لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شرق السودان : أجراس الإنذار قبل الاخير
نشر في سودان موشن يوم 29 - 04 - 2012

احاول من خلال هذا المقال المطول إلقاء الضوء علي قضايا رئيسية ذات أهمية وإرتباط
بالاوضاع في شرق السودان، وهي رؤوس مواضيع في إعتقادي لابد لكل من يريد استيعاب وفهم مايجري هناك بشكل جيد الإطلاع عليها.
غير أنه لابد ان اذكر أنني لا اغطي القضايا التي ذكرتها بشكل متكامل، لان هذا عمل يحتاج لجهد جماعي، كما أن كل عنوان من العناوين الموجودة هنا تحتاج لبحوث واوراق كاملة لتغطيتها.
وبحكم كوني احد أبناء هذا الاقليم واتجول بإستمرار في معظم مدنه وقراه وعلي تواصل مع اهله وأتابع كل ما يتعلق به، اجزم ان المعاناة وبؤس الحال الذي يعيشه الاهالي هناك لا نظير له إلا في مناطق قليلة من العالم، والسؤال الذي يقفز للذهن هنا : لماذا إذاً لايعرف السودانيون في المناطق الاخري، والعالم الخارجي ذلك جيداً ؟.
بالفعل السؤال محير خصوصاً إذا وضعنا في الإعتبار وقوع الشرق علي مقربة من مركز السودان ومدنه وطرقه الرئيسية، علي النقيض من مناطق الهامش الاخري مثل دارفور او جبال النوبة التي تبعد كثيراً عن المركز.
ولكن ما أستطيع قوله في محاولة الإجابة علي السؤال هو ان هناك غياباً كاملاً لاجهزة الإعلام والتوثيق، وإنتشار الامية بمعدلات مرتفعة في الارياف، وغياب التأهيل والمهارات عن الاجيال الجديدة التي نالت قسطاً من التعليم، يساعد علي التعتيم وغياب المعلومات.
كما ان توسع مدن الشرق والزيادة في معدلات عمرانها يعطي إنطباعاً خاطئاً عن الوضع في الاقليم (بورتسودان النموذج الامثل لذلك حيث التناقض السافر ما بين وسطها ومدن الصفيح الضخمة علي اطرافها وفي ارياف البحر الاحمر عموماً).
وعلي هذا فإن هدفي من المقال والمرتبط بسلسلة من الانشطة في مجالات اخري تتعلق بالاقليم مع جيل شاب يتطلع لفجر جديد لفت الانظار للغائب عن علم الكثيرين، وقبل ذلك وبعده توفير المعلومات وتوجيه انظار الباحثين في الملف نحو الوجهة الصحيحة، واستهدف بذلك وبشكل اساسي المجتمع المدني والإعلام داخل السودان وخارجه.
وكل أملي أن يجد المنسيين علي هامش التاريخ هناك في جلهنتي وتلكوك وقوز رجب وكل ارياف وحواضر الشرق حظهم في الحياة والعيش الكريم، وأن يرد إليهم إعتبارهم كجزء من هذا الوطن الذي قدموا له كل ما يملكون ولايريد حكامه لهم حتي مجرد (أن يتركوهم يعيشوا بسلام).
والمقال مقسم لتسعة نقاط مسبوقة بتمهيد وهي :
1 حالة الاستقرار ومهدداتها
2 تنفيذ اتفاق السلام
3 حقوق الانسان
4 القوي الرئيسية الفاعلة في الاقليم وتاثيراتها
5 النظام القبلي والعشائري
6 الاحتلال المصري والاثيوبي لحلايب والفشقه
7 قضية شرق السودان في سياق ازمات السودان الاخري
8 علاقات الجوار الاريتري
9 مقترحات لادوار المجتمع المدني المحلي والعالمي في معالجة أزمات الاقليم
تمهيد :
يضم شرق السودان ثلاثة ولايات من اصل 17 ولاية سودانية، وهي البحر الاحمر، كسلا، والقضارف.
