مسؤول أميركي يدعو بكين وموسكو لسيطرة البشر على السلاح النووي    تحرير الجزيرة (فك شفرة المليشيا!!)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    عائشة الماجدي: (الحساب ولد)    السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    تحديد زمان ومكان مباراتي صقور الجديان في تصفيات كاس العالم    كريستيانو يقود النصر لمواجهة الهلال في نهائي الكأس    شهود عيان يؤكدون عبور مئات السيارات للعاصمة أنجمينا قادمة من الكاميرون ومتجهة نحو غرب دارفور – فيديو    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    واشنطن: دول في المنطقة تحاول صب الزيت على النار في السودان    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    شاهد بالصورة والفيديو.. نجم "التيك توك" السوداني وأحد مناصري قوات الدعم السريع نادر الهلباوي يخطف الأضواء بمقطع مثير مع حسناء "هندية" فائقة الجمال    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني الشهير "الشكري": (كنت بحب واحدة قريبتنا تشبه لوشي لمن كانت سمحة لكن شميتها وكرهتها بسبب هذا الموقف)    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    "الجنائية الدولية" و"العدل الدولية".. ما الفرق بين المحكمتين؟    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    لأول مرة منذ 10 أعوام.. اجتماع لجنة التعاون الاقتصادي بين الإمارات وإيران    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    الحراك الطلابي الأمريكي    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شرق السودان .. الازمة المنسية
نشر في حريات يوم 09 - 05 - 2012

احاول من خلال هذا المقال المطول إلقاء الضوء علي قضايا رئيسية ذات أهمية وإرتباط بالاوضاع في شرق السودان، وهي رؤوس مواضيع في إعتقادي لابد لكل من يريد استيعاب وفهم مايجري هناك بشكل جيد الإطلاع عليها.
غير أنه لابد ان اذكر أنني لا اغطي القضايا التي ذكرتها بشكل متكامل، لان هذا عمل يحتاج لجهد جماعي، كما أن كل عنوان من العناوين الموجودة هنا تحتاج لبحوث واوراق كاملة لتغطيتها.
وبحكم كوني احد أبناء هذا الاقليم واتجول بإستمرار في معظم مدنه وقراه وعلي تواصل مع اهله وأتابع كل ما يتعلق به، اجزم ان المعاناة وبؤس الحال الذي يعيشه الاهالي هناك لا نظير له إلا في مناطق قليلة من العالم، والسؤال الذي يقفز للذهن هنا : لماذا إذاً لايعرف السودانيون في المناطق الاخري، والعالم الخارجي ذلك جيداً ؟.
بالفعل السؤال محير خصوصاً إذا وضعنا في الإعتبار وقوع الشرق علي مقربة من مركز السودان ومدنه وطرقه الرئيسية، علي النقيض من مناطق الهامش الاخري مثل دارفور او جبال النوبة التي تبعد كثيراً عن المركز.
ولكن ما أستطيع قوله في محاولة الإجابة علي السؤال هو ان هناك غياباً كاملاً لاجهزة الإعلام والتوثيق، وإنتشار الامية بمعدلات مرتفعة في الارياف، وغياب التأهيل والمهارات عن الاجيال الجديدة التي نالت قسطاً من التعليم، يساعد علي التعتيم وغياب المعلومات.
كما ان توسع مدن الشرق والزيادة في معدلات عمرانها يعطي إنطباعاً خاطئاً عن الوضع في الاقليم (بورتسودان النموذج الامثل لذلك حيث التناقض السافر ما بين وسطها ومدن الصفيح الضخمة علي اطرافها وفي ارياف البحر الاحمر عموماً).
وعلي هذا فإن هدفي من المقال والمرتبط بسلسلة من الانشطة في مجالات اخري تتعلق بالاقليم مع جيل شاب يتطلع لفجر جديد لفت الانظار للغائب عن علم الكثيرين، وقبل ذلك وبعده توفير المعلومات وتوجيه انظار الباحثين في الملف نحو الوجهة الصحيحة، واستهدف بذلك وبشكل اساسي المجتمع المدني والإعلام داخل السودان وخارجه.
وكل أملي أن يجد المنسيين علي هامش التاريخ هناك في جلهنتي وتلكوك وقوز رجب وكل ارياف وحواضر الشرق حظهم في الحياة والعيش الكريم، وأن يرد إليهم إعتبارهم كجزء من هذا الوطن الذي قدموا له كل ما يملكون ولايريد حكامه لهم حتي مجرد (أن يتركوهم يعيشوا بسلام).
والمقال مقسم لتسعة نقاط مسبوقة بتمهيد وهي :
1 حالة الاستقرار ومهدداتها
2 تنفيذ اتفاق السلام
3 حقوق الانسان
4 القوي الرئيسية الفاعلة في الاقليم وتاثيراتها
5 النظام القبلي والعشائري
6 الاحتلال المصري والاثيوبي لحلايب والفشقه
7 قضية شرق السودان في سياق ازمات السودان الاخري
8 علاقات الجوار الاريتري
9 مقترحات لادوار المجتمع المدني المحلي والعالمي في معالجة أزمات الاقليم
تمهيد :
يضم شرق السودان ثلاثة ولايات من اصل 17 ولاية سودانية، وهي البحر الاحمر، كسلا، والقضارف.
تمتد الولايات الثلاثة علي مساحة تقدر بحوالي 326.703 كلم مربع (تساوي مساحة دول ايرلندا، الدنمارك، هولندا، سويسرا، بلجيكا، قطر، لبنان، اسرائيل، رواندا، الكويت، جامايكا، فلسطين) وتشكل قرابة ال 18 % من المساحة الكلية للسودان 1.882.000 كلم مربع تبدأ من حلايب وقرورة شمالاً وتنتهي بالخياري في ولاية القضارف.
ويجاور الاقليم ثلاثة دول وهي مصر، ارتريا، اثيوبيا. كما يقع كل الساحل السوداني المطل علي البحر الاحمر والمقدر طوله ب 820 كلم ضمن حدود الاقليم، وبالتالي فإن كل منافذ الدولة السودانية البحرية تقع ضمنه، وهو ساحل ذو أهمية بالغة لقربه من مضيق باب المندب وإطلالته علي عدد من الموانيء الخليجية البترولية.
ويقدر عدد سكان الشرق بحوالي ستة ملايين نسمة (مع الإشارة الي أن الاحصاء السكاني الاخير ابريل 2008 صاحبته الكثير من الاخطاء ويشكك الكثيرون بالشرق وعموم السودان في نتيجته) .
