قبل تسع سنوات انشغل العالم بأمر الشاب الاميركي ديفيد بلين.. وقالت رويتر انهى الساحر الاميركي ديفيد بلين مغامرته التي استمرت 44 يوماً والتي حبس نفسه خلالها داخل صندوق من البلاستيك دون اي طعام على ضفاف نهر التيمز.. وغادر بلين الصندوق وهو يترنح ويبكي وبدأ نحيفاً ورث الهيئة واشعث الشعر وانهار بينما استقبله المئات من الناس وهم يصرخون ويهتفون له اعجاباً. وقال بلين عبر ميكرفون «تعلمت ان اقدر الاشياء البسيطة في الحياة.. احبكم جميعا وللابد… ٭ واجرت فرق طبية فحصاً لبلين قبل نقله الى المستشفى حيث سيخضع لبرنامج للعودة الى تناول الطعام وهي عملية يقول اطباء انها قد تهدد حياته. وتساءلت متفرجة عما اذا كان الامر بأكمله مجرد حيلة وقال كوستيا باثر 02 عاما اما ان ما فعله حقيقي ومن ثم فهو انسان رائع او انه اختلق الامر وفي هذه الحالة فإنه ساحر بارع. وزار المكان اثناء المغامرة زوار يقدر عددهم بحوالي ربع مليون جاءوا لمشاهدة النيو بوركس 03 عاما الذي يقول انه خلال تلك الفترة لم يصل جسمه سوى الماء الذي كان يحصل عليه من خلال انبوبة. وكتب ود ضيف الله في طبقاته.. حمد النحلان بن محمد البديري المشهور بابن الترابي وامه اسمها غاية قرأ «خليل» على الفقيه محمد ولد التنقار في مويس وبرع فيه فأخذ فيه فتحات ثم اتخذ مذهب التصوف وانقطع الى الله تعالى وتزهد وسلك على الشيخ دفع الله وارشده واجتمع بالسيد الخضر واخذ عليه. ما يهمني هنا ما استدعته حكاية ديفيد الاميركاني وهو ما قال ابو كسيبة فلما رجعنا من تشييع الشيخ سألنا خادم الشيخ حمد.. يا بخيتة اين سيدك؟ قالت سيدي من مروح الشيخ سد خلوته ما فتحها لا اكل ولا شرب. قال جينا ناغمناه قلنا ليه افتح الخلوة اقرأ لنا.. قال يا ابو كسيبة انا و«خليل» افترقنا الى يوم القيامة شيل ود التنقار.. قلنا له تدخل الخلوات تهمل اولادك.. وجبنا له خادمه واولاده الثلاثة نعمان والهميم ورقية بكوا عنده ما افادوا شيء.. الخلوة خشمها مطوب بالطوب.. وقال ان شميتو عفنة تعالوا ادفنوني ومكث في الخلوة اثنين وثلاثين شهرا وشال معاه تلات سلق قرض وسبع تمرات والخلوة فيها طاقة بناولوه بيها الماء وكل ليلة مطاله قدر عين الجمل لفطوره.. فلما خرج من الخلوة وجدوا القرض والتمرات والمطاطيل على حالها والركوة ملانة ماء فجميع من شرب منها وقع مغشياً عليه.. وصار وليا من اولياء الله.. امر الناس بالتوبة والاستغفار وترك الرذيلة وسلكهم الطريق.. ونظير هذه الحكاية ما ذكره سيدي عبد الوهاب الشعراني في طبقات الادعياء ان ابراهيم بن ادهم اول دخوله في الطريق دخوله خلوة سنة كاملة ما اكل ولا شرب ولا نام، ثم دخل الخلوة ثانيا فمكث فيها ثلاثين شهرا ثم خرج يابسا من اللحم والدم وجلده ملتصق على عظمه وسموه الناس حيئنذ بالنحلان.. فخرج عن الدنيا وقال فتحت باب الله وسديت باب المخلوق. قلت بعد ان قرأت خبر ديفيد واستدعيت حكاية حمد ود الترابي من الطبقات وقفت امام لغز الانسان الذي سيظل هكذا الى ان يرث الله الارض ومن عليها.. في القرن الحادي والعشرين يعجب الناس بشاب امتنع عن الاكل وعاش على ماء قليل ويعتبرونه رائعا وفي القرن السابع عشر او السادس عشر ينقطع ود الترابي عن الاكل والشرب لمدة اثنين وثلاثين شهرا.. الاول يقول تعلمت ان اقدر الاشياء البسيطة والثاني يأمر الناس بالتوبة والاستغفار وترك الرذيلة. وستظل الحياة مليئة بالاسرار ومن اعظم الاسرار علاقة المتصوفة بالجوع وقهر النفس.. واسماعيل صاحب الربابة له كلام كثير عن الجوع. هذا مع تحياتي وشكري