تمتد الولايات الثلاثة علي مساحة تقدر بحوالي 326.703 كلم مربع (تساوي مساحة دول ايرلندا، الدنمارك، هولندا، سويسرا، بلجيكا، قطر، لبنان، اسرائيل، رواندا، الكويت، جامايكا، فلسطين) وتشكل قرابة ال 18 % من المساحة الكلية للسودان 1.882.000 كلم مربع تبدأ من حلايب وقرورة شمالاً وتنتهي بالخياري في ولاية القضارف.
ويجاور الاقليم ثلاثة دول وهي مصر، ارتريا، اثيوبيا. كما يقع كل الساحل السوداني المطل علي البحر الاحمر والمقدر طوله ب 820 كلم ضمن حدود الاقليم، وبالتالي فإن كل منافذ الدولة السودانية البحرية تقع ضمنه، وهو ساحل ذو أهمية بالغة لقربه من مضيق باب المندب وإطلالته علي عدد من الموانيء الخليجية البترولية.
ويقدر عدد سكان الشرق بحوالي ستة ملايين نسمة (مع الإشارة الي أن الاحصاء السكاني الاخير ابريل 2008 صاحبته الكثير من الاخطاء ويشكك الكثيرون بالشرق وعموم السودان في نتيجته) .
ومن الناحية التاريخية فإن سكان المنطقة وملكية الارض تعود لقبائل البجا التي يختلف المؤرخون حول اصولها، إلا أن الرأي الراجح أنهم خليط من الاقوام الحامية والسامية، وتأثروا بالدماء الوافدة اليهم من شرق ووسط افريقيا والهند والجزيرة العربية، بجانب احتكاكهم الكبير وعلاقتهم الوطيده بجيرانهم شعبي النوبة واكسوم.
وتنقسم هذه المجموعة الآن لعدد من القبائل (اشهرها الامرار، البني عامر، الهدندوة، البشاريين، الحباب، الحلنقه) تتحدث لغتي البداويت والتقري.
كما أن هناك مجموعات اخري ذات تاريخ طويل وممتد ايضاً، منها مجموعات افريقية نيلية، والقبائل ذات الاصول العربية مثل الشكرية واللحويين والضباينه، والمجموعات ذات الاصول الشماليه التي بدأ توافدها للاقليم منذ منتصف القرن التاسع عشر مع نشؤ الطريقة الختميه والدوله التركيه، وقبائل الهوسا والفلاته، بجانب المجموعة النوبية التي تم تهجيرها من اراضيها في حلفا باقصي شمال السودان في العام 1964 واختيرت لها منطقة في اقليم البطانة أطلق عليها مسمي حلفا الجديده.
ومنذ منتصف ستينيات القرن الماضي، ومع حالة الجفاف ونقصان الموارد التي شهدها السودان والمشاريع الزراعية والصناعية التي تم إنشاءها في الشرق، تدفقت علي الاقليم هجرات بشرية كبيرة، بحيث ان نسبة السكان من غير البجا باتت تشكل ما يقارب النصف، يسيطرون علي مفاصل النشاط الاقتصادي، وهو ما يؤدي لحالة احتقان وسط البجا الفقراء الذين يعتقدون ان هناك خططاً وسياسات منظمة تعتمدها الدولة المركزية ضدهم ادت لإفقارهم رغم كون إقليمهم هو الاغني والاكثر ثروة وعائداً للدولة.