ومن الناحية التاريخية فإن سكان المنطقة وملكية الارض تعود لقبائل البجا التي يختلف المؤرخون حول اصولها، إلا أن الرأي الراجح أنهم خليط من الاقوام الحامية والسامية، وتأثروا بالدماء الوافدة اليهم من شرق ووسط افريقيا والهند والجزيرة العربية، بجانب احتكاكهم الكبير وعلاقتهم الوطيده بجيرانهم شعبي النوبة واكسوم.
وتنقسم هذه المجموعة الآن لعدد من القبائل (اشهرها البشاريين، الامرار، البني عامر، الهدندوة، الحباب، الحلنقه) تتحدث لغتي البداويت والتقري.
كما أن هناك مجموعات اخري ذات تاريخ طويل وممتد ايضاً، منها مجموعات افريقية نيلية، والقبائل ذات الاصول العربية مثل الشكرية والرشايدة واللحويين والضباينه، والمجموعات ذات الاصول الشماليه التي بدأ توافدها للاقليم منذ منتصف القرن التاسع عشر مع نشؤ الطريقة الختميه والدوله التركيه، وقبائل الهوسا والفلاته، بجانب المجموعة النوبية التي تم تهجيرها من اراضيها في حلفا باقصي شمال السودان في العام 1964 واختيرت لها منطقة في اقليم البطانة أطلق عليها مسمي حلفا الجديده.
ومنذ منتصف ستينيات القرن الماضي، ومع حالة الجفاف ونقصان الموارد التي شهدها السودان والمشاريع الزراعية والصناعية التي تم إنشاءها في الشرق، تدفقت علي الاقليم هجرات بشرية كبيرة، بحيث ان نسبة السكان من غير البجا باتت تشكل ما يقارب النصف، يسيطرون علي مفاصل النشاط الاقتصادي، وهو ما يؤدي لحالة احتقان وسط البجا الفقراء الذين يعتقدون ان هناك خططاً وسياسات منظمة تعتمدها الدولة المركزية ضدهم ادت لإفقارهم رغم كون إقليمهم هو الاغني والاكثر ثروة وعائداً للدولة.
1 حالة الاستقرار في الشرق :
لعقود طويلة ظل شرق السودان نموذجاً للاستقرار ومنطقة جذب للسكان من داخل السودان وخارجه، ولم يشهد اي احداث او عوامل تهدد السلام والإستقرار الإجتماعي، سوي بعض الحوادث المتفرقة الناتجة من الصراع الإرتري الإثيوبي؛ وخلافات الفصائل الارترية.
ومن ابرز المؤشرات علي حالة السلم والإستقرار التي كانت سائدة في الشرق النمو والتوسع القياسي في حواضره؛ بحيث تشير بعض الدراسات الي ان مدن القضارف، كسلا، وبورتسودان تعتبر الاكثر نمواً في السودان وجذبا للسكان من مختلف الاقاليم، ومن خارج السودان.
مع ملاحظة ان حالة النمو والتوسع هذه في مدن وحواضر الشرق لا تلغي حالة الغياب شبه الكامل للدولة ومؤسساتها المدنية عن تنمية الارياف (التي تقطنها الغالبية المنحدرة من قومية البجا وتعاني من تناقص مستمر في سكانها).
ومع أن الشرق مر بعد الاستقلال بعدد من التحديات مثل إمتدادات الصراع الارتري الاثيوبي لداخله كما اسلفنا، وجفاف ومجاعة العام 84، إلا أن الصراع الدموي الذي دار بين قوات التجمع الوطني ونظام الانقاذ في منتصف التسعينيات يعتبر نقطة تحول رئيسية فيما يتعلق بحالة الاستقرار في الشرق، حيث دارت الحرب علي مساحة تجاوزت الخمسمائة كلم علي طول الشريط الحدودي مع اثيوبيا وارتريا، وادت لنزوح اعداد كبيرة من الاهالي من مناطقهم، ولاضرار اقتصادية واجتماعية بالغة.
وعقب اتفاقيات نيفاشا والقاهرة واسمرا ( 2005، 2006) توقفت الحرب تماما في الاقليم، وسادت حالة من الهدوء في المنطقة.
وبينما يعتبر ايقاف الحرب في الاقليم لدي الكثيرين الانجاز الوحيد الملموس لاتفاق سلام الشرق، فإن هذا الإنجاز الان معرض لتهديد حقيقي بسبب فشله في تحقيق هذه الغاية.
ومن ابرز التحديات الآن للاستقرار بالاقليم :
1 تصاعد معدلات الفقر المدقع؛ والذي يصل لحد المجاعة في بعض المناطق، ليشكل بذلك تربةً خصبه للداعين لتمرد جديد في الاقليم
2 الغياب السياسي والثقافي الفاعل لاهل الشرق عن مراكز إتخاذ القرار في المركز والاقليم، الامر الذي يخلق حالة احتقان ومرارات كبيرة وسط المثقفين والقيادات
3 إنتشار معدلات البطالة العالية وسط الشباب والخريجيين
4 عدم معالجة ملفات انتهاكات حقوق الإنسان وآثار الحرب للمناطق الحدودية (95 / 2005)، واحداث 29 يناير 2005 ببورتسودان (التي راح ضحيتها 28 شخصا).
5 تجارة الاسلحة المتجهة للفلسطينيين، والوافدة من دول اخري وتتخذ من اراضي الشرق ممرات ومعابر، وتم خلال الاعوام الثلاثة الماضية توجيه عدد من الضربات الجوية لها من جهات مجهولة. الامر الذي يسلط الاضواء علي المنطقة باعتبارها حاضناً وممراً للارهاب، ومايترتب علي ذلك من نظرة امنية بحتة للمنطقة .
6 تصاعد تجارة البشر، والتجارة بالاعضاء البشرية، والإختطافات التي سجلت تصاعدا وارقاما قياسية خلال الاشهر القليلة الماضية، واصبح بعض سكان شرق السودان ضحايا لها، بعد ان كانت في بدايتها تقتصر علي الارتريين الموجودين بالسودان.
وبينما اعترفت الحكومة السودانية رسميا بوجود الظاهرة، واصدرت ولاية كسلا تشريعا لمناهضتها، إلا أن الظاهرة في زيادة مستمرة، وليس من المستبعد أن تؤدي لحرب في الشرق بالنظر للنظام القبلي السائد في الاقليم (والارياف تحديدا)، وإنتماء معظم مجموعات الخاطفين لقبيلة واحدة.
ويرتبط هذا الملف ارتباطا مباشرا بالانتشار الكثيف للسلاح وإمكانات الحركة المتوفرة في منطقة قبيلة الرشايدة غرب كسلا.
