قال لي صديقي وهو يحاورني: أنا جاد في كلامي هذا، ولا هزار. فالموضوع حساس ولا يحتمل النقاش ولا الهزل. فربما أسلوبكم الذي اتبعتموه من تعنيف وتجريح وتهكم وغلظة وشدة هو ما يزيده نفورا ويرهقه صدودا. أعلم أنكم لا تدانونه ولكن يمكن أن تتوجهوا له بالمحبة الصادقة كأخ سوداني ليس إلا. لا أقول لكم نافقوه وطبلوا له بل انصحوه بلا تصغير وأهدوه بلا تحقير ووجهوا له كل ما تتمنون من دون تصعير خد ولا تقليل قدر. قلت له إنني لن أستطيع معك صبرا!. فكيف تحسب أن هذا الأسلوب سيجدي؟. قال: لا تؤاخذني بما فكرت ولا ترهقني بأسألتك وتجعل من الأمر عسرا، وانتظرنى إلى أن أن أنتهى فسأفترق منك ولن أسمع لك عذرا. فصمت لأستمع له. فطفق يقول: طاقة التسامح والمحبة يا صديقي هي أكثر تأثيرا وقوة من طاقة الغضب والكراهية والحقد. فللمحبة طاقة إيجابية تنبع من القلب ومجال خط سيرها من القلب إلى القلب. ولكن طاقة الكراهية طاقة سلبية ولا ادري مستقرها ومستودعها. افترض أنك تعيش مع إمرة 23 عاما، زوجت لك غصبا عنك، ليس بمعنى الزواج الكاثوليكى، ولكن ألا تكفى هذه السنوات من العشرة وتخون العيش والملح. قلت فى سرى: أي عيش وملح! فهم لوحدهم قد أكلوا عيش وملح وحلو كمان وتركوا لنا التراب لسفه والترابي للعنه. وأستطرد قائلا: المشكلة ليست في البشير. فالبشير ماض في النهاية. لكن الذين أتوا به موجودون وبالعكس تعاضدوا وتقووا بحكم خلانهم فى مصر والدول المجاورة ولن يتخلوا عن الحكم أبدا. فالبشير مغرر به وزج به فى هذه المعمعة وهو لا يدرى وينظرون إليه من طرف خفي لما سيحدث له. فهم خدعوه وجعلوه كذاب أشر وأراجوز راقص وأفسدوه وفشلوه وقد صار مجرم حرب وعنصري وسباب وحلاف وسفاك ومصاص دماء ومنبوذ و…. فالمشكلة إذا في الذين أتوا به، الذين تعرفونهم جيدا ولكنكم ترونهم وتطعنون فى البشير ظلهم. فقد إلتفوا حوله هم ولفوا حوله منافقين ومطبلين وأبواق. كلهم من أمامه يشيرون إليه بالبنان ومن خلفه يشيرون إليه بالوسطى ويقولون تمتع برحلة سعيدة فى الدرجة السياحية. صمت برهة لأنى أحسست بكلامه فيه شئ من المنطق. وواصل: فهو كرئيس لا يمثلنا لأنه جاء عبر إنقلاب وسرق السلطة. فهذه الخطيئة الأولى وكل ما بعده سيكون باطل لأن ما بنى على الباطل فهو باطل. فلا أقول لكم أن تسامحوه فحسب: فحتى التسامح الكامل لا يوجب النسيان كما قال نيلسون مانديلا. فكما قلت فبالحب والتسامح قوة يمكن أن تستغلونها بجعله يتخلى عن البطانة التي حوله أولا وينقذكم من الذين أتوا به ويفضحهم ويقطع عليهم الطريق. يمكنكم أن تنشأوا صفحة على الإنترنت (الفيسبوك) أسموها كلنا عمر. صفحة إحصائية وتوثيقية. أوردوا فيها كل جرائم الإنقاذ المشئوم منذ خطابها الأول مرورا بتاريخ هوس حرب الجنوب وبداية تدهور الإقتصاد وقتل الأبرياء (مجدى وجرجس)، وبيوت الأشباح وشهداء 28 رمضان والعيلفون والمفاصلة ومجازر دارفور، وفصل الجنوب، ومحطات الفساد، وزنقة أوكامبوا و … و….. وكل المظاليم فى الصحة والتعليم وطرق التحدي. تقولون نحن الرعية المغصوب علينا ظلمتنا ونريد مصلحة البلد ومصلحتك لكى تغادر هذه الدنيا خالى من الذنوب. فبتكثيف توجيه رسائل محبة والموعظة الحسنة فلربما إقتنع بأنه خاطئ ومذنب وجرائمه لا تسقط بالتقادم ولكن تسقط بالإعتراف والقصاص. فيمكن ان يخرج بعدها على الملأ في التلفزيون ويقول أنا كان مغرر بى وظلمت وقتلت وفعلت أعمال كثيرة وفسدت وفشلت وأأمل أن أذهب لأقابل ربى نظيفا. فأعلن من موقعي هذا الاستقالة وأقيل كل من حولي وأشكل محاكمات قضائية لاسترداد حقوق المظاليم وابدأ بنفسي وأهلي وأقاربى وسأحبس كل من شارك في هذه المؤامرة على هذا البلد والشعب إلى حين أن يبت القضاء فى أمره. ولحرصي على البلد لن اتركها وسأشكل حكومة من التكنوقراط لتستلم البلد وتسيير شئونها. ومن هنا أيضا أعلن إستردادي مبلغ ال 9 مليار دولار ليحل الضائقة الإقتصادية. فإذا استطعتم ان توصلوا لقلب البشير فلربما انقذتم البلد من محنة. فها أنتم يا شاطرين قد عرفتم إستحالة مخارجته من المحكمة الدولية وأنتم من الذى سيخارجكم من تجار الدين والوطن؟. فمن الذى سياتى للحكم. انظروا لمصر والدول التى قامت فيها الثورات بمن اتت؟. فهم سياتون ثانية بعد زحلقة البشير ليتمرجح فى حديقة لاهاى. وهل المعارضة أساسا لديها وزن أو رؤية لتحكم!. فحاولوا ان تكسبوه فى صفكم وترسلوا رسائل نصح صادق بمحبة له. فكما قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم: (ما ازداد مؤمن بعفو الا عزا) أو كما قال الفاروق رضى الله عنه: لكل شئ شرف وشرف المعروف تعجيله. وادفعوا بالتي هي أحسن فلربما هي المخرج لكم. قلت له: ولكن ومن يفعل المعروف فى غير أهله يكن عليه ذم ويندم. قال لي: أتقارن كلامي هذا ببيت شعر؟ فهذا فراق بيني وبينك. قلت له عليك يسهل وعلينا يمهل ولكن مازلت أفكر فى كلامه .. !!