1 حالة الاستقرار في الشرق :
لعقود طويلة ظل شرق السودان نموذجاً للاستقرار ومنطقة جذب للسكان من داخل السودان وخارجه، ولم يشهد اي احداث او عوامل تهدد السلام والإستقرار الإجتماعي، سوي بعض الحوادث المتفرقة الناتجة من الصراع الإرتري الإثيوبي؛ وخلافات الفصائل الارترية.ومن ابرز المؤشرات علي حالة السلم والإستقرار التي كانت سائدة في الشرق النمو والتوسع القياسي فيحواضره؛ بحيث تشير بعض الدراسات الي ان مدن القضارف، كسلا، وبورتسودان تعتبر الاكثر نمواً في السودان وجذبا للسكان من مختلف الاقاليم، ومن خارج السودان.
مع ملاحظة ان حالة النمو والتوسع هذه في مدن وحواضر الشرق لا تلغي حالة الغياب شبه الكامل للدولة ومؤسساتها المدنية عن تنمية الارياف (التي تقطنها الغالبية المنحدرة من قومية البجا وتعاني من تناقص مستمر في سكانها).
ومع أن الشرق مر بعد الاستقلال بعدد من التحديات مثل إمتدادات الصراع الارتري الاثيوبي لداخله كما اسلفنا، وجفاف ومجاعة العام 84، إلا أن الصراع الدموي الذي دار بين قوات التجمع الوطني ونظام الانقاذ في منتصف التسعينيات يعتبر نقطة تحول رئيسية فيما يتعلق بحالة الاستقرار في الشرق، حيث دارت الحرب علي مساحة تجاوزت الخمسمائة كلم علي طول الشريط الحدودي مع اثيوبيا وارتريا، وادت لنزوح اعداد كبيرة من الاهالي من مناطقهم، ولاضرار اقتصادية واجتماعية بالغة.
وعقب اتفاقيات نيفاشا والقاهرة واسمرا ( 2005، 2006) توقفت الحرب تماما في الاقليم، وسادت حالة من الهدوء في المنطقة.
وبينما يعتبر ايقاف الحرب في الاقليم لدي الكثيرين الانجاز الوحيد الملموس لاتفاق سلام الشرق، فإن هذا الإنجاز الان معرض لتهديد حقيقي بسبب فشله في تحقيق هذه الغاية.
ومن ابرز التحديات الآن للاستقرار بالاقليم :
1 تصاعد معدلات الفقر المدقع؛ والذي يصل لحد المجاعة في بعض المناطق، ليشكل بذلك تربةً خصبه للداعين لتمرد جديد في الاقليم
2 الغياب السياسي والثقافي الفاعل لاهل الشرق عن مراكز إتخاذ القرار في المركز والاقليم، الامر الذي يخلق حالة احتقان ومرارات كبيرة وسط المثقفين والقيادات
3 إنتشار معدلات البطالة العالية وسط الشباب والخريجيين
4 عدم معالجة ملفات انتهاكات حقوق الإنسان وآثار الحرب للمناطق الحدودية (95 / 2005)، واحداث 29 يناير 2005 ببورتسودان (التي راح ضحيتها 28 شخصا).
5 تجارة الاسلحة المتجهة للفلسطينيين، والوافدة من دول اخري وتتخذ من اراضي الشرق ممرات ومعابر، وتم خلال الاعوام الثلاثة الماضية توجيه عدد من الضربات الجوية لها من جهات مجهولة. الامر الذي يسلط الاضواء علي المنطقة باعتبارها حاضناً وممراً للارهاب، ومايترتب علي ذلك من نظرة امنية بحتة للمنطقة .
6 تصاعد تجارة البشر، والتجارة بالاعضاء البشرية، والإختطافات التي سجلت تصاعدا وارقاما قياسية خلال الاشهر القليلة الماضية، واصبح بعض سكان شرق السودان ضحايا لها، بعد ان كانت في بدايتها تقتصر علي الارتريين الموجودين بالسودان.
وبينما اعترفت الحكومة السودانية رسميا بوجود الظاهرة، واصدرت ولاية كسلا تشريعا لمناهضتها، إلا أن الظاهرة في زيادة مستمرة، وليس من المستبعد أن تؤدي لحرب في الشرق بالنظر للنظام القبلي السائد في الاقليم (والارياف تحديدا)، وإنتماء معظم مجموعات الخاطفين لقبيلة واحدة.