7 وجود المسلحين في مثلث الفشقة ومنطقة حمداييت الاستراتيجية (وهي اراضي سودانيه تربط بين اثيوبيا وارتريا والسودان) التي تعتبر مسرحا اضافيا للصراع الارتري الاثيوبي. ويرتبط بهذا الملف ايضا ظاهرة الشفته الاثيوبيين الذين يقومون بنهب الرعاة السودانيين ابقارهم.
وقبل ايام نقلت وسائل الاعلام اخباراً عن مقتل خمسة مواطنين وإصابة عدد آخر ونهب اعداد كبيرة من الماشيه (صحف 12 ابريل 2012)، كما تعرض موكب والي القضارف السابق كرم الله عباس الشيخ لإطلاق نيران كثيفة بواسطة هذه العصابات (8 ابريل 2012). وتتكرر هذه الحوادث بإستمرار ولايتم عكسها علي المستوي الإعلامي إلا في حالات نادره ترتبط غالباً بالتوتر في العلاقات بين السودان واثيوبيا.
8 الانتهاكات التي تقوم بها شرطة مكافحة التهريب في عدد من المناطق ابرزها ريفي كسلا وادت لمقتل الكثيرين؛ وحدوث احتكاكات بين الشرطة والاهالي في مرات عديدة علي تلك الخلفية.
9 الإحتلال المصري لمثلث حلايب شمالاً، وإستمرار الاحتلال والتوغل الاثيوبي المستمر للاراضي الزراعية بولايتي القضارف وسنار، وطرد سكانها الاصليين
10 التهجير المتوقع خلال الاشهر القادمة لسكان منطقة ودالحليو بسبب إنشاء سد سيتيت، ورفض الاهالي لمغادرة المنطقة في ظل عدم وجود تعويض مناسب والمؤشرات حول بداية توزيع الاراضي الزراعية لوافدين ومستثمرين
11 المليشيات القبليه المسلحه بواسطة الحكومة في عدد من المناطق أبرزها همشكوريب، ريفي كسلا، القاش وبعض ارياف القضارف. حيث تقوم هذه المليشيات بإرهاب الاهالي المخالفين لتوجهاتها، ويتخوف أن تكون سبباً في زيادة التوترات بين القبائل في اوقات النزاعات الاهلية
2 تنفيذ اتفاق سلام الشرق :
تم توقيع اتفاق سلام الشرق بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم وجبهة الشرق التي كانت تحمل السلاح بوساطة دولة ارتريا وفي عاصمتها اسمرا في 14 اكتوبر 2006، ليضع حدا لعشر سنوات من الصراع في الاقليم.
وعلي نسق اتفاقية نيفاشا، يتكون اتفاق الشرق من ثلاث بروتكولات وهي السلطة، الثروة، والترتيبات الامنية.
وبينما تم تنفيذ الشق المتعلق بمنح الجبهة 60 منصبا في المستويين التنفيذي والتشريعي، وإنشاء صندوق تنمية واعمار الشرق، ودمج عدد من منسوبي الجبهة في المؤسسات العسكرية والامنية، لم تجد الكثير من البنود الجوهرية الاخري طريقها للنور، كما لم يتم تنفيذ الكثير من البنود والمقررات نصاً.
ومن أبرز البنود الجوهرية التي لم يتم تنفيذها مطلقاً :
1 المؤتمر التشاوري لشرق السودان (الفصل الرابع من الاتفاقية) الذي كان مقررا عقده بعد ثلاثين يوما من توقيع الاتفاق
2 مجلس تنسيق الولايات الشرقية (م 5 الفصل الاول) : ويضم 15 عضوا ثلاثة منهم اعضاء من جبهة الشرق، وولاة الولايات الشرقية الثلاثة، ورؤساء المجالس التشريعية، وممثلين عن الاحزاب السياسية والمجتمع المدني.
وكان مؤملا ان يكون المجلس مقدمةً ونواة لوحدة الاقليم (يعارض المؤتمر الوطني بشدة توحيد الاقليم كما كان قبل العام 89).
3 المؤتمر القومي لمراجعة الهيكل الاداري للدولة (م 5 الفصل الاول) :
وهو من المكاسب القومية النادرة لاتفاقية الشرق التي كان سيستفيد منها عموم السودانيين، وكان الهدف منه مراجعة الهيكل الاداري للدولة
4 تمثيل ابناء الشرق في المفوضيات والخدمة المدنية (م 10 و 11 الفصل الاول) :
حيث ورد في الاتفاقية نصوص مطولة عن مشاركة واسعة لابناء الشرق ومنسوبي الجبهة في مناصب مثل وكلاء الوزارات والسفراء واعضاء ورؤساء المجالس والمحكمة الدستورية والمحكمة القومية العليا وغيرها من المحاكم القومية الاخري وفي عضوية المجالس المحلية، كما لم يتم انشاء فريق الخبراء الذي كان مقررا له ان يرفع تقريره في فترة اقصاها 14 ابريل 2007 لمعالجة الخلل في تمثيل ابناء الشرق بالخدمة القومية المدنية
5 صندوق بناء وتنمية اعمار الشرق : بنهاية هذا العام تكون الفترة المحددة لاكمال الصندوق لمشاريعه وهي خمس سنوات قد انقضت (2006 / 2011).
ووفقاً للاتفاق فقد كان من المقرر ان يتم دفع مبلغ 600 مليون دولار من خزينة الحكومة غير ان مادفع فعليا وباعتراف الحكومة لايتجاوز 125 مليون دولار (فيما صرح قادة جبهة الشرق ان المبلغ في حدود 75 مليون دولار)، كما وجهت انتقادات حادة للصندوق في اولويات مشاريعه وتوزيعها الجغرافي.
6 الترتيبات الامنية : يقدر عدد المنتسبين لجبهة الشرق من حاملي السلاح بحوالي 3 الاف مقاتل، لاتتجاوز نسبة من تم استيعابهم منهم 500 مقاتل في المؤسسات العسكرية والمدنية، وفيما يتعلق بهذه الفئة فقد صاحب تنفيذ الإتفاقية عدد من الاخطاء يتحملها طرفيه منها إستبعاد عدد من الكفاءات، وغياب العدالة في توزيع الرتب العسكرية، بجانب توزيع بعض الجنود والضباط في مناطق خارج الولايات الشرقية وهي مخالفة واضحة للإتفاقية التي نصت علي دمج المقاتلين بوحدات القوات المسلحه العامله في شرق السودان، علي أن لاينقلوا من الشرق قبل مدة لاتقل عن الخمس سنوات.
ويقدر عدد المسرحين الذين لم يتم توفيق اوضاعهم بحوالي الالفي مقاتل، ينتشرون في كافة مدن وقري الشرق.
