تنشر (حريات) أدناه مقال الصحفي الامريكي نيكولاس د . كريستوف المنشور بصحيفة (واشنطن بوست) 6 يونيو : فقط لو إمتلك قادتنا شجاعة مريم If Only Our Leaders Had Mariam's Guts نيكولاس كريستوف أود ، هنا ، أن أقدم للرئيس أوباما ولقادة العالم الأخرين قصة إمرأة شجاعة، مريم تية، ، لتشرح لهم كيف يسمحون لقادة السودان أن يفلتوا بالفظائع الجماعية التي تردد صداها في دارفور. ومرة أخري في السودان يتضور الأطفال جوعاً وعشرات الألاف من حالات الإغتصاب واللجوء والإساءات العنصرية والموت المتزايد والبيت الأبيض في سلبيته. كانت مريم حبلي حينما غزا الجيش السوداني قريتها التي يسيطر عليها متمردي جبال النوبة وقتل زوجها بالرصاص. غاضبة، حملت مدفع رشاش ووقفت إلي جانب المتمردين وبدأت تصلي الجنود الذين كانوا يحرقون قطاطي القرية. قالت مريم أنها غير متأكدة ما إذا أصابت أي جندي ولكنهم سرعان ما بادلوها النيران، فتوجب عليها أن تفر بجلدها. وأخيراً نزحت إلي كهف جبلي رطب حيث – مثلها مثل أعداد لا تحصي من النوبة – تستشعر قليل أمن من القصف العشوائي بالطائرات الحربية الحكومية . عند آوان وضوعها قبل شهرين أتمته بمفردها داخل الكهف. أسمت طفلتها “فكوا" وهي كلمة مختصرة تعني: أن هناك قنابل تسقط الأن. عندما يسمع الناس طائرات الإنتينوف تسقط حمولتها يصرخون فكوا! فكوا وهي الإشارة للإحتماء خلف الصخور والأمل في النجاة. قالت لي مريم وهي تلاعب طفلتها فكوا أمام كهفها " عندما كانت هذه الطفلة في بطني كنت أهرب من القنابل، ولذا أسميتها فكوا لكي إتذكر ما خضناه لتولد" وأضافت " لو رأيت العدو ثانية ساربط هذه الطفلة علي ظهري وأحمل بندقية وأقاتلهم". يمكن لزعماء العالم أن يفعلوا شيئاً بالإستناد علي هذه الأحداث، وبدلاً من ذلك يقولون القليل ولا يفعلون شيئاً تقريباً ، بينما الرئيس عمر حسن البشير يقصف يومياً _ولمدى عام حتي الأن- مناطق جبال النوبة ومناطق النيل الأزرق ويمنع دخول الغذاء ويطرد منظمات الإغاثة ويحاول القضاء علي الشهود. لقد دخلت بصورة غير شرعية عبر طريق ترابي من جنوب السودان ، ووجدت كما ذكرت في عمودي الأخير مئات الألاف من أهالي جبال النوبة بدون غذاء ويكافحون للبقاء بواسطة أوراق الأشجار والجذور البرية والحشرات. وإثناء تجوالي في الأنحاء، وجدت المتناقضات المفجعة. واحدة منها: أجريت مقابلات مع عوائل فقيرة مختبئة في الكهوف ويأكلون أوراق الشجر والحشرات، تقاطع حوراتي معهم قوات الحكومة السودانية أو طائرات الأنتينوف فوق الروؤس. ومعظم قنابل التي يتم إسقاطها قنابل مضادة للأفراد ملؤها الشظايا، وأحياناً يسقطون قنابل عنقودية. قالت لي إمرأة تدعي اسيا الأحمر أن والدتها ماتت جوعاً وبعدها أسقطت الحكومة قنبلة هبطت مباشرة علي السقف البلدي لمنزل العائلة بينما أختها داخله. وأضافت " كل ما إستطعناه إلتقاط أجزائها وجمعها في حقيبة بلاستيكية ومن ثم قمنا بدفن الحقيبة" تباين تفجير قنبلة من القرن ال21 في إمرأة قروية في قطية طينية تقليدية يعبر لحد كبير عن الهول الذي لم يكشف عنه حتي الأن في جبال النوبة. ويبدو أن نفس القصف والموت جوعاً يحدث في منطقة النيل الأزرق المجاورة. ما يجبر عشرات الألاف للفرار لجنوب السودان. تباين أخر بين مقدار خجل ومبالاة قادة العالم وبين شجاعة أهالي النوبة أنفسهم . مثلاً حماد دوربيت ذو ال39 ربيعاً قسيس الكنيسة المشيخية الأنجيلية. منذ أثني عشر عاماً في هذا البلد الذي يهيمن عليه المسلمين وفي حملة معاداة المسيحية، بدأت السلطات في إعتقال حماد لقرعه جرس كنيسته ووعظه لرعيته. وفقاً لروايته وجيرته يتم القبض عليه كل أحد ويضرب ويعذب لعدة أيام. كل أحد وبعد بضعة أيام من الإستشفاء ، يشق طريقه عائداً للكنيسة يقرع الجرس ويبدأ خدمة جديدة. فتحضر الشرطة وتجره خارجاً لمزيد من التعذيب. في ذات مرة أطلقوا عليه النار وشارف الموت. بعد شهر وحين إستطاع ان يتحرك ثانية وفي صباح أحد جذب نفسه من السرير وذهب للكنيسة وبجرأة قرع الجرس لتقديم خدمة جيدة. بعدها بفترة وجيزة وقع إتفاق للسلام ،وأوقف الإضطهاد، وقد يكون أنقذ حياته. ولكن وفي هذه الأيام يكافح القس حماد مرة أخري للبقاء علي قيد الحياًة. ومثل معظم أبناء رعيته يذبل ولا يجد ما يقتاته عدا أوراق الأشجار والجذور والحشرات.وطبعاً هذه مجاعة مصممة حكومياً: في السودان (التجويع) فعل متعد. حماد لا يسأل المساعدة، ولا يشعر بالأسف علي نفسه. لكن أيها الرئيس أوباما: وددت أن أفسر له لماذا سمح العالم لهذا أن يحدث دون حتي ،ولو، يتحدث بقوة. ولكن لم أعرف ماذا أقول.