ويرتبط هذا الملف ارتباطا مباشرا بالانتشار الكثيف للسلاح وإمكانات الحركة المتوفرة في منطقة قبيلة الرشايدة غرب كسلا.
7 وجود المسلحين في مثلث الفشقة ومنطقة حمداييت الاستراتيجية (وهي اراضي سودانيه تربط بين اثيوبيا وارتريا والسودان) التي تعتبر مسرحا اضافيا للصراع الارتري الاثيوبي. ويرتبط بهذا الملف ايضا ظاهرة الشفته الاثيوبيين الذين يقومون بنهب الرعاة السودانيين ابقارهم.
وقبل ايام نقلت وسائل الاعلام اخباراً عن مقتل خمسة مواطنين وإصابة عدد آخر ونهب اعداد كبيرة من الماشيه (صحف 12 ابريل 2012)، كما تعرض موكب والي القضارف كرم الله عباس الشيخ لإطلاق نيران كثيفة بواسطة هذه العصابات (8 ابريل 2012). وتتكرر هذه الحوادث بإستمرار ولايتم عكسها علي المستوي الإعلامي إلا في حالات نادره ترتبط غالباً بالتوتر في العلاقات بين السودان واثيوبيا.
8 الانتهاكات التي تقوم بها شرطة مكافحة التهريب في عدد من المناطق ابرزها ريفي كسلا وادت لمقتل الكثيرين؛ وحدوث احتكاكات بين الشرطة والاهالي في مرات عديدة علي تلك الخلفية.
9 الإحتلال المصري لمثلث حلايب شمالاً، وإستمرار الاحتلال والتوغل الاثيوبي المستمر للاراضي الزراعية بولايتي القضارف وسنار، وطرد سكانها الاصليين
10 التهجير المتوقع خلال الاشهر القادمة لسكان منطقة ودالحليو بسبب إنشاء سد سيتيت، ورفض الاهالي لمغادرة المنطقة في ظل عدم وجود تعويض مناسب والمؤشرات حول بداية توزيع الاراضي الزراعية لوافدين ومستثمرين
11 المليشيات القبليه المسلحه بواسطة الحكومة في عدد من المناطق أبرزها همشكوريب، ريفي كسلا، القاش وبعض ارياف القضارف. حيث تقوم هذه المليشيات بإرهاب الاهالي المخالفين لتوجهاتها، ويتخوف أن تكون سبباً في زيادة التوترات بين القبائل في اوقات النزاعات الاهلية
2 تنفيذ اتفاق سلام الشرق :
تم توقيع اتفاق سلام الشرق بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم وجبهة الشرق التي كانت تحمل السلاح بوساطة دولة ارتريا وفي عاصمتها اسمرا في 14 اكتوبر 2006، ليضع حدا لعشر سنوات من الصراع في الاقليم.
وعلي نسق اتفاقية نيفاشا، يتكون اتفاق الشرق من ثلاث بروتكولات وهي السلطة، الثروة، والترتيبات الامنية.
وبينما تم تنفيذ الشق المتعلق بمنح الجبهة 60 منصبا في المستويين التنفيذي والتشريعي، وإنشاء صندوق تنمية واعمار الشرق، ودمج عدد من منسوبي الجبهة في المؤسسات العسكرية والامنية، لم تجد الكثير من البنود الجوهرية الاخري طريقها للنور، كما لم يتم تنفيذ الكثير من البنود والمقررات نصاً.
ومن أبرز البنود الجوهرية التي لم يتم تنفيذها مطلقاً :
1 المؤتمر التشاوري لشرق السودان (الفصل الرابع من الاتفاقية) الذي كان مقررا عقده بعد ثلاثين يوما من توقيع الاتفاق
2 مجلس تنسيق الولايات الشرقية (م 5 الفصل الاول) : ويضم 15 عضوا ثلاثة منهم اعضاء من جبهة الشرق، وولاة الولايات الشرقية الثلاثة، ورؤساء المجالس التشريعية، وممثلين عن الاحزاب السياسية والمجتمع المدني.