وتؤكد كل المؤشرات ان جزاءً مقدراً منهم يمكن ان يكون رصيداً لاي اعمال عنف اوعودة محتملة لحالة الحرب بسبب حالة الاحباط التي يعيشونها، وقبل اكثر من 5 اشهر صدر قرار من نائب الرئيس علي عثمان محمد طه بتشكيل لجنة لمعالجة الملف وتوفيق اوضاع المسرحين بعد شعور الحكومة بالخطر، إلا ان اللجنة لم تدخل حتي الآن في اي خطوات جدية لحل المشكلة ولم يصدر عنها اي اعلان لبرامجها.
7 تضمين الإتفاقية في الدستور القومي وتسجيلها لدي الامم المتحده : نصت الإتفاقية في فصلها السادس (م 35) بشكل واضح علي تضمين الإتفاقية في الدستور القومي لتكتسب الشرعية القانونية والدستورية، وهو مالم يحدث. كما نصت ايضا في نفس الفصل علي تسجيل الاتفاقية لدي الامين العام للامم المتحده بواسطة دولة ارتريا ولم يتم القيام بالخطوةِ أيضاً.
وبعيدا عن جدلية تنفيذ الاتفاق من عدمه وماحققه، يعتقد مراقبون ان هناك نقطة رئيسية في غاية الاهمية يحاول طرفا الاتفاق الالتفاف عليها وهي المدة الزمنية للاتفاقية التي تنتهي بقيام الانتخابات السابقة في ابريل 2010 (عدا الشق المتعلق بصندوق الاعمار).
حيث يري هولاء المراقبون ان نصوص الاتفاق واضحة في هذه النقطة، وتنص علي إنتهاء اجل الاتفاقية بقيام الانتخابات في ابريل 2010، وكان من المفترض قانونا بعد ظهور الانتخابات الجلوس بين الطرفين مجدداً وتقييم ما تم تنفيذه وما لم يتم، ومن ثم يتم الوصول لصيغة جديدة او فض الشراكة نهائيا، الامر الذي لم يحدث حتي الآن، وكل ماجري هو تفاوضات ادت لاعادة تعيين بعض قيادات جبهة الشرق في مناصب تنفيذية من حصة المؤتمر الوطني (يمكن للرئيس والولاة الآن اقالة كل منسوبي الجبهة في السلطة دستورياً لانهم لم يأتوا عن طريق الانتخابات وتم تعيينهم من حصة حزب المؤتمر الوطني).
والهدف من هذا الالتفاف بحسب هذه الرؤية هو الهروب من تقييم درجة تنفيذ الاتفاقية، وما يمكن ان يجره هذا التقييم من فتح لباب جديد ليس من مصلحة المؤتمر الوطني الطرف الاول في الاتفاق والذي يريد استمرار هذا الوضع واغلاق الباب امام المجموعات والاصوات المتشددة من ابناء الشرق، واما الطرف الثاني وهو قيادات جبهة الشرق التي تبعثرت لعدد من الاحزاب والمجموعات فإن اي مراجعة اوتغيير لهذا الوضع قد تكون واحدة من نتائجه فقدانها لمناصبها.
3 حقوق الانسان في الشرق :
فيما يتعلق بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية لاهل الشرق كما تعرفها العهود الدولية، يمكن أن نقول ان الاقليم بشكل عام؛ وأريافه بشكل خاص تعتبر الاسوأ علي الإطلاق بالمقارنة بباقي مناطق السودان، وتوثق تقارير التنمية الصادرة من المنظمات الدولية والمحلية؛ وحتي الحكومية ذلك بالتفصيل.
ويسجل الاقليم حالات إصابة مرتفعة جدا بمرض الدرن وحالات وفيات الامهات أثناء الولادة، كما تسجل الارياف تناقصاً حاداً في أعداد المواليد وحالات وفيات عاليه، وتشير عدد من الدراسات إلي أن سكان الارياف في البحر الاحمر تحديداً تقل أعدادهم بإستمرار.
اما فيما يتعلق بالحقوق المدنية والسياسية فيسجل الاقليم مخالفات وانتهاكات كبيرة لهذه الحقوق تعتبر الدولة مصدرها الاول.
وبينما يتم الكشف عن جزء من هذه الانتهاكات فإن الجزء الاكبر لا يخرج للرأي العام بسبب الحصار الذي تفرضه الدولة علي مناطق واسعة ومنع اجهزة الاعلام من العمل فيها، وضعف الوعي الحقوقي لدي الاهالي وخوفهم من السلطات.
ورغم توقيع إتفاق سلام الشرق في اكتوبر 2006 والإعلان رسمياً عن رفع حالة الطوارئ عن كل مناطق الشرق، إلا ان معظم المناطق الحدودية في الشرق مع دولتي ارتريا واثيوبيا بجانب مناطق ريفية وحضرية اخري تعتبر مناطق تطبق فيها حالة الطوارئ بشكل كامل اوجزئي.
وتبرز منطقة جنوب طوكر الواقعة جنوب ولاية البحر الاحمر كنموذج اكثر وضوحاً لهذا الوضع، حيث يتحرك الاهالي بتصاريح امنية وتفرض قيود علي حركتهم، وتمنع المنظمات والاجهزة الاعلامية من تقديم المساعدات الانسانية وتغطية مايجري هناك في الكثير من الاحيان.
وفي ظل هذا الوضع والتعتيم الاعلامي، تؤكد شواهد كثيرة ان انتهاكات حقوق الانسان في المنطقة التي بدأت مع فترة الحرب منتصف التسعينيات متواصلة، عبر الاعتقالات، وتقييد حرية الحركة، ومنع وصول المساعدات للمنطقة التي تعيش حالة وصفها بعض من زاروها بالمجاعة.
ومن حين لآخر يشهد الشرق حوادث تدلل علي ان السلطات تتعامل مع الاقليم بالذهنية الامنية الصرفة، فخلال الاشهر الماضية علي سبيل المثال اطلقت الشرطة النار في وسط مدينة القضارف علي عدد من الرعاة (سبتمبر 2011) رفضوا تنفيذ امر محلي بترحيلهم فقتلت اثنين منهم وجرحت آخرين، وفي منطقة ابورخم بولاية القضارف تسببت الشرطة في وفاة 6 فتيات غرقاً بعد مطاردتهن نتيجة لقطعهن لاشجار موجودة بالمنطقة تمنع القوانين الحكومية بالمنطقة استغلالها (اكتوبر 2011).
