مجوك نكديمو ارو ………….. ظلت الحكومات العسكرية فى الخرطوم منذ 1957- 1964 و1969- 1985 وأخيرا الإنقاذ من 1989 إلى اليوم تستقطع متى ما إستطاعت من أراضى جنوب السودان وخاصة مناطق الموارد. عندما فشل الرئيس الراحل المشير جعفر محمد نميرى من ضم منطقة هجليج (بانطو) عام 1981 تحت ضغط سياسي وشعبى جنوبى، حاول الإنقاذ ضمها فى عام 2004م ولكن رفض الوزراء الجنوبيون فى حكومة الإنقاذ حال دون ذلك. وترك الإنقاذ الأمر على مضض. وعند توقيع إتفاقية السلام الشامل عام 2005م عاود المؤتمر الوطنى مجدداً ضم بانطو. وأثناء عملية التعداد السكانى المزعوم أحتل جيش المؤتمر الوطنى بانطو (56 كلم داخل جنوب السودان) والخرسانة (مجاك يط) شمال بانطو لينسحب منهما الجيش الشعبى إمتثالاً لأوامر قائدهم الفريق الأول سلفا كيير ميارديت حفاظاً على السلام وتجنب أى إشتباك مبكر تضر بعملية السلام برمتها. وإدراكاً منه أيضاً أن المؤتمر الوطنى كان يخطط لنسف الإتفاقية. حدثت تلك الإستفزازات على طول الحدود بين الشمال والجنوب حوالى 2100 كلم لمحاولة الخرطوم إعادة رسم حدود عام 1956 والسيطرة على الموارد الطبيعية. وفى عام 2008م إستشهد المؤتمر الوطنى زوراً بحكم المحكمة الدولية بلاهاى حول أبيى، بأنه منحت بانطو لشمال السودان، ولكنه أى المؤتمر الوطنى لم يقبل الحكم كاملاً. أى منطق هذا؟ الحكم أشار أن هجليج (بانطو) ليست ضمن منطقة أبيى ولكن لم تقل إنها جزء من الشمال- هذا يحدده رسم الحدود بين ولاية الوحدة الجنوبية وولاية جنوب كردفان حسب الحدود فى الأول من يناير عام 1956م . وبناءاً على ما تقدم، ترتبط مطالبة الخرطوم بالميل 14 جنوب بحر العرب (نهر كيير) إرتباطاً وثيقاً بمطالبتها بهجليج، فهى تخطط لمقايضة هجليج بالميل 14 عندما تضغط المجتمع الدولى على الطرفين. وفى النهاية ربما تقدم الخرطوم تنازلاً بالميل 14 التى لا تملكها أصلاً. وعندها سيلتفت الوسيط على جوبا ويطالبها بالتنازل عن بانطو كما تتمنى الخرطوم. وهذا لن يحدث لان بانطو ملك لشعب جنوب السودان ولن تفرط فيها القيادة فى جوبا لاى سبب كان. عندما أحتل الجيش الشعبي هجليج أجبر المجتمع الدولى جوبا على الإنسحاب إعتقاداً منه إنه أرضاً سودانياً تابع للشمال. وهنا إستشعر الجنوبيون بالخطر وتيقنوا إنهم سيفقدون بهذه الطريقة مناطق كثيرة إن لم يتحركوا سريعاً لتوضيح الموقف. إستغلت الخرطوم وجودها الإعلامى والدبلوماسى المكثف فى العالم ونجحت فى تصوير أن الجيش الشعبى أحتل أرضاً سودانياً ليس تابعة لدولة جنوب السودان الوليدة. وأرسلت جوبا الوفود إلى جميع الدول المؤثرة وشرحت لهم أحقيتها لمنطقة هجليج مدعوماً بالخرط القديمة والحقائق التاريخية عن المنطقة. وإزاء هذا التوضيح توارت الدول والأمم المتحدة خجلاً على بيانات الإدانة المسبقة التى أصدروها ضد جوبا. وشعرت الخرطوم أن وضعها باتت حرجة و حينها بدأت المطالبة بشدة بالميل 14 أملاً فى مقايضتها مستقبلاً بمنطقة هجليج التى تدرى إنها لا تملكها رغم الإدعاءات أن المنطقة ليست متنازعة عليها. وثأرت ثائرة الخرطوم عندما وضعت وساطة الإتحاد الإفريقى الميل 14 ضمن الخريطة المؤقتة لجنوب السودان لتكون ضمن منطقة منزوعة السلاح المقترحة. غضبت الخرطوم بشدة لان إقتراح الوساطة الإفريقية ستجردها من ورقة ضغط ومقايضة كما تعتقد. إن الميل 14 واحدة من مسارات الرعى العديدة التى حددتها الأنجليز لقبائل البقارة فى كردفان ودارفور وعرب الرحل فى النيل الأزرق والأبيض داخل جنوب السودان لتنظيم عملية الرعى مع القبائل الجنوب. فالسؤال الملح هل ستطالب الخرطوم بجميع مسارات الرعى داخل دولة جنوب السودان؟ والجدير بالذكر أن مدينة الكرمك كانت تتبع لمديرية أعالى النيل حتى عام 1953م ولكن الإدارة البريطانية ضمتها لمديرية النيل الأزرق. لم يطالب بها الجنوب لان أهلها لم يطالبوا بالانضمام إلى الجنوب كما فعل دينكا نقوك فى أبيى. هل كان جنرالات الخرطوم يخططون سراًَ لفصل الجنوب؟ الرئيس الراحل الفريق إبراهيم عبود ضم مناطق ومن ضمنها كفيا كنجى لدارفور عام 1961م . الرئيس الراحل جعفر محمد نميرى حاول عام 1980م ضم مناطق شمال جنوب السودان (رنك وبنتيو وراجا) إلى الشمال ولكن أحبطت وحدة الجنوب تلك المحاولة اليائسة. وسخر البرلمانى الجنوبى من الرئيس نميرى عندما تسأل: ولماذا لا يضم نميرى منطقة كبويتا الغنية بالذهب القريبة من الحدود الكينية إلى الشمال. ومنذ إستيلائه على الحكم فى عام 1989م ظل المشير عمر البشير يحاول ضم مناطق جنوبية كثيرة. ولم يقتصر هذا الشره على الجنوب فقط بل ضم هذا الجنرال جزء كبير من شمال دارفور للولاية الشمالية لحاجة فى نفس يعقوب!! هل أوحت لهم الإستخبارات أن الجنوب سينفصل أو يفصل يوماً ما وذلك عليهم الإسراع فى إستقطاع قدر كبير منه. وهذا أضعف الإيمان.