من أين أتى هؤلاء؟. بعد 23 عاما من القرف والدمار أفتكر إلي هنا ينتهي تساءل أديبنا الكبير الطيب صالح رحمه الله وطيب ثراه لنسأل سؤوالا آخر. سيقفز بعض المتشددون الواهمون بأنهم يمتلكون مفاتيح الجنان وصكوك الغفران بالتلويح بغمزات الترهيب ولمزات وعيد التعذيب و يقولوا كيف تتجرأ بسؤوال مثل هذا؟. فهؤلاء هم أس تخلفنا بتحجيمهم لحدود العقل ولجمهم لعنان النفكير. فإذا إنعتقت إتهموك بالتكفير. يختزلون الدين في الحلال والحرام و يحيلون الإيمان إلى العقائد أو الدوجما أو الدائرة المغلقة التى لا تحتمل التفكير. يصدقهم الناس و يشعرون بالذنب لأنهم يفسرون أن سبب خراب حياتنا بالابتعاد عن الله لا فى سيطرة الباطل بإغتصاب الحكم أو إفساده للحياة بسياساته القذرة التي تصنع الفقر وتصيب الأغنياء بالتخمة. فلا تركنوا لهم ولا تهتموا. فكلما كانت تساؤلاتك وحديثك وكلامك ومناجاتك مباشرة مع الله سبحانه وتعالى وحده كلما كان كليمك وخليلك إلى أن يكون حبيبك. حتى الملائكة الذين لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون بادروا بسؤوال: ((أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك)). فتبارك الله أحسن الخالقين، لنا حق التساءل: لماذا خلق الله الحيوانات المتوحشة والقاتلة؟ لماذا خلق الله الحر القائظ والبرد القارص؟. لماذا خلق الله البشر الشريرين والنوع المؤذي منهم؟. وإجابتنا مباشرة لحكمة يعلمها الله أو الله أعلم. ونعم بالله ولكن الإيمان سؤال لا ينقطع يدعوا إلي التفكير المستمر لمعرفة قدرة الله عز وجل وملكوته. ويا سبحان الله نريح عقولنا ونفترض دوما الجهل وعدم الرغبة في المعرفة وهو يقول: ((وأتقوا الله ويعلمكم الله..))، ((قل سيروا في الأرض فأنظروا))، ((أفلا تتفكرون))، ((أفلا تعقلون)) .. وأقصى ما نفعله هو اللجؤ لإجابات مسبقة Ready made.. وبذلك نكون قد إقتنعنا بكمال إيماننا ووقفنا سيرنا في طريق الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. فالله سبحانه وتعالي يريد بنا ولنا الخير ويريد أن يرى مدى إجتهادنا. وبمزيد من إتساع العقل ومعرفة الله عز وجل نقول إن الله خلق الكون كمنظومة محكمة.العلماء من قبل كانوا يقولون أن هناك عالم واحد فالآن يتحدثون عن عدة عوالم Multi Universe. وهذا كله لأن الله أكبر وكلما تعمقنا نجد أنفسنا نفكر ثم نفكر ثم نفكر. بل وأحق لنا السؤال لنهتدي به والشاهد ذلك العالم المسلم الموسوعي في العلوم الإنسانية اللغوية والعقلية والبحتة (الفيزياء، الرياضيات، الطب) الفخر الرازي الذي قيل عنه أنه يعرف الف دليل ودليل على وجود الله تعالى. وكما يقول سبحانه تبارك وتعالي: ((ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى)) [الروم: 8]، ((الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أحسن عملا)) [تيارك: 2]، ((أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون)) [المؤمنون: 115]. ففي حدود تفكيري أن الله خلق كل شيئ علي صواب الفطرة. وخلق معها الأصل والصورة، الحلو والمر، الفرح والحزن، الخير والشر، الحق والباطل، الطيب والخبيث، العدل والظلم، الضيق والفرج، الكبت والحرية، الذل والكرامة .. إلخ وكل الأضداد للإبتلاء والإختبار والإجتهاد والتعقل وترك لنا حق الإختيار لنهتدي لأحسن الأعمل ونرجح كفة الصواب. فنوعية بشر الكيزان أو ما يسمون أنفسهم بإسلاميين فرصة طيبة للإجتهاد في أن نبرز الإسلام الصحيح دين الفكر والإنطلاق وبمدي تمسكنا بأخلاقنا و قيمه الحنيفة ليتميز الزبد عنما ينفع الناس. فالحمد لله الآن عرفناهم حق المعرفة بل ومعرفة البطن للجوع. عرفنا حقا الفرق بين مسلم و إسلامي وأن الدين لله والدولة للوطن، والإسلام للأفراد ولا دينية للوطن، و العبادات أشياء شخصية ولكن الكرامة للإنسان. وأن الإسلام السياسي مجرد كلمة لا تعني الدين ولا المسلمين، بل هي جماعات سياسية تستخدم الإسلام اسما لتفزيع الند وتحجيم الضد وإستقطاب البقية بشعار جذاب أهدافه الشعبية والشرعية والحصانة والسلطة. ولكنهم للأسف للآن لا يفقهون سر تنوع البشر وإختلافهم ويمارسون الإستعلاء والإقصاء بأساليب القمع والقهر والتعذيب ويعتقدون أنهم أتون من السماء. لأن لب فكرهم ونظريتهم دوما تسكير العقل والبقاء للأغبى.