وكان مؤملا ان يكون المجلس مقدمةً ونواة لوحدة الاقليم (يعارض المؤتمر الوطني بشدة توحيد الاقليم كما كان قبل العام 89).
3 المؤتمر القومي لمراجعة الهيكل الاداري للدولة (م 5 الفصل الاول) :
وهو من المكاسب القومية النادرة لاتفاقية الشرق التي كان سيستفيد منها عموم السودانيين، وكان الهدف منه مراجعة الهيكل الاداري للدولة
4 تمثيل ابناء الشرق في المفوضيات والخدمة المدنية (م 10 و 11 الفصل الاول) :
حيث ورد في الاتفاقية نصوص مطولة عن مشاركة واسعة لابناء الشرق ومنسوبي الجبهة في مناصب مثل وكلاء الوزارات والسفراء واعضاء ورؤساء المجالس والمحكمة الدستورية والمحكمة القومية العليا وغيرها من المحاكم القومية الاخري وفي عضوية المجالس المحلية، كما لم يتم انشاء فريق الخبراء الذي كان مقررا له ان يرفع تقريره في فترة اقصاها 14 ابريل 2007 لمعالجة الخلل في تمثيل ابناء الشرق بالخدمة القومية المدنية
5 صندوق بناء وتنمية اعمار الشرق : بنهاية هذا العام تكون الفترة المحددة لاكمال الصندوق لمشاريعه وهي خمس سنوات قد انقضت (2006 / 2011).
ووفقاً للاتفاق فقد كان من المقرر ان يتم دفع مبلغ 600 مليون دولار من خزينة الحكومة غير ان مادفع فعليا وباعتراف الحكومة لايتجاوز 125 مليون دولار (فيما صرح قادة جبهة الشرق ان المبلغ في حدود 75 مليون دولار)، كما وجهت انتقادات حادة للصندوق في اولويات مشاريعه وتوزيعها الجغرافي.
6 الترتيبات الامنية : يقدر عدد المنتسبين لجبهة الشرق من حاملي السلاح بحوالي 3 الاف مقاتل، لاتتجاوز نسبة من تم استيعابهم منهم 500 مقاتل في المؤسسات العسكرية والمدنية، وفيما يتعلق بهذه الفئة فقد صاحب تنفيذ الإتفاقية عدد من الاخطاء يتحملها طرفيه منها إستبعاد عدد من الكفاءات، وغياب العدالة في توزيع الرتب العسكرية، بجانب توزيع بعض الجنود والضباط في مناطق خارج الولايات الشرقية وهي مخالفة واضحة للإتفاقية التي نصت علي دمج المقاتلين بوحدات القوات المسلحه العامله في شرق السودان، علي أن لاينقلوا من الشرق قبل مدة لاتقل عن الخمس سنوات.
ويقدر عدد المسرحين الذين لم يتم توفيق اوضاعهم بحوالي الالفي مقاتل، ينتشرون في كافة مدن وقري الشرق.
وتؤكد كل المؤشرات ان جزاءً مقدراً منهم يمكن ان يكون رصيداً لاي اعمال عنف اوعودة محتملة لحالة الحرب بسبب حالة الاحباط التي يعيشونها، وقبل اكثر من 5 اشهر صدر قرار من نائب الرئيس علي عثمان محمد طه بتشكيل لجنة لمعالجة الملف وتوفيق اوضاع المسرحين بعد شعور الحكومة بالخطر، إلا ان اللجنة لم تدخل حتي الآن في اي خطوات جدية لحل المشكلة ولم يصدر عنها اي اعلان لبرامجها.
