زيارة الوفد الثلاثي النوبي محمد أبوعنجة أبوراس، أمين بشير فلين وأزرق زكريا خريف للسودان بدعوة من رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان قد وقعت برداً وسلاماً على حكومة المؤتمر الوطني و(وقعت في الجرح كما يقول المثل السوداني) لأن الحكومة في مأزق سياسي وعسكري وإقتصادي يصعب عليها الخروج من إحداها بجلدها ولعل ما يعزز قولي هذا وعلى الصعيد العسكري هو إعتراف السيًد نافع لهذا الوفد بإستحالة الحل العسكري في جبال النوبة وعليه لابد من التفاوض. أما زعم الوفد بقيادتهم للحزب القومي السوداني فهذا محض إفتراء ولا يزال أبناء النوبة يملكون من الذاكرة ما يمكّنهم من معرفة قيادات الحزب القومي الأوفياء الذين نذروا حياتهم في سبيل النضال من أجل حقوق الشعب النوبي والذين لم تزغ لهم عين لملذات الدنيا ولا لجاهها ونحسبُ أن هذه الزيارة شخصية بحته ولا شأن لأبناء النوبة بها حيث لم تأت هذه الزيارة إلا لمصلحة ذاتية يعرفها هؤلاء الثلاثي المختلفون في رئاسة بعضهم لبعض وهم ثلاثة فكيف يريدون إدارة شعب كامل. فمن المنظور السياسي للحزب القومي السوداني فإن الزمن قد عفا عن هؤلاء الثلاثي الإنتهازي من زمنٍ ليس بقريبٍ؛ فأبوعنجة لم يتم إنتخابه للجمعية التأسيسية في العام 1986 لكونه قيادياً بارزاً أو شخصيةً نوبيةً نافذة بقدر ما جاءت به الظروف نائباً لدائرته، وكذلك ينسحب الدور على النائب أمين بشير فلين الذي أتت به الجماهير النوبية في تلك الإنتخابات ثم نال حقيبة وزارة السياحة والفنادق والتي لم يحسن إدارتها وإدارة شئون أفرادها مما أدى إلى إضراب الطهاة فيها الأمر الذي أدى به للرضوخ والتراجع عن قراراته ثم تموَّج بعد ذلك بين تيارات الأحزاب المختلفة تبعاً لمصالحه الشخصية الذاتية ثم إنه كان من الذين حلَّوا بفنادق أسمرا مع بعض رفاقه من الحزب القومي السوداني ( حيث نَصَّب نفسه لواءً) وتعارضت لعبة المصالح والجشع بينه وبين محمد حماد ومنير شيخ الدين وآخرين مما أدى إلى قفل وتشتيت معسكر أبناء النوبة من قبل السلطات الإريتريةً وقتذاك. إن هؤلاء النائبان لم يستطيعا حماية الذين أتوا بهم للبرلمان إبَّان الديموقراطية ولم يستطيعا حتى إدراج قضية التصفيات والإعدامات التي نالت الكوادر النوبية وخيرة المناضلين منهم لجلسات البرلمان لمناقشتها ناهيك عن إيقافها فكيف لهم اليوم بمحاورة المؤتمر الوطني وأباليسها؟؟ فماذا قدم هؤلاء لقواعدهم تلك من مكافأة،؟ أهي عودتهم الآن بعد عجاف السنين لمحاورة من يزهق ويبيد أهل قواعدهم الذين علَّوا من قدرهم؟؟ فأين الأخلاق وأين الشهامة فيكم أم أن زينة الدنيا قد أعمت بصائركم وذهبت بنخوتكم!! أما ثالث القوم أزرق زكريا خريف فقد عاش هو الآخر في أسمرا ممثلاً للحزب القومي السوداني في التجمع والكل يعرف أنَّ ذلك التجمع ما خُلِق إلا لمقاتلة ومنازلة الجبهة القومية الإسلامية بغرض الإطاحة بها بعد إستلابها ووأدها للديموقراطية، فهل كانت تلك المنازلة باللسان؟ ألم تكن بالبندقية وفي الميدان؟!! يطل علينا ضعاف الأنفس من أبناء الجبال هؤلاء على شاشات الأجهزة المرئية يملأون الدنيا ضجيجاً بأنهم موفِدون من قِبَل أبناء النوبة بالخارج بعد إتمام مشاوراتهم معهم وأنَّهم بصدد إكمال الشق الآخر مع حكومة المؤتمر الوطني، يا للإفك!! أي أبناء جبال النوبة هؤلاء الذين يتحدَّث عنهم أولاء؟ أهم أبناء جبال النوبة الذين يعلمون علم اليقين بالمجاذر البشرية البشعة التي ترتكب بحق الأبرياء من أهلهم بالجبال؟ أهم الذين يعلمون بإنكار الحكومة لدخول حتى النذر اليسير من المساعدات الإنسانية الدولية للمحتاجين لها من أهلهم؟ أهم الذين تتقطَّع أوصالهم برؤية المشاهد المأساوية بأجساد أهليهم بفعل طائرات الأنتنوف؟ أم هم أولاء الذين يشاهدون الأطفال والرضع تأويهم الكهوف وليست الحضانات ولا رياض الأطفال أسوة بغيرهم؟! فأي شريحة نوبية تمثلون واية قواعد نوبية تتحدَّثون بإسمها وتتيهون؟؟ تتهمون غيركم بإرتهان إرادتهم وقرارهم لغيرِهم فهل تملكون قراركم وإرادتكم عندما إرتميتم في أحضان المؤتمر الوطني؟ إن كنتم تحترمون أنفسكم كقادة فإن القائد الحق هو الذي يتصدّى للمسئولية بشجاعة وأذكركم هنا بأنكم الذين قررتم تفويض الحركة الشعبية بالتفاوض بإسم حزبكم بعد توحيده تحت مسمى الحزب القومي السوداني المتحد في مؤتمر كاودا الجامع نحمد الله على سلامة ذاكرتنا حتى هذه اللحظة يا من تدَّعون الوطنية والإستقلالية. دعوا من إرتهنوا قرارهم لغيرهم وأروا النوبة قراركم وأستقلاليتكم الذي تمتلكون أيها الثلاثي وأتحداكم أن تفرضوا على المؤتمر الوطني الآن إيقاف قذف الأبرياء بالجبال وأتحداكم أن تقنعوهم بمجرد فتح المسارات لإيصال المساعدات الإنسانية لأولئك الأبرياء. إن لم تستطيعوا ولن تستطيعوا فإذن ماذا تملكون في جعبتكم الخاوية غير الخواء والرغاء. يتحدث هؤلاء الثلاثي عن قواعد لهم بالسودان وأنهم سوف يخاطبونهم فأين هي هذه القواعد وأين أنتم منها طيلة هذه السنون العجاف؟ ألستم أنتم الذين فررتم بجلودكم وتركتم قواعدكم من خلفكم كما يهرب القائد من ميدان المعركة تاركاً جنده للأعداء؟ ألستم أنتم الذين خرجتم من السودان هروباً من الأوضاع السياسية الإنقاذية حسب زعمكم؟ أتغيَّرت تلك الأوضاع الآن وبعد مضي ثلاثة وعشرين عاماً أو ما يزيد من حكم الإنقاذ؟ ألستم من خرجتم من السودان وطالبتم بالحماية الدولية؟ أم أصبح السودان بين عشية وضحاها الأممالمتحدة التي تَصان فيها حقوق الإنسان ويكرم فيها المرء ولا يهان؟!! إن رسالتنا لواضحة وضوح الشمس وقت الظهيرة وهي من يريد خيراً بأهلنا فعليه أولاً بوقف المعاناة اليومية من قتل وبترٍ وتشريد وغارات على أولئك الأبرياء ثم تأمين وصول المساعدات الإنسانية لهم والإعتراف بحقوق الآخرين فعندها سوف تلين القلوب والنفوس للحوار ولكننا لن نقبل بالحوار على فوهة البنادق حتى ولو كنا غير حركة شعبية، فإن الحرب التي تدور رحاها بجبال النوبة لم تستثني أحداً ولم تميِّز بين أحدٍ فإن فجائعها قد حلَّت بكل بيت وإصرار الحكومة على حسمها بالسلاح هو الذي أودى إلى هذا المصير المظلم وعليهم بتحمل تبعاتها وأوزارها. إن الهدف من وراء هذه الدعوة الآن هو إستقطاب ذوي النفوس الضعيفة والمريضة من أبناء جبال النوبة وإيقاعهم في شراك المؤتمر الوطني حتى يسهُل معهم كسر الصف النوبي العصي على حكومة المؤتمر الوطني والتي حاولت ولا تزال تحاول شق وحدة النوبة ومن ثم تفتيت هذه الوحدة و كسر الإرادة النوبية إلى الأبد. وعلينا أن نسأل الحكومة ونسأل أنفسنا ماذا جنينا من إستقطاب الحكومة لأبناء النوبة بدءً بمحمد هارون كافي ومجموعته مروراً بصديق منصور الناير وزمرته وإنتهاءً باللواء دانيال كودي وعسكره؟؟ خيرٌ لنا أبناء جبال النوبة أن نُباد ولا أن نحيا أذلاء وعلينا بالصمود حتى ننال كرامتنا وعزتنا وليذهب ضعاف النفوس وليلهثوا وراء المناصب والدنانير إن هي تبقَّت لهم وكل ضالٍ يعدو حلف ضالته فإبحثوا أيها الثلاثي عن ضالتكم بعيداً عن قواعد النوبة الشرفاء. د. النور الوكيل الزبير [email protected]