وفي ولاية كسلا تتوالي حوادث إطلاق النار علي من تصفهم السلطات بالمهربين، ويسقط نتيجة لذلك باستمرار ضحايا آخرهم طفل في الثالثة عشر من عمره (ووفقا لمصدر رسمي يرفض ذكر إسمه فقد قتل خلال السنين الماضية حوالي 61 شخصا برصاص الشرطة). وتؤدي هذه الحوادث لحالة احتقان عالية وسط الاهالي الذين يرون ان السلطات تهدف لخنقهم اقتصاديا عبر إغلاق التجارة الحدودية التي تعتبر مصدر دخل رئيسي للمنطقة منذ سنين طويلة؛ وسبب في استقرار الاسعار، وتوفر السلع.
كما تمنع السلطات التجمعات السلمية وتفرض حظراً علي التظاهرات، وخلال الاشهر الماضية إعتقلت عدداً كبيراً من الناشطين وفرقت تظاهرات قام بها ناشطون في مدينتي بورتسودان، وكسلا.
ففي مطلع فبراير من هذا العام ببورتسودان إعتقلت السلطات 15 ناشطاً وناشطة كانوا يطالبون بنشر نتائج التحقيق حول احداث (29 يناير 2005) وفتحت بلاغات في مواجهة بعضهم وصلت بعض موادها لحد الإعدام، لتتراجع عن ذلك فيما بعد تحت الضغط الشعبي من الاهالي الغاضبين وتحول الإتهام لمواد اقل عقوبةً.
وفي كسلا استخدمت السلطات العنف المفرط ضد شباب وطلاب تظاهروا مرات عديده (اكتوبر 2011) رافضين الفقر والبطالة المنتشرة في مناطقهم؛ فيما كان بعضهم ينادي برحيل النظام، مما ادي لإصابة عدد كبير منهم بجراح وإغلاق الجامعة.
4 القوي الرئيسية الفاعلة في الاقليم وتاثيراتها :
تاريخيا كانت القوي الفاعلة والمؤثرة في الاقليم هي القبيلة، وفيما بعد سيطرت الطريقة الختمية والحزب الاتحادي .
ونتيجة لعدم ملامسته للاسباب الحقيقية لمشكلة الشرق ظل الحزب الاتحادي يفقد مؤيديه في الاقليم بإستمرار، ويرتبط وجوده الآن بالطائفة الختمية التي تفقد الكثير من مؤيديها هي الاخري بمرور الزمن بسبب ارتفاع معدلات التعليم والهجرة للمدن.
وفي العام 1958 ولد مؤتمر البجا كتيار مضاد للطائفة الختمية، ولكنه لم يستمر طويلا، وظل يسجل غيابا مستمراً عن الساحة السياسية. ومنذ العام 2003 اجتذب التنظيم مؤيدين كثر، ووصل الحزب قمة قوته بعد احداث بورتسودان 2005 وعقب توقيع اتفاقية السلام عبر جبهة الشرق التي اسهم في تأسيسها. غير أن ضعف الناتج من الاتفاقية، والانقسامات التي عاني منها اضعفته ولايتمتع الحزب الآن بتأثير علي اهالي الاقليم (المقصود الجناح الذي يقوده مساعد الرئيس البشير موسي محمد احمد، حيث توجد مجموعات اخري اقل تأثيراً تحمل نفس الاسم).
اما حزب المؤتمر الوطني كحاله في باقي الاقاليم، فيعتمد علي جهاز الدولة ومن الصعب تخيل حتي مجرد وجوده بدونها، ويتميز الحزب في الشرق بخلافات وصراعات حادة تصل في الكثير من الاحيان لدرجة الإنقسامات.
وتعاني الاحزاب الثلاثة وتوابعها هناك احزاب متفرعة او ذات صلة بها من حالة ضعف وشلل، وكل المعطيات علي الارض تشير إلي أنها بعيدة عن حياة مواطني الاقليم اليومية، ولا تتمتع بشعبية حقيقية الآن.
ورغم عمرها المحدود وفشلها منذ مراحل تكوينها الاولي، إلا أن جبهة شرق السودان التي عقد مؤتمرها الاول والاخير في 27 مارس 2005 أحدثت تغييراً وحراكاً تتصاعد جذوته مع مرور الوقت.
فقد ضمت الجبهة لاول مرةٍ وباعداد وتمثيل مقدر سكان الشرق من غير ابناء القومية البجاوية، حيث ظلت الاخيرة المعبر والصوت الاعلي في كل مايتعلق بقضايا الشرق.
ويشكل السودانيين من غير ذوي الاصول البجاوية بالشرق نسبةً مقدرة ليس علي مستوي الكم فقط ولكن علي مستوي النوع أيضاً، وظلوا طوال الحقب الماضيه بعيدين عن المشاركة الفاعلة في النشاط السياسي المباشر الذي ينادي بقضايا الشرق المطلبية، رغم حراكهم الكبير في المقابل علي المستوي القومي.
لقد حانت اللحظة التي يجب ان يشترك فيها هذا الكم والنوع بفعالية في طرح قضايا الإقليم والدفاع عنها، بإعتبار إرتباط حياتهم به، ووجود الكثيرين منهم لمئات وعشرات السنين في الشرق وتحولهم بالتالي لجزءٍ منه.
ومن المتوقع أن يواجه الامر صعوبات أثبتتها تجربة جبهة الشرق الاخيرة، ولكن علي الناشطين من ابناءِ البجا وفعالياتهم المختلفه النظر بعمقٍ اكبر للتغيرات الجوهرية الماثلة في إقليمهم والتعامل معها بعقلانية، فذوي الاصول الدارفورية لوحدها في الشرق يتجاوز عددهم المليون نسمه بجانب اعدادٍ ضخمه من القبائل العربية والشماليين والهوسا والنوبه والنوبيين وغيرهم، وغياب المشاركة السياسية الفاعله لهذه المجموعات سيؤدي لإرتباط هذه المجموعات بالمستوي القومي وبمناطقها الام فقط ويقطع الطريق بالتالي علي الساعين لجعل الشرق حاضراً في طاولة النقاش والتفاوض القومي أسوةً باقاليم السودان الاخري.
وفي المقابل يقع علي عاتقِ أبناءِ الإقليم الآخرين مهمة تبني قضايا الشرق الذي هم جزءٌ أصيل منه، والسعي للوصول لحلول لها في إطار وحدة الإقليم.
ووحدة الإقليم الشرقي ووجوده علي طاولة المفاوضات أمرٌ غاية في الاهمية، لاسبابٍ عديدة أبرزها المظالم التاريخية لاهله وإستمرار حالة التهميش والتدهور، وغياب النظرة القومية للمركز الحاكم وإفتقاده لاي رؤي لحل الازمة.