7 تضمين الإتفاقية في الدستور القومي وتسجيلها لدي الامم المتحده : نصت الإتفاقية في فصلها السادس (م 35) بشكل واضح علي تضمين الإتفاقية في الدستور القومي لتكتسب الشرعية القانونية والدستورية، وهو مالم يحدث. كما نصت ايضا في نفس الفصل علي تسجيل الاتفاقية لدي الامين العام للامم المتحده بواسطة دولة ارتريا ولم يتم القيام بالخطوةِ أيضاً.
وبعيدا عن جدلية تنفيذ الاتفاق من عدمه وماحققه، يعتقد مراقبون ان هناك نقطة رئيسية في غاية الاهمية يحاول طرفا الاتفاق الالتفاف عليها وهي المدة الزمنية للاتفاقية التي تنتهي بقيام الانتخابات السابقة في ابريل 2010 (عدا الشق المتعلق بصندوق الاعمار).
حيث يري هولاء المراقبون ان نصوص الاتفاق واضحة في هذه النقطة، وتنص علي إنتهاء اجل الاتفاقية بقيام الانتخابات في ابريل 2010، وكان من المفترض قانونا بعد ظهور الانتخابات الجلوس بين الطرفين مجدداً وتقييم ما تم تنفيذه وما لم يتم، ومن ثم يتم الوصول لصيغة جديدة او فض الشراكة نهائيا، الامر الذي لم يحدث حتي الآن، وكل ماجري هو تفاوضات ادت لاعادة تعيين بعض قيادات جبهة الشرق في مناصب تنفيذية من حصة المؤتمر الوطني (يمكن للرئيس والولاة الآن اقالة كل منسوبي الجبهة في السلطة دستورياً لانهم لم يأتوا عن طريق الانتخابات وتم تعيينهم من حصة حزب المؤتمر الوطني).
والهدف من هذا الالتفاف بحسب هذه الرؤية هو الهروب من تقييم درجة تنفيذ الاتفاقية، وما يمكن ان يجره هذا التقييم من فتح لباب جديد ليس من مصلحة المؤتمر الوطني الطرف الاول في الاتفاق والذي يريد استمرار هذا الوضع واغلاق الباب امام المجموعات والاصوات المتشددة من ابناء الشرق، واما الطرف الثاني وهو قيادات جبهة الشرق التي تبعثرت لعدد من الاحزاب والمجموعات فإن اي مراجعة اوتغيير لهذا الوضع قد تكون واحدة من نتائجه فقدانها لمناصبها.
3 حقوق الانسان في الشرق :
فيما يتعلق بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية لاهل الشرق كما تعرفها العهود الدولية، يمكن أن نقول ان الاقليم بشكل عام؛ وأريافه بشكل خاص تعتبر الاسوأ علي الإطلاق بالمقارنة بباقي مناطق السودان، وتوثق تقارير التنمية الصادرة من المنظمات الدولية والمحلية؛ وحتي الحكومية ذلك بالتفصيل.
ويسجل الاقليم حالات إصابة مرتفعة جدا بمرض الدرن وحالات وفيات الامهات أثناء الولادة، كما تسجل الارياف تناقصاً حاداً في أعداد المواليد وحالات وفيات عاليه، وتشير عدد من الدراسات إلي أن سكان الارياف في البحر الاحمر تحديداً تقل أعدادهم بإستمرار.
اما فيما يتعلق بالحقوق المدنية والسياسية فيسجل الاقليم مخالفات وانتهاكات كبيرة لهذه الحقوق تعتبر الدولة مصدرها الاول.
وبينما يتم الكشف عن جزء من هذه الانتهاكات فإن الجزء الاكبر لا يخرج للرأي العام بسبب الحصار الذي تفرضه الدولة علي مناطق واسعة ومنع اجهزة الاعلام من العمل فيها، وضعف الوعي الحقوقي لدي الاهالي وخوفهم من السلطات.
ورغم توقيع إتفاق سلام الشرق في اكتوبر 2006 والإعلان رسمياً عن رفع حالة الطوارئ عن كل مناطق الشرق، إلا ان معظم المناطق الحدودية في الشرق مع دولتي ارتريا واثيوبيا بجانب مناطق ريفية وحضرية اخري تعتبر مناطق تطبق فيها حالة الطوارئ بشكل كامل اوجزئي.
وتبرز منطقة جنوب طوكر الواقعة جنوب ولاية البحر الاحمر كنموذج اكثر وضوحاً لهذا الوضع، حيث يتحرك الاهالي بتصاريح امنية وتفرض قيود علي حركتهم، وتمنع المنظمات والاجهزة الاعلامية من تقديم المساعدات الانسانية وتغطية مايجري هناك في الكثير من الاحيان.
وفي ظل هذا الوضع والتعتيم الاعلامي، تؤكد شواهد كثيرة ان انتهاكات حقوق الانسان في المنطقة التي بدأت مع فترة الحرب منتصف التسعينيات متواصلة، عبر الاعتقالات، وتقييد حرية الحركة، ومنع وصول المساعدات للمنطقة التي تعيش حالة وصفها بعض من زاروها بالمجاعة.
ومن حين لآخر يشهد الشرق حوادث تدلل علي ان السلطات تتعامل مع الاقليم بالذهنية الامنية الصرفة، فخلال الاشهر الماضية علي سبيل المثال اطلقت الشرطة النار في وسط مدينة القضارف علي عدد من الرعاة (سبتمبر 2011) رفضوا تنفيذ امر محلي بترحيلهم فقتلت اثنين منهم وجرحت آخرين، وفي منطقة ابورخم بولاية القضارف تسببت الشرطة في وفاة 6 فتيات غرقاً بعد مطاردتهن نتيجة لقطعهن لاشجار موجودة بالمنطقة تمنع القوانين الحكومية بالمنطقة استغلالها (اكتوبر 2011).
وفي ولاية كسلا تتوالي حوادث إطلاق النار علي من تصفهم السلطات بالمهربين، ويسقط نتيجة لذلك باستمرار ضحايا آخرهم طفل في الثالثة عشر من عمره (ووفقا لمصدر رسمي يرفض ذكر إسمه فقد قتل خلال السنين الماضية حوالي 61 شخصا برصاص الشرطة). وتؤدي هذه الحوادث لحالة احتقان عالية وسط الاهالي الذين يرون ان السلطات تهدف لخنقهم اقتصاديا عبر إغلاق التجارة الحدودية التي تعتبر مصدر دخل رئيسي للمنطقة منذ سنين طويلة؛ وسبب في استقرار الاسعار، وتوفر السلع.
كما تمنع السلطات التجمعات السلمية وتفرض حظراً علي التظاهرات، وخلال الاشهر الماضية إعتقلت عدداً كبيراً من الناشطين وفرقت تظاهرات قام بها ناشطون في مدينتي بورتسودان، وكسلا.
ففي مطلع فبراير من هذا العام ببورتسودان إعتقلت السلطات 15 ناشطاً وناشطة كانوا يطالبون بنشر نتائج التحقيق حول احداث (29 يناير 2005) وفتحت بلاغات في مواجهة بعضهم وصلت بعض موادها لحد الإعدام، لتتراجع عن ذلك فيما بعد تحت الضغط الشعبي من الاهالي الغاضبين وتحول الإتهام لمواد اقل عقوبةً.
وفي كسلا استخدمت السلطات العنف المفرط ضد شباب وطلابتظاهروا مرات عديده (اكتوبر 2011) رافضين الفقر والبطالة المنتشرة في مناطقهم؛ فيما كان بعضهم ينادي برحيل النظام، مما ادي لإصابة عدد كبير منهم بجراح وإغلاق الجامعة.
صالح عمار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.