض الوحدة الراهنة من قبل المؤتمر الوطني بالطرق الراهنة- أي الابتزاز والتهديد بالعودة إلى الحرب وسفك الدماء ودعم جيوب التمرد بالجنوب سوف لن ينتج غير إصرار الجنوبيين بالتخلص من عبّ هذه الوحدة.. فهذه الوحدة التي قاومها الجنوبيون فدفعوا ثمناً غالياً رفضاً لها بالموت لأكثر من (2) مليون وتشريد ونزوج لأكثر من نصف قرن كامل.. كل هذه التضحيات كانت ثمناً لرفضها فلماذا يعتقد المؤتمر الوطني أن بمقدوره فرضها بقوة السلاح أو التلويح بسفك الدماء؟؟ إن استعداد الجنوبيين حالياً لدفع أثماناً إضافية مهراً لدولتهم واستقلالهم وهم الدولة الموحدة هذه.. إنهم أكثر استعداداً من أي وقت مضى.. بفضل عقلية وممارسات الحركة الإسلامية بقيادة المؤتمر الوطني. لم استغرب إطلاقاً عندما علمت بما قاله المفاوض المفوض من قبل المؤتمر الوطني بجوبا عن عدم استعداد المؤتمر الوطني بالسماح للجنوبيين لكي يكون لهم دولة.. لم استغرب عندما طلبوا من الحركة الشعبية وقف تطلعات الجنوبيين، لم استغرب عندما أعلنوا صراحة أمام قيادة الحركة الشعبية بأن إعلان دولة بجنوب السودان عن طريق الاستفتاء أو بغيره سوف يجعلوهم يمنعون ذلك حتى ولو بسفك الدماء!!! وأنها سوف تكون هذه المرة قوية ومؤلمة ومن سيدفع الثمن هم الجنوبيين!!! هكذا تحدثوا أمام كل قيادات الحركة الشعبية بجوبا… وفي هذا الاجتماع أيضاً أعلنت قيادة المؤتمر الوطني حينها بأنهم سوف لن يقبلوا بترسيم الحدود إلا إذا وافق الجنوب بالتنازل عن “جودة وكاكا بأعالي النيل وهجليج/ خرسانة، بالوحدة واستقطاع 28 كيلو من شمال بحر الغزال وحفر النحاس (كفيا كينجي بغرب بحر الغزال) وهي شروط لا يمكن أن تقبل بها حكومة الجنوب.. وفي هذه الحالة لا استفتاء.. كما خطط الأشرار.. وهي حيلة ماكرة سوف ترتد في نحورهم.. لقد قالوا الكثير في فاتحة اجتماعات جوبا لمناقشة قضايا ما بعد الاستفتاء وهو ما سوف نرجع له بالتفصيل لاحقاً لفضح الوحدة التي يسوقها المؤتمر الوطني وهي وحدة مرفوضة.. بأي ثمن حتى ولو تمت إبادة الشعب بجنوب السودان.. فخيراً لهم أن يبادروا ويموتوا بكرامة بدلاً من هذه الذلة والهوان. غداً نواصل