أسامة عوض الله [email protected] نادراً ما يجاهر مسئولون بالدولة سواء كانوا في السلطة التنفيذية أو صنوتها التشريعية بالمطالبة بالإسراع في فتح بلاغات في مواجهة مسئولين بالدولة و تقديمهم للمحاكمة بتهمة إستغلال نفوذهم لتحقيق مصالحهم الشخصية ، و هو الأمر الذي كشفه تقرير المراجع العام الطاهر عبد القيوم بالأدلة. و تعود مسئولية تلك الفئة من المسئولين بالدولة إلى أنهم من يصدرون التوجيهات للوحدات الحكومية التي يترأسونها بشراء مستلزمات من شركاتهم الخاصة أو عبر إرساء العطاءات على تلك الشركات. لذا فإن مطالبة المسئول بالجهاز التشريعي الدكتور بابكر التوم رئيس اللجنة الإقتصادية بالإنابة في المجلس الوطني للمراجع العام بالإسراع في فتح بلاغات في مواجهة أولئك المسئولين كانت كمن رمى بحجر ثقيل في بركة مياه ساكنة و يمتد سكونها لسنوات طويلة. و تأتي تصريحات الدكتور بابكر بعد أقل من إسبوعين على تقرير المراجع العام الذي كشف فيه أن جملة جرائم الاعتداء على المال العام خلال عام من سبتمبر 2011 م وحتى نهاية أغسطس 2012 م في نطاق الأجهزة القومية والولائية بلغت (174) مليون جنيه ، هذا عدا البنوك والمصارف. إلا أن خبيراً سياسياً معروفاً إشترط عدم ذكر إسمه ، قال لي حينما إتصلت به إن مسألة الإعتداء على المال العام ظلت تتزايد سنوياً و لا تتناقص بسبب عدم وجود ردع كافي يلجم هؤلاء المعتدين على مال الشعب “على حد تعبيره”. لكن الشاهد أن الدولة قدمت للمحاكمة قبل أربعة أشهر موظفاً كبيراً يعمل بوزارة الإرشاد و الأوقاف ، و هو أمين الأوقاف السودانية بالمملكة العربية السعودية (خالد سليمان) و ذلك في شهر أغسطس من العام الجاري. و كان أمين الأوقاف السودانية بالمملكة العربية السعودية تلاعب في الأوراق و المستندات الرسمية للوزارة و إختلس مبلغ (مليون و أربعمائة ألف ريال سعودي). و تعليقاً على هذا الإختلاس (الجامد) يقول لي خبيراً سياسياً آخر من المحسوبين على التنظيم الحاكم قال لي ضاحكاً و هو يرد على مهاتفتي له : “لا تذكر إسمي ، فتدخلني في مساءلات و ورطات لا قبل لي بها” ، قال لي : لا أنكر أن هنالك (ضعف بائن) في (الرقابة الإدارية) و (الرقابة على المال العام) ، و هو الأمر الذي يغري ذوي النفوس الضعيفة بالإعتداء على المال العام دون وازع أو ضمير ، و لهذا في ظل وجود ضعف الرقابة ، و ضعف النفس تجد موظف واحد فقط في الدولة يختلس (مليون و أربعمائة ألف ريال سعودي) .. و يختتم الخبير السياسي الوطني حديثه معي بقهقهة عالية إخترقت الأثير و و يقول لي مودعاً : تخيل مثل هذا المبلغ سينشيء كم من الصحف (الجامدة) في السودان. بالعودة لموظف الأوقاف (المختلس) نجد أنه تحصل على هذا المبلغ عبر (دفعات) بطلب من أمين عام الأمانة القومية للتصديق له ب (سلفية مستردة) لأمانة الأوقاف بالخارج و التي تتخذ من مدينة جدة السعودية مقراً لها ،على أن يقوم هذا الموظف بإعادة المبلغ فور الحصول على ايرادادت الأوقاف بالمملكة السعودية. إستلم الموظف المبلغ ووقع على (شيكات) بإسم (الهيئة القومية الإسلامية) ، و لكنه حول هذا المبلغ إلى (منفعته الشخصية) ، و لم يكتفي الموظف بهذا فقط بل إستولى كذلك على صكوك لعدد تسعة عشر عقاراً تضم عمارات وأراضى بقيمة ثلاثمائة ثلاثة و خمسون ألف جنيه سوداني. هذا الموظف هو (نموذج واحد) فقط دون شك لعشرات و مئات و أخاف (لهول العدد) أن أقول آلاف من (المختلسين) و (الحرامية) الذين أكلوا و لا زالوا يأكلون في أموال الشعب ، و هم من عناهم تقرير المراجع العام للعام الذي قدمه قبل أقل من أسبوعين ، و التقرير السنوي الذي ظل كل مراجع عام لجمهورية السودان طوال سنوات خلت بإسم (تم تجميله) (الإعتداء على المال العام) ، الذي أصبح النداء للقضاء عليه كمن يؤذن في مالطا. أسامة عوض الله مدير الإدارة السياسية بصحيفة (المشهد الان) السودانية مراسل مجلة (الأهرام العربي) المصرية بالخرطوم مقيم بالعاصمة السودانية الخرطوم [email protected] [email protected] محمول : 912364384 249 + 123787670 249 + 999782999 249 +