وفي ظل حالة الإستقطاب السياسي الحاده التي يعيشها السودان في هذه المرحلة التاريخيه، تبدو أفق الحل والمخارج محدودة. ومن أبرز سيناريوهات الحل تسويةٌ أخري شبيهة بنيفاشا او بماجري في جنوب افريقيا، وفي هذه الحالة ستجلس أطرافٌ عديده يتوقع أن تعبر جميعها ضمناً او صراحةً عن اقاليم السودان المختلفة وهنا لابد حسب تطلعات الكثيرين من أبنائه أن يكون الشرق حاضراً بذات نفسه دون أن يكون في عباءة الآخر الذي فشل لعقود في حل الازمة، ومن اهم شروط ذلك بالطبع وحدة اهالي الاقليم واهدافهم القائمة علي المصلحة المشتركة، وربما حتي الإشتراك في العادات والتقاليد والثقافات (خصوصاً إذا وضعنا في الإعتبار الاجيال الجديدة من سكان المدن التي زالت الكثير من الفوارق بينها).
وفي السنين والاشهر القليلة الماضية بدأت تتشكل مجموعات وقوي في انحاء متفرقة من الاقليم يشكل الشباب والخريجون والطلاب قاعدتها الاساسية. ويجمع بين هذه المجموعات بشكل رئيسي مايعتبرونه تهميشاً ومظالم متعمدة من المركز للشرق، وتشكل معدلات البطالة العالية والدخل المنخفض وسط خريجي وشباب الشرق وقوداً ودفعةً لها.
وفي حال زادت درجات التنسيق بين هذه المجموعات، فليس من المستبعد ان يشهد الشرق ميلاد جسم جديد معارض للحكومة المركزية قد ينتهج اسلوبا عنيفاً في معارضته، وبسقف مطالب أعلي من تلك التي رفعتها جبهة الشرق.
وبما أنه من الراجح أن المستقبل سيكون لمجموعات الشباب الصاعد والرافض للاوضاع الحالية في الشرق وعموم السودان بالنظر للنمو السريع لهذه الفئة، فهي تحتاج للإستفادة من تجارب الشرق السابقة، والتجارب الشبابية والثورية في عموم السودان والاقليم.
وعلي كل القوي الفاعلة في الهامش والمركز الإسراع بالجلوس مع هذه المجموعات وإدارة حوارات معها بهدف تعزيز المفهوم الديمقراطي وسطها، وإقناعها بجدوي الدعوة لسودان موحد يستوعب ابنائه بمختلف منابتهم وافكارهم.
5 النظام القبلي والعشائري :
للنظام والتقسيمات القبلية في الشرق جذورها التاريخية، التي رسختها فيما بعد دولتي الاستعمارين التركي والانجليزي، واعتمد العهدين علي نظار وشيوخ القبائل في الإدارة.
ومنذ مطلع القرن الماضي تم تثبيت نظام الإدارة الاهلية القائم علي تقسيم القبائل لنظارات وعموديات، حيث تم تسمية خمسة قبائل كنظارات إعتماداً علي ملكية الارض وهي (البشاريين، الامرار، الهدندوة، البني عامر، الحلنقة اضيفت إليهم فيما بعد نظارة الحباب) بجانب عدد من العموديات منها الارتيقا، الكميلاب، الاشراف، الملهيتكناب.
وقد حافظ النظام القبلي وقياداته علي السلم في الاقليم لقرون عديدة، وارسي تقاليد ونظم راسخة ساهمت في تثبيت الامن الاجتماعي قبل ان تمتد إليه يد الحكومات ذات الاجندة المختلفة عن مصالح الاهالي.
وتعتمد السلطة الآن بشكل رئيسي علي دعم النظار والشيوخ لها، وتقدم لهم الكثير من المنح والهبات، وتقوم بالتدخل المباشر في اعمالهم وحتي تعيينهم وعزلهم احيانا لضمان ولائهم.
ورغم سطوتها التاريخية وقوة نفوذها الا ان ارتفاع معدلات التعليم، والهجرة المتصاعدة من الريف للحضر يقلل باستمرار من فاعليتها. وفي ظل وقوف معظم قياداتها مع السلطة تفقد هذه الادارات هيبتها وتتناقص شعبيتها يوماً بعد يوم، وعملياً خرجت الآن الكثير من الشرائح المتعلمة والشبابية من عباءتها.
غير ان اخطر مايتعلق بهذا الملف استخدام السلطة له كسلاح لتفتيت اهل الشرق عبر ضرب القبائل ببعضها، ودعمها ضد بعضها، وهو النموذج الذي تم تطبيقه في دارفور بنجاح.
ورغم الفارق الكبير بين دارفور والشرق، ووجود درجة إنسجام أعلي بين قبائل الشرق بالمقارنة مع دارفور، إلا أن معدلات الفقر العالية، وحالة الإستياء العامة وسط الاهالي يمكن ان تكون عوناً لاي مخطط لإشعال حروب قبلية محدودة او واسعة النطاق في الإقليم.
ليس من مصلحة السلطة في هذا التوقيت نشوب توترات كبيرة بين مكونات الشرق إلا ان الكثيرون يرون انها ترعي بسياسات منظمة عوامل الفرقة والنزاعات بين القبائل، عبر تسليح جزءٍ منها، والتمييز بينها في السلطة والثروة، وإنشاء كيانات قبلية جديدة لاتعبر عن واقع حقيقي علي الارض.
وتشكل هذه العوامل خطراً حقيقياً في المستقبل إذا لم يتم تداركها سريعاً علي استقرار الاقليم، كما ستساهم في إعاقة إمكانية نجاح اي مجموعة تسعي للتغيير.
ويتنبأ بعض المتابعين للاوضاع في الإقليم، أن إغراق الشرق في الفوضي والحرب الاهلية سيكون واحداً من السناريوهات والكروت التي تعد لها السلطة في حالة فقدانها للسيطرة مستقبلاً.
6 الإحتلال الاثيوبي والمصري للفشقة وحلايب :
تبلغ المساحة الكلية لمنطقة الفشقة الصغري حوالي مليون و 500 الف فدان تعتبر من اخصب الاراضي الزراعية. وقد إستولي المزارعون الاثيوبيين المسلحين علي معظم هذه الاراضي وطردوا المزارعين السودانيين منها منذ منتصف التسعينيات. وتقدر المساحة الحالية التي يستغلها المزارعين الاثيوبيين بحوالي 500 الف فدان.
وعلي العكس من حلايب لاتعلن الحكومة الاثيوبية ملكية منطقة الفشقة ولاتدعي أنها منطقة نزاع حدودي وتعترف بملكيتها للسودان.
من جهتها، تعترف الحكومة السودانية رسمياً بوجود المشكلة، غير أنها لاتقوم بخطوات جدية لإعادة هذه الاراضي ولوقف التوغل الاثيوبي المستمر داخل الاراضي السودانية، وتعلن دائماً أنها تعتمد مبدأ الحوار كوسيلة لحل المشكلة.
اما مثلث حلايب الواقع علي الحدود مع مصر فتبلغ مساحته حوالي
580 .20 كم 2 تقع علي البحر الاحمر، وتوجد بها ثلاث مناطق
وهي حلايب، ابورماد، شلاتين والاخيرة اكبرها. ويبلغ عدد سكانها حوالي 100 الف نسمة معظمهم من قومية البجا.
وطوال العهد الإنجليزي ظلت حلايب تتبع للسودان، وبدأ النزاع حولها في 18 فبراير 1958 عندما قام الرئيس المصري آنذاك جمال عبدالناصر بارسال قوات إحتلتها، وقام بسحبها بعد أيام قليلة نتيجة للرد السوداني الغاضب.
ظهر النزاع الى السطح مرة اخرى في عام 1992 عندما اعترضت مصر على اعطاء حكومة السودان حقوق التنقيب عن البترول في المياه المقابلة لمثلث حلايب لشركة كندية، فقامت الشركة بالانسحاب حتى يتم الفصل في مسألة السيادة على المنطقة.
وسحب البلدان قواتهما من المنطقة في التسعينات، وتمارس مصر سيادتها على المنطقة وتديرها وتستثمر فيها منذ ذلك الوقت، وفي العام 2000 قام السودان بسحب قواته من حلايب، وقامت القوات المصرية بفرض سيطرتها على المنطقة منذ ذلك الحين.
والملاحظة الابرز حول الملف هي الصمت والسياسة الناعمة التي تعالج بها الحكومة السودانية الاحتلال المصري لحلايب، فيما يفسره الكثيرون تؤاطواً يرتبط بكروت ضغط قوية يمتلكها المصريون ضد قيادات في الدولة. وتعمد السلطة من حينٍ لآخر لتحريك الملف عبر حزب مؤتمر البجا ككرت ضغط ضد مصر.
ويشير من زاروا تلك المناطق في السنين الاخيرة للتغيرات الكبيرة التي تجريها السلطات المصرية علي هوية ومعالم المنطقة، ومشاريع البنية التحتية التي يتم تنفيذها والخدمات الكبيرة التي تقدم للسكان الذين تم منحهم الجنسيات المصرية، بما ينبئ أن السلطات المصرية غايةً في الجدية في زعمها ان حلايب مصرية ولانية لها مطلقاً في تسوية الملف.
وتسودُّ حالة من الاحتقان سكان منطقتي حلايب والفشقة وعموم اهل الشرق، ويري الكثيرين منهم أن للامر علاقة بنظرة المركز للهامش والمرتبطة باللامبالاة والسلبية تجاهه، وان الماسكين بزمام السلطة في الخرطوم تغيب لديهم النظرة الكلية للسودان كوحدة واحدة وليس لديهم مانع بالتضحية بكل شئ ماداموا علي ظهر السلطة.
7 قضية شرق السودان في سياق ازمات السودان الاخري :
رغم خصوصيتها الجغرافية والاجتماعية إلا أن قضية شرق السودان لاتختلف في جوهرها عن الازمة السودانية، وقضايا المناطق المهمشة الاخري.
وهي ازمة تتعلق بغياب اهالي الاقليم قوميا وولائيا عن مؤسسات السلطة والتشريع والثروة، وتغييب ثقافات الإقليم ومحاولة دمجه والحاقه إجتماعيا وثقافيا بالمركز ذي الاتجاهات العروبية الاسلامية الآحادية، بجانب حالة الفقر المدقع والامية والامراض التي يعاني منها.
وحل ازمة الشرق برأي الكثير من ابنائه لن يتحقق من دون احداث تغيير حقيقي في المركز بحيث يمثل هذا المركز كل مكونات السودان ويعترف بها رسمياً وعملياً.
وفصل قضية الشرق ومشكلته عن مشاكل السودان الاخري لن يؤدي لحل، بل والراجح انه سيقود لتعقيدات اكبر، واي حديث عن إجراء اصلاحات وتنمية في الشرق من دون الوصول لحل لعموم الازمة السودانية يعتبر ضرباً من احاديث الإستهلاك الاعلامي التي يمتلك السياسيون السودانيون رصيداً ضخماً منها (تثبت تجربة جبهة الشرق الاخيرة والاتفاقية التي وقعتها ان الحلول الجزئية غير مجدية).
ومع ان بعض الاصوات تعلو هنا وهناك يشتم منها النفس الانفصالي؛ او تهدد بالإنفصال صراحةً، إلا أن التوجه الوحدوي وسط اهل الشرق هو الاعلي حتي الآن، ويساعد علي ذلك الوجود الكبير للسودانيين ذوي الاصول غير الشرقية بالاقليم؛ والتداخلات الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن ذلك، بجانب التاريخ الطويل والممتد لإنسان الشرق مع بقية القوميات السودانية.
غير ان المظالم التاريخية لاهالي الاقليم، وتردي الاوضاع الاقتصادية، ونموذج حق تقرير المصير لجنوب السودان، وربما أيضاً بعض الاجندة الدولية والاقليمية كلها عوامل تشكل أجراس إنذار تقتضي التعامل الجاد معها والبحث عن حلول ومخارج جدية.
وفي ظل حالة العجز والفشل المصاحبة للسلطة في الخرطوم الآن وغياب اي امل للحل قبل حدوث تغيير جذري في المركز، يقع العبء علي كاهل المنظمات والناشطين ذوي التوجه الديمقراطي، حيث ان عليهم زيادة درجات التنسيق بين فعاليات الاقليم المختلفة مع ناشطي المركز والاقاليم السودانية الاخري وإخراج الشرق من الحالة القريبة للعزلة التي يعيشها، لان حالة العزلة والغياب القومي للشرق ستكون البوابة للافكار المتطرفة والإنفصالية.
8 علاقات الجوار الاريتري :
يبلغ طول الحدود الارترية مع السودان حوالي 605 كلم تغيب عن معظمها العوائق الطبيعية. ويرتبط اهالي وقبائل الشرق بصلات اجتماعية وثقافية متجذرة مع الكثير من نظرائهم في ارتريا.
وطوال سنين الثورة الارترية الثلاثين (61 1991) وفد للسودان اعداداً كبيرة من الارتريين الفارين من الحرب في بلادهم، واندمج الكثير من السودانيين بشكل مباشر اوغير مباشر ضمن فصائل المقاومة الارترية، ويمكن اعتبار الثورة الارترية تاريخاً مشتركاً للشعبين.
بعد استقلال ارتريا شكل السودان حضوراً فاعلاً في اجندتها، وساهمت بفعالية في دعم لامحدود للتجمع في سنين التسعينيات، ووقعت في عاصمتها اسمرا فيما بعد اتفاقية سلام الشرق (14 اكتوبر 2006).
ونظراً لموقعها الجغرافي المتميز للسودان تمثل ارتريا اهمية بالغة للامن السوداني؛ ليس في شرقه فحسب بل حتي لوسط السودان، حيث تقع العاصمة السودانية الخرطوم جغرافياً في شرق السودان وليس وسطه كما يسود الاعتقاد (يقع وسط السودان علي بعد اكثر من 600 كلم غرب الخرطوم في المنطقة التي تقع فيها مدينة الابيض) ولا تتجاوز المسافة في بعض النقاط بين الحدود الارترية والعاصمة الخرطوم اكثر من 200 كلم وهي مسافة يمكن الوصول اليها احيانا في مديً زمني لايتجاوز الساعتين.
وتمسك ارتريا بكروت قوية تمكنها من التاثير الفاعل في الشرق، وتتمتع بعلاقات جيدة ومعرفة باطياف المعارضة والمكونات الاجتماعيه والثقافية المختلفة، بجانب علاقاتها مع الطرف الحكومي.
وبعلاقاتها القوية هذه؛ ومع حالة الإحباط والاستياء السائدة بالشرق تستطيع الآن إجتذاب معارضين لنظام الخرطوم من أبناء الشرق وتهديد الامن في الاقليم، كما يمكنها ان تساهم بالمقابل في التوفيق بين النظام ومعارضيه كما فعلت من قبل في إتفاق سلام الشرق، ويخضع كل ذلك لقوة او ضعف علاقتها بالخرطوم.
وكانت اصوات عديدة قد وجهت إنتقادات للوسيط الإرتري تحمله فشل تنفيذ إتفاق سلام الشرق. وبينما لايصدر في الغالب ردود إرترية علي المستوي الإعلامي علي هذه الإتهامات، يبرر مسئولين ارتريين في لقاءات مغلقه الامر بعدم ورود اي شكاوي لهم من طرفي الإتفاقية بصعوبات تواجهها، والإعلان المتكرر لقيادات جبهة الشرق بإن تنفيذ الإتفاقية يمضي بصورةٍ جيدة، لتنتفي بذلك ضرورة تدخلهم كوسيط.
ويشير مراقبون إلي حالة إستياء وسخط إرتري صامت علي المواقف السودانية، حيث تحتفظ الخرطوم بعلاقات إستراتيجية مع اديس ابابا عدو اسمرا اللدود علي كافة الاصعدة الامنية والاقتصادية والسياسية وتصل الكثير من البضائع لاثيوبيا عبر المؤاني السودانية، وظل السودان طوال الاعوام الماضية يمد اثيوبيا بالمواد البترولية بأسعار تفضيلية، ويقوم بالتضييق علي المعارضة الاثيوبية التي تدعمها اسمرا والسماح للاثيوبيين بحرية الحركة في مساحات واسعة علي الاراضي السودانية المحاذية لارتريا، كما يقف السودان في غالب الاحيان مع اثيوبيا في المحافل الدولية والإقليمية.
وتبدو اسمرا مترددةً في دعم المعارضة السودانية وتكرار تجربة التسعينيات، بسبب ضغوط دولية عليها ارسلت لها رسائل تهديد مباشرة بعدم فتح جبهة جديدة ضد السودان والتلويح بسلاح العقوبات ضدها من مجلس الامن، بجانب ضعف ثقتها في المعارضة السودانية التي لم تستطع طوال السنين الماضية إثبات جدارتها وبالتالي فإن فتح اي جبهة جديدة سيكون مغامرةً تؤدي لخسارة الخرطوم والدخول معها في مواجهة دونما اي عائد واضح في المقابل.
غير ان مراقبون يشيرون لحالة إنزعاج ارتري من وجود القوات الاثيوبية في ابيي، حيث يري الارتريون ان هذا مدخل لوجود اثيوبي طويل في السودان بدعم وغطاء من العالم الخارجي، وفي اكثر من مناسبة غير رسميه صرح مسئولين إرتريين أنهم يقفون مع وحدة السودان ولن يتدخلوا في شئونه الداخلية ولكنهم لن يقفوا مكتوفي الايدي في حالة ظهور بوادر تفكك الدولة السودانية وإستمرار التدخل والوجود الاثيوبي في السودان وتوسعه، بما يعني أن عودة التوتر والتصعيد محتملٌ في أي لحظة.
9 مقترحات لادوار المجتمع المدني المحلي والعالمي والإعلام في معالجة أزمات الاقليم :
1 عقد مؤتمر يناقش الاوضاع الانسانية، وتسليط الضوء الاعلامي علي الاوضاع المتردية في كل المناطق؛ والارياف تحديدا، ودعوة المنظمات المحلية والدولية لاغاثة المنطقة.
2 مطالبة المنظمات الدولية والامم المتحدة بالتدخل العاجل لفك الحظر الامني المفروض علي منطقتي جنوب طوكر وريفي كسلا، وضمان وصول المساعدات وحرية الحركة للاهالي والاعلام.
3 عقد ورش عمل لفاعلين ومهتمين بقضايا الشرق لتقييم تنفيذ اتفاق سلام الشرق بعد إنتهاء اجله ومرور ما يزيد علي خمس سنوات منذ توقيعه.
4 تصميم وعمل برامج اعلامية وورش ودورات تدريبية تهدف لزيادة درجة الإرتباط بين ابناء / بنات الشرق مع بعضهم، وربط قضية الشرق بقضايا السودان المركزية الاخري لمواجهة المد العشائري والقبلي الذي ترعاه السلطة، والتوجهات والنزعات الإنفصالية النامية.
5 دعم القيادات الشبابية الصاعدة؛ ذات المفاهيم الديمقراطية الوحدوية للنهوض بمجتمعاتها، وحل ازمة القيادة التي يعاني منها انسان الشرق.
6 تصميم برامج ومشاريع لدعم المرأة بالشرق، وضمان مشاركتها في كافة مناحي الحياة.
6 التركيز علي شريحة طلاب الجامعات المتزايدة والمنتظمة في روابط وجمعيات كرأس رمح لعملية التغيير، ورفع قدراتها ودعمها لتقوم بدورها.
* صحفي وناشط في قضايا الديمقراطية وشرق السودان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.