قلنا بالأمس بأن الجنوبيين على استعداد لدفع أي ثمن كان رفضاً لهذه الوحدة المطروحة من قبل المؤتمر الوطني. وقمنا بايراد بعض نماذج الابتزاز التي يمارسها المؤتمر الوطني.. “للمفاوض الجنوبي” وهذه حقيقة فليست الحركة الشعبية لتحرير السودان هي التي تفاوض المؤتمر الوطني.. بل طوائف عديدة من الأحزاب الجنوبية المكونين للجان ما بعد الاستفتاء. هذه مجرد ملاحظة.. نواصل ما انقطع بالأمس ونقول أن الدعاية والفورة المفاجئة بأعلام المؤتمر الوطني نتيجتها ليس تحييد أو كسب أصوات الوحدة بل هو دفع المترددين ما بين الانفصال والوحدة أو الذين كانوا على أمل بوحدة على أسس جديدة هذه الحملة الراهنة وحدت صفوف الجنوبيين نحو التصويت للاستقلال.. فحملات الابتزاز الرخيص التي تمارسها الحركة الاسلامية بقيادة المؤتمر الوطني حملات تحمل في طياتها أطنان من العنصرية المستترة والفاضحة.. حملات تقلل من شأن المرء ومن انسانيته حملات ابتزاز تدوس على كرامة الجنوبي كشخص وانسان له تطلعاته المشروعة والعيش بكرامة.. أنها… يا أنتم معركة الكرامة.. فياترى من سيقبل بأن “ينداس”!!! هل الجنوبي الذي أعرفه وتعرفه؟؟ أم جنوبي زحل؟؟ انهم من دم ولحم وكرامة وعزة نفس وأنني لاستغرب جداً عندما أجد العديد من النداءات من أحزاب عديدة في الشمال والعديد من الشماليين استغرب عندما يناشدون الجنوبيين الصبر وأن لايكون قرارهم رد فعل لممارسات المؤتمر الوطني لأنها لا تمثل الشمال!! نعم الحقيقة أنها لاتمثل الشمال كحزب بل تمثل العقلية الحاكمة منذ خروج الانجليز الاحزاب التي تغسل يدها الآن من استقلال الجنوب وللتاريخ نقولها لديهم المسؤولية الكاملة مثل المؤتمر الوطني.. فجميعهم كانوا في السلطة بل بعضهم كانوا قيادة لاستقلال السودان.. ومنهم كانت بدايات الخديعة والكذب والتلفيق ومنهم كانت بدايات احتقار الجنوبيين ونوابهم في أول برلمان ومنهم كانت قياداتهم تصف الثورة الوطنية الوحيدة التي يتباهى بها كل السودان الآن أي ثورة 1924م وصف تلك الثورة بأنها ثورة (عبيد ورعاع ومن لا أصول لهم) في مذكرة مشهورة. كذا فمطالب الجنوبيين التي سوف تضع لهم “عين الاعتبار” وهي فقط “فدرالية هزيلة” وانقلبوا عليها فيما بعد.. في أكبر خديعة في تاريخ السودان القديم والحديث.. لم يكن ذلك البرلمان برلمان المؤتمر الوطني أو الحركة الاسلامية أن النداءات المتكررة ان كانت من مثقفي الشمال أو قيادات أحزابهم أو حتى منظمات المجتمع المدني بها.. والتي تطالب الجنوبيين بالصبر وقبول هذه الوحدة حتى يتغير المركز فهي نداءات سراب وأوهام ومكر لاتقبل مما يقولها المؤتمر الوطني بشكل سافر فما الذي يجعل الجنوبي يصبر على النظرة الدونية منذ العشرينات وحتى الخمسينات بأحداثها الجمة من ثورة 1924م الى مؤتمر 1947م حتى مؤتمر القاهرة سنة 1953م.. لماذا يصبر الجنوبيين على خديعة المركز طيلة هذه السنوات “وأنتم” معظم الشماليين أحزاباً ومثقفين عاجزين عن احداث اختراق في منظومة وعقلية الطغمة الحاكمة في أي عهد.. عسكري أو مدني.. ان هذه النداءات تفتقر الى اللياقة والذوق ذلك “لأنكم” نسيتم المسؤولية الملقاة على عاتقكم وتطلبون من الضحية الصبر.. لمتين؟؟؟ لمئة سنة اخرى؟؟ لماذا تحس معظم الأحزاب ومثقفيها بعار الانفصال؟؟ ألم يكن في مقدورهم اصلاح كل الذي طرحه الجنوب عشية الاستقلال أو قبله؟؟ ولماذا لايواجه المجتمع الشمالي نفسه بالحقائق التاريخية منها والماثلة بدلاً من اتهام الجنوبيين بعدم معرفتهم لمصلحتهم أو مصلحة بلادهم؟؟ لماذا دفن الرؤوس والاقرار بجميع الذنوب والأخطاء التي ارتكبتها الأحزاب الشمالية الا القلة منها بدلاً من اهانة الجنوبيين بأن وراءهم عامل أجنبي.. لكأنهم مجموعة أرجوزات تحركهم قوة أجنبية وليسوا واعين بما يدركون.. فقد اتهموا عشية الاستقلال بأن مطلهم “الفدرالية الهزيلة” تلك “ضيعة استعمارية” أي ايعاز من الانجليز!!.. واستمرت هذه الحالة حتى تاريخ اليوم.. فالرغبة العارمة الحالية من الجنوبيين للتصويت للاستقلال ماهي الا رغبة يوغندا وموسفيني!! تأمل!!! موسفيني ايه ويوغندا ايه؟؟ حتى أمريكا ايه؟؟ ألا تندرج مثل هذه الترهات من باب العنصرية وتقليل من قدرة الشخص الجنوبي وحط من كرامته؟؟ انه كذلك.. فبعد كل هذا تريد مني بأن أصوت لهذه الوحدة؟؟ دعوني أناقش هذه القضية بوضوح وتفصيل بعد عيد الفطر المبارك.. وحتى نلتقي حينها أسمحوا لي بأن أهنئ كل المسلمين بعيد الفطر المبارك والسودان بالأخص أعاده الله علينا منعمين بنعمته بالأمن المشترك وسلام وجوار أخوي تسوده المصالح المشتركة طالما لا أمل قريب للوحدة على أسس جديدة أي “وحدة قرنق” كما سماها نافع!!!