أحمد عوض الكريم محمد ….. مجلة اللافتة ….. في إطار الاحتجاجات التي عمت السودان ضد الغلاء المعيشي والازمة الاقتصادية الطاحنة التي أرهقت كاهل المواطن السوداني وتركته عاجزا يعاني الفقر والجوع وسوء الأوضاع المعيشية , كان لزاما على طلاب جامعة القضارف أن يكونوا في طليعة المعبرين عن هموم وقضايا المواطن . وحاولوا إرسال رسائل سلمية الي أذن لم يعد بإمكان أي صوت اختراق شمع الطغيان الكثيف الذي يغطيها سوى صوت الرصاص وآلات الحرب وهو وضع يناضل الجميع من أجل إبعاد شبحه عن الوطن , ولكن السدنة الجاهلة التي تدير أمور البلاد قسرا تسعى جاهدة لإجهاض كل السبل والوسائل السلمية وتضييق الخيارات في وجه الجميع . جاءت تحركات طلاب جامعة القضارف في شكل مسيرات واحتجاجات سلمية كان أولها يوم السبت 23\6\2012 حيث نظّم الطلاب مسير سلمية بصورة منظمة و راقية جدا احتجاجا علي الغلاء المعيشي و زيادة تعرفة المواصلات ومجمل الأوضاع الاقتصادية المزرية في البلاد , وما كان من السلطات إلا أن تعلن بصورة صارخة عن عجزها عن فهم الأساليب الحضارية وجهلها وتتصدى للمسيرة السلمية بعنف غير مبرر من قبل الشرطة أدى إلى إصابات مختلفة بعضها كان خطرا وقامت الشرطة ايضا باعتقال عدد من الطلاب و تسليمهم لجهاز الأمن ولكن هذا الأمر لم يضعف من عزيمة الطلاب حيث نظموا مظاهرة احتجاجية سلمية يوم الاثنين 25\6\2012 وجدت تجاوبا كبيرا وواسعا من أهالي مدينة القضارف الشرفاء حيث أخاف الحشد الضخم للمتظاهرين أجهزة المؤتمر الوطني و أذرعه الامنية التي قمعت الموطنين بقوة وانتشرت قوات الشرطة و القوات الامنية بصورة مكثفة في المدينة لإرهاب المواطنين . عدم استجابة السلطات لمطالب المتظاهرين وعجزها عن مجرد فهم الطالب بصورة واعية وحقيقية وتعاملها البدائي والعنيف مع الاحتجاجات السلمية حتمت ضرورة مواصلة الاحتجاجات السلمية لتغيير الأوضاع القاسية وهو ما حدث في مساء يوم الأربعاء 27\6\2012 حيث نظم الطلاب تجمعا سلميا احتجاجيا أمام داخلية الطلاب قوبلت بإطلاق الغاز المسيل للدموع ومحاولات الشرطة لاقتحام الداخلية بالقوة لكن محاولاتها باءت بالفشل وأفرزت حالة من الغضب وسط الطلاب من هذا الاعتداء علي حرم السكن الطلابي ، ولم يخفف من حالة السخط والغضب وسط الطلاب سوي حضور ضابط برتبة عميد من الشرطة إلى داخلية الطلاب واعتذاره عن الخطأ الذي وقع ووعد بعدم تكراره مرة أخرى . قبل الطلاب الاعتذار باعتبار أن سيادة العميد شرطه إحساسا حقيقيا بالمسؤولية وان التزاماته بوضعه القيادي و رتبته هي التزاما من الشرطة ولكن الأمر المؤسف أن ما حدث كان عكس ذلك تماما . ففي يوم الخميس 28\6\2012 و استباقا من قبل الاجهزة ليوم جمعة (لحس الكوع)29\6\2012 ومنعا للطلاب من الخروج يوم الجمعة حدث أمرا كارثيا وغير مقبول في مساء الخميس المذكور عندما تجمع عدد من الطلاب أمام الداخلية وما هي إلا دقائق معدودة حتى ظهرت قوات ضخمة وبعدد كبير من الشرطة أمام الداخلية ، وبدأت بإطلاق الغاز المسيل للدموع بصورة كثيفة جدا مما اضطر الطلاب لدخول الداخليه ، ولكن الشرطة استمرت بإطلاق الغاز المسيل للدموع بنفس الكثافة داخل حرم الداخلية ، مما خلق أجواء تصعب فيها الرؤية أو حتى التنفس داخل أسوار الداخلية الأمر الذي دفع الطلاب لدخول الغرف تجنبا للاختناق لتقتحم الشرطة بأعداد وقوة كبيرة جدا متبوعة بأفراد من جهاز الأمن الداخلية وتقوم بإخلاء الغرف برمي عبوات الغاز المسيل للدموع داخل الغرف لإجبار الطلاب على الخروج من غرفهم ، والاعتداء عليهم بالضرب العنيف واستخدام القوة المفرطة و العشوائية مما أدى إلى إصابات خطيرة جدا في جميع أجزاء الجسم وسط الطلاب ، نُقل على اثرها كثير من الطلاب إلى مستشفى الشرطة حيث تم التكتم على أعداد وأوضاع المصابين ، واقتيد بقية الطلاب وعددهم يقدر بما يزيد عن 250 طالب الي مركز الشرطة بصورة مهينة جدا ، والحق بهم في المركز بعض المصابين. بعدها قامت الشرطة بإطلاق بعض الطلاب والتحفظ علي عدد 73 طالبا بينهم مصابين تم ادخالهم جميعا الي السجن ليقضوا ليلتهم هناك ، ولم يتم الإفراج عنهم إلا يوم الجمعة ، ورافقت عملية الاقتحام مصادرة عشرات الهواتف المحمولة من قبل أفراد قوة الاقتحام حيث اختفت كل الممتلكات والأموال المصادرة وأنكرت الشرطة علمها بمصير هذه الممتلكات . وعليه نحن كطلاب في جامعة القضارف نحمل المسؤولية عن الاعتداءات علي سكن الطلاب بصورة كاملة ومباشرة للسلطات السياسية والأجهزة الامنية ونحمل المسؤولية أيضا لإدارة جامعة القضارف وإدارة صندوق دعم الطلاب اللتان تواطأتا بصورة واضحة مع الأجهزة الأمنية وغضت الطرف عن كل التجاوزات بما فيها الاقتحام الأخير للداخلية كأن شيئا لم يحدث . إن ادارة جامعة القضارف الحالية التي أهانت كل الأعراف والقيم ودنّست حرمة المؤسسات العلمية , حيث أصبحت الجامعة في ظل الإدارة الحالية وكرا ومعقلا للأجهزة الأمنية وأصبح الوجود الأمني داخل حرم الجامعة أمرا عاديا ، قام مرة أخرى بصحبة صندوق دعم الطلاب بمباركة هذا الاعتداء بالسكوت عليه . وفي الختام لا بد من تحية فخر وإعزاز لطلاب جامعة القضارف علي مواقفهم النضالية البطولية بالرغم من أن الاحداث تزامنت مع ظروف أكاديمية ضاغطة تمثلت في امتحانات نهاية العام الدراسي التي كانت تجري اثناء هذه الأحداث ، وتحية خاصة لطلاب كليتي الطب و الزراعة الذين قادوا اعتصامات سلمية في كلياتهم احتجاجا على الاعتداءات الأخيرة على الداخلية ، وتحية نضالية خاصة جدا إلى طلاب كلية الزراعة التي تم تعليق بقية الفصل الدراسي فيها إلى أجل غير مسمى ونتمنى لهم عودة مشرفة وقريبة جدا في وطن معافى لإكمال بقية الفصل الدراسي .