لن نخوض مع الخائضين بغير علم في الأمور الفقهية التي أصبحت للأسف الشديد تستغل لأغراض سياسية وليس للتمكين للدين، ولأن الفتاوي السياسية أصبحت طاغية على الساحة الداخلية رأينا أن نقول رأينا فيما نعلم ونسأل الله لنا وللجميع الهداية والرشاد. نعلم بأن الدين مكون أساسي من مكونات الإنسان والأمة وأنه لا يمكن فصل الدين عن المجتمع والمجتمع يتشكل وفق هديه، ولكننا نفرق بين الدين والسياسة لأن السياسة إجتهاد بشري يخطئ ويصيب. والدين أمر رباني لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ظاهرة الفتاوي السياسية يتبرع بها بعض المشائخ- ولا أقول الفقهاء- للدفاع عن مواقف سياسية أو للهجوم عليها، ولعل هذا يفسر ظاهرة التطاول على الرموز السياسية بمن فيها الذين يقودون تنظيمات وكيانات دينية بهذه الفتاوي التي لا تخلو من تجنٍ عليهم وعلى تاريخهم ومواقفهم الدينية والوطنية. لسنا هنا بصدد الدفاع عن الإمام الصادق المهدي ولا الدكتور الترابي في مجال اجتهاداتهما الدينية رغم احترامنا وتقديرنا لهذه الاجتهادات وإن اختلفنا معهما سياسياً، ننتقد طرحهما السياسي ولكن لا يمكن أن نشكك في عقيدتهما الدينية. نقول هذا بمناسبة خطبة الشيخ مدثراحمد اسماعيل أمس الأول الجمعة بالفيحاء التي تحدث فيها عن الذين يتطاولون على الذات الإلهية وعلى الشريعة ونحن نتفق معه على ضرورة التنبيه لخطورة مثل هذا التطاول ولكنه ختم خطبته مهاجماً الذين يفتون لصالح حكم الرئيس السوري بشار الاسد وهو محق تماماً في ذلك. لكننا في نفس الوقت ننتقد الذين يفتون لصالح المعارضة السورية باعتبارها معارضة دينية، وكل متابع للحراك السياسي في العالم المحيط بنا يعلم أن دافع الثورات هو القهر والظلم، وليس لان الحكام كانوا يحكمون بالدين أم لم يكونوا يحكمون به. لذلك فاننا نتفق مع دعوة الشيخ مدثر في عدم التطاول على الذات الإلهية وعلى الشريعة ولكننا في نفس الوقت ندعو كل مشايخنا للنأي بالفتاوي عن الخلافات السياسية التى لا تخلو من المصالح والأجندة